حوار مع (اخونجي)- وليد جاسم الجاسم
كتبت لي الصدفة المحضة لقاء ونقاشاً مع واحد من كبار مفكري الإخوان المسلمين، ليس على صعيد الكويت وإخوانها فحسب بل على صعيد عالمي، حيث يتمتع هذا المفكر بمكانة رفيعة أينما حل ما دام في هذا المكان إخوان مسلمون.
يقول هذا المفكر المنتمي إلى الجماعة في حوار دار بيننا حول مصر والتطورات الجارية فيها: «لقد أخبرتهم ألا يتجهوا إلى حكم مصر الآن، أخبرتهم أن كرسي الرئاسة في مصر الآن قرار خاطئ، أبلغتهم أن التاريخ يعطينا العبر وأنه لم يرد فيه أي حديث أو سرد عن ثورة لم يأت بعدها زمن من الخراب والاضطراب لخمس سنوات على الأقل، أخبرتهم ألا يخوضوا هذه الانتخابات الرئاسية على وجه التحديد وأن يتركوها لغيرهم حتى تنقضي هذه السنوات المحدودة لأن الخراب والأذى فيها حتمي معكم أو مع غيركم، وأن الشعب خلال هذه السنوات سيتعب كثيراً مما يأتي بعد الثورات عادة»،.. وبعدها.. يقول المفكر كاشفاً عما قاله لإخوان مصر: أنتم تأتون كمنقذين في الانتخابات الثانية، بدلاً من أن تضعوا أنفسكم في هذا الموضع وتكونوا أمام الناس سبباً للخراب والدمار».
ومضى المفكر الإخواني قائلا: «لكنهم لم يصغوا إليّ.. وكانوا قد قرروا خوض انتخابات الرئاسة خوفاً من سيناريو آخر محتمل».
السيناريو الآخر سألت عنه مفكراً إخوانياً آخر كان من مؤيدي خوض انتخابات الرئاسة المصرية، قال لي شارحاً وجهة النظر الأخرى: لو كنا لم نتسلم رئاسة مصر فوراً ما كان سيكتب لنا أبداً بلوغ هذا الكرسي، الظروف كانت مواتية بعد الثورة فوراً، وأهم تلك الظروف أن الناس مازالت متحمسة ضد النظام السابق والجيش المصري لم يستعد قبضته على البلاد، ولم يتجرأ على فرض قراراته الأمنية والتنظيمية على الناس ويضطر إلى مراعاة مزاجهم بما في ذلك ضرورة انكماش المؤسسة الأمنية ممثلة بوزارة الداخلية.
ويمضي قائلاً: لو وقف الجيش ضد الإخوان في تلك الانتخابات الرئاسية لتألبت ضده مختلف شرائح الشعب المصري من مختلف المشارب والانتماءات، ولهذا كان قرارنا صائباً بخوض الانتخابات الأولى، لأننا لو كنا انتظرنا لاستعاد الجيش قبضته وسيطرته، وبالتالي لن يكتب لنا أبداً بلوغ هذا الكرسي».
هكذا اذاً كان يفكر الاخوان، هكذا يفكر الاخواني الاول، وهكذا يفكر الاخواني الثاني، نعم.. كلاهما لديه منطق قوي وحجة قوية مفحمة، ولكن الاكيد ايضا ان ايا منهما حسب مجريات النقاش لم يكن يتحرى مصلحة مصر او مصلحة الشعب المصري كأولوية بعد سقوط الرئيس حسني مبارك، بل كان تفكيرهما منحصرا في زوايا مصلحية للجماعة تتمحور حول الموعد الملائم (للانقضاض) على عرش مصر وتحقيق الحلم الذي طالما راود الاخوان لسنوات طويلة جدا. فصار العرش هو الهدف وليس تحقيق انجاز على الارض يقنع الناس باستحقاقهم لهذا العرش.
واظن انه لهذا السبب، وهو النظرة المصلحية للامور من زاوية مصلحة جماعة الاخوان المسلمين فقط باعتبارها هي المؤدي إلى طريق المصلحة العامة، فشل الاخوان المسلمون في مصر وخسروا اهم جولة لهم في تاريخهم كله. نعم.. فشلوا لانهم رأوا الهدف دونما السعي الى ربطه بانجازات على ارض الواقع تحميه وتحفظ له الديمومة والاستمرار، ولو كانوا تحروا مصلحة مصر قبل مصلحة الجماعة لكتب لهم طريقاً مختلفاً في مصر وغيرها من الاقطار، طريق آخر غير طريق الشوك والآلام الذي يسيرون فيه حاليا.
عن الوطن الكويتية