إنقلاب حماس شر لابد من إنهائه- حسام شاهين
إن أي نشاط إنساني في هذا الكون المترامي الأطراف، وعبر المراحل التاريخية المختلفة، فردياً كان أو جماعياً، سلبياً أو إيجابياً، سلمياً أو عنيفاً، لابد وأن يكون متعلقا بمجموعة من الدوافع والأسباب التي أدت بالقائمين عليه إلى إختيار وسائلهم التي تمكنهم من تحقيق أهدافهم، وإن كانت هذه الوسائل في بعض الأحيان إجبارية، والتي تتجلى بصورة واضحة في حالات الدفاع الايجابي عن النفس، الذي يكون بسبب اعتداء الآخر عليها بينما هي مسالمة. أو الدفاع السلبي عن النفس الذي يأتي نتيجة ردة فعل عليها بينما هي معتدية. إلا أن هذه الأدوات في معظم النشاطات الانسانية اختيارية وكل نتيجة –كحاصل لنشاطه- يصل اليها الانسان ويتأكد ثبوتها، سواء بالفشل أو النجاح، من الممكن أن تصبح في المستقبل دافعاً لفعل جديد قد لايختلف كثيراً في جوهره عن تفاصيل الحالة الأولى، ولكنه بالتأكيد سيأتي منسجماً مع أسبابه ولكن بصورة أشد قسوة أو أرقى تقدماً.
ولو تحدثنا بشكل تبسيطي مجرد عن الأمور، لوجدنا الخير يخلف خيراً، والشر ينتج شراً، وبما أن موضوع الخلاف تاريخياً لم يكن الخير، حيث لايختلف عليه أحد، وأن كان البعض احياناً يتخذ من أهمية الدفاع عنه ذريعة لممارسة الشر، إلا أن هذا الأخير هو مادة بحثنا، ولكي نفهم الموضوع من كل جوانبه علينا أن نطرح مجموعة من الأسئلة، تثير فينا الفضول لمعرفة أقرب الإجابات دقة عليها، والتي بدورها سترشدنا إلى الأرضيه الصلبة التي يجب أن نقف عليها عند الدفاع عن معتقداتنا، فمثلاً، هل الشر تربية؟ أم فعل؟ أم نتيجة الإثنين معاً؟ وإذا كان فعلا، هل هو بقرار (إرادي) أو بدون قرار (لاإرادي)؟ وهل هناك شر مبرر؟ أو لا تبرير للشر على الإطلاق؟!.
هذا جزء يسير من الأسئلة التي يمكن استعراضها، مع العلم أن الإجابة عليها أصعب بكثير من طرحها، ولكننا سنسعى جاهدين على أن تكون الموضوعية التحليلية لا المنفعة الحزبية هي الحاضرة في مختلف جوانب ردودنا عليها، وحتى لانتوه بعيداً في فضاء أوسع من دراستنا سنأخذ منحى الإيجاز والحصر بما يعنينا، لذلك فإننا نرى بأن بداية الشر كلمة كما بداية الخير كلمة، والكلمة هي بداية التربية لابداية الفعل، ولكنها تربية تؤدي إلى فعل، فإن كانت سليمة تؤدي إلى فعل سليم وإن كانت خاطئة أو ناقصة ستؤدي إلى فعل خاطئ أو مشوه!.
وعليه فإن الفعل بشكل عام نتاج التربية وإن وجد هناك بعض الاستثناءات، حيث أن العلوم الإجتماعية والدينية أثبتت أن الإنسان كائن إجتماعي بطبعه لاعدائي، والإستنتاج هنا يشير بأن الشر يحدث نتيجة الفعل الذي هو نتيجة التربية، أي أنه نتيجة ممزوجة من المسلكين معاً، وبالتالي نجد لزاماً علينا أن نوضح متى يكون الفعل إراديا، ومتى يكون لا إراديا، ويندرج في الخانة الأولى من التصنيف كل فعل اختياري ما لم يكن ردة فعل. ويندرج في الخانة الثانية كل ردة فعل اضطرارية على فعل اختياري وقع سابقاً، حتى استحالت –ردة الفعل هذه- إلى فعل بحد ذاتها، ولكنها في هذه الحالة يكون لها بعدين مرتبطين أصلاً بالجذور التربوية للفاعل:
أولاً: إذا جاء في سياق منظم ذي أهداف محددة بانسجام وطبيعة الرد يكون مرتبطاً بأبعاد تربوية أخلاقية.
ثانياً: إذا جاء في سياق انتقامي ذي أهداف عشوائية لاتنسجم وطبيعة الرد، يكون مرتبطاً بأبعاد تربوية ميكافيلية لا أخلاقية.
وفي حالة الفعل الإرادي نجد أن الفكري التربوي يتحول إلى تطبيق فعلي بتأثير التراكم، وقد تتحول الكراهية من شكلها الذهني والإنفعالي المكبوت إلى مواقف فعلية تتخذ صيغة العداء أو النزاع الجماعي المسلح كما في الحروب الأهلية. كما أن التطرف يظهر في شكلين متتابعين يكون فيهما الأول مقدمة للثاني، التطرف الأيدلوجي وهو مجموعة الأفكار التي يحملها الفرد، أو التنظيم، أو الدولة، والتي بناء عليها يتم التنظير لإستبعاد الآخر... الشكل الثاني، هو الجسدي الضعيف، الذي يستند عادة على الشكل الايدلوجي الأول ويترتب عليه. ويزداد هذا الأمر خطورة، حينما يراد فرض الرأي على الآخرين بالعصا الغليظة، والعصا الغليظة هنا قد لاتكون من حديد ولا خشب، فهناك الاتهام بالابتداع أو بالاستهتار بالدين، أو بالكفر والمروق- والعياذ بالله- فهذا الإرهاب الفكري أشد تخويفاً وتهديداً من الإرهاب الحسي.
فالقتل وازهاق حياة إنسان آخر هو أسوأ وأبشع الشرور، حتى في حالة الدفاع الإيجابي عن النفس التي حينها يكون شراً إجبارياً لابد منه، فما بالكم عندما يكون اعتداء على الآخرين، وبناء على ما تقدم دعونا نفهم حقيقة ما حدث في قطاع غزة من إنقلاب استمد شرعيته من القتل والعنف، إنه شر لابد من إنهائه!!