مواقف عدادات المركبات جباية بلا قانون.. وجهل المواطن بالأنظمة
بسام أبو الرب
شكلت خطوة تركيب عدادات الدفع المسبق لمواقف المركبات، التي اتخذتها بعض البلديات في محافظات الضفة، تساؤلات لدى بعض المواطنين الذين عبروا عن استيائهم من هذه الخطوة، بشأن الحق في جباية النقود وآلية التعامل مع المخالفات أولا، وآلية العمل واختيار المناطق التي توضع فيها هذه العدادات من جهة ثانية.
تبريرات عدة جاءت في سياق إعادة ترتيب المدن والسير قدما في خطط سير لتنظيم حملة مرورية، والتخفيف من الازدحام داخل المدن.
في أي إطار يحق للبلديات مخالفة الأشخاص، كونها ليست جهة منفذه للقانون كجهاز الشرطة؟ وما مدى علم المواطن واطلاعه بالقوانين الناظمة لذلك؟ ومدى توفير الأمن للمركبة خاصة خلال 'كلبشتها'، وهل يعتبر ذلك اعتداء على الملكية الخاصة؟ وما المعايير التي يتم على أساسها اختيار أماكن هذه المواقف؟ هذه الأسئلة طرحها البعض للوقوف على ماهية القانون الناظم لهذه العملية، وتحرير المخالفات والسلطة الرقابية على ذلك.
القانون رقم (1) لسنة 1997 للهيئات المحلية الفلسطينية، يتضمن وحسب المادة (15)، أنه 'يحق للمجلس البلدي وبموافقة الوزير أن يضع أنظمة لتمكينه من القيام بأية وظيفة من الوظائف، أو ممارسة أية صلاحية من الصلاحيات المذكورة في هذا القانون، وأن يضمن تلك الأنظمة أية ضرائب أو رسوم أو عوائد أو غرامات أو نفقات أو مخالفات'.
وتضمنت المادة (15) 'يجوز للمجلس إصدار الأنظمة أو اللوائح التنفيذية اللازمة لتنظيم أعمال الهيئة المحلية وتأمين مصالحها وحاجياتها.... كما يجوز للمجلس أن يعطي بها أو ببعضها امتيازات لأشخاص أو لشركات مدة تزيد عن ثلاث سنوات شريطة موافقة الوزير.... أن البلدية مختصة بوسائل النقل البري والبحري وإنشاء وتعيين وتنظيم مواقف مركبات النقل ضمن حدود الهيئة المحلية ومراقبتها ومراقبة القوارب والسفن والبواخر التي تعمل في المياه التابعة لمنطقة الهيئة المحلية، بالتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة.
وكالة 'وفا' استطلعت بعض آراء المواطنين حول نظام عدادات الدفع المسبق للمركبات، فمنهم من أشاد به على اعتبار أنه سهل الوصول إلى وسط المدينة بشكل يسيرـ والوقوف فترات مؤقتة وبسعر أقل، دون علمهم بضرورة وجود قانون مصادق عليه لتنظيم هذه العملية، ولكن رغم ذلك ربما هناك بعض العوائق من خلال آلية توزيع وتنظيم هذه المواقف واستخدام الإشارات التي تدل على هذه المواقف، إضافة إلى طبيعة الآلات المستخدمة كعدادات التي هي غير مصممة لإرجاع الباقي، إذا لم يكن الشخص يملك قطعا صغيرة من النقود.
في سياق آخر، اشتكى بعض المواطنين من طبيعة اعتماد المخالفات وكيفية تعامل الطواقم مع أصحاب المركبات المخالفة، فبعضهم تحدث أنه تم مخالفته ووضع 'الكلبشة' في الجهات المقابلة، الأمر الذي يؤدي إلى إحداث أضرار بالمركبات إذا لم ينتبه السائق لوجود مخالفة بشأن ذلك. إضافة إلى وجود عداد واحد في المنطقة وأحيانا يكون بدون إشارة تدل على ذلك، ومنهم من اعتبرها تعديا على ملكية خاصة.
بلدية رام الله نموذجا ...
بلدية رام الله قررت مطلع نيسان الماضي البدء بتشغيل نظام عدادات مواقف المركبات، من الساعة التاسعة صباحا وحتى الساعة السادسة مساء بشكل يومي عدا الجمعة، كما أن التجربة انتقلت لبعض محافظات الشمال منها جنين وقلقيلية.
رئيس بلدية رام الله موسى حديد تحدث لمراسل 'وفا'، حول موضوع مواقف العدادات وآلية اختيارها، فقال 'إن موضوع اختيار مواقف المركبات والأماكن، يتم من قبل مهندسي السير في البلدية، وبالتنسيق مع الشرطة ويعرض الموضوع على لجنة السير في المحافظة، ويتم إقراره والتعامل وفق المحددات المتفق عليها من قبل جميع الأطراف'.
وبين أن وسط المدينة يعاني من أزمة سببها وقوف المركبات من أول النهار حتى وقت متأخر في هذه المنطقة، الأمر الذي يحول دون الوصول إلى وسط المدينة، ونتيجة لغياب ساحات لمواقف المركبات أو مبان فيها مواقف؛ الأمر الذي يؤدي إلى حالة غير مرغوب فيها من قبل المواطنين، وبالتالي أصدر قرارا للتعامل مع وسط المدينة على أساس وجود مواقف مسبقة الدفع، وتم إحالة الموضوع للاختصاصين في البلدية ومن ثم حول إلى لجنة السير، وهناك اتخذ القرار النهائي للأماكن المحددة لهذه المواقف.
وأكد حديد أن البلدية تملك قرارا للعمل بهذه المواقف ومصادق عليه من الجهات المعنية، خاصة من قبل وزير الحكم المحلي، قائلا 'حسب النظام لدى البلدية لها الحق في إمكانية مخالفة المركبات واستيفاء الرسوم، وهو مصدق من وزير الحكم المحلي، وهو جهة مخولة'.
وأشار إلى أنه بخصوص تغيير ألوان بعض المناطق بشكل عام، قد يكون هناك أحمر وأبيض ضمن الخطة الشاملة، الذي بموجبه يتحول الشارع إلى اتجاه واحد، بما يمثل خطة متدحرجة، وأن معظم الشوارع ستكون باتجاه واحد، وفي النهاية ستستخدم كمواقف للسيارات.
الحكم المحلي: لا يوجد نظام مصادق عليه يحكم عمل عدادات الدفع المسبق
من جهته، أكد مازن غنيم وكيل وزارة الحكم المحلي، أنه لغاية اللحظة لا يوجد قرار مصادق عليه بشأن عدادات الدفع المسبق، مشيرا إلى أن الموضوع بشكل عام حول صلاحية البلديات بهذا الخصوص، يكون حسب قانون الوزارة لعام 1997، والمادة 15 حددت القضايا التي لها علاقة في أنظمة العمل للهيئات المحلية، وهي من صلاحيات الوزارة للمصادقة على هذه الأنظمة وبالتالي تصبح نافذة بعد المصادقة، ولا يحق لأية جهة الجباية دون وجود نظام لتنظيم عملية الرسوم.
وقال غنيم، 'إنه حتى لو أعطى وزير الحكم المحلي موافقة شفوية فهي لا تعني شيئا، ويجب أن تكون مصادقات بشكل واضح وخطي وبختم الوزارة، والأهم يكون ذلك من خلال بريد، ليكون مسجلا، وضمن صادر ووارد حسب الأصول من قبل ديوان الوزارة.
وبين 'أنه تم مخاطبة البلدية بهذا الموضوع من قبل مديرية رام والله، حول آلية استخدام العدادات والجباية، ولم يتم صدور نظام بهذا الخصوص لغاية اللحظة مصدق عليه حسب المقتضي القانوني، منوها إلى أنه يحق لأي مواطن الحصول على المعلومة والاطلاع والتأكد إذا كان يوجد قانون ينظم هذه العملية، ومن حقه اتخاذ إجراءات قانونية اللازمة إذا كان هناك مخالفة.
وأوضح أن هناك مجموعة من الأنظمة، ومن ضمنها: مواقف المركبات للهيئات المحلية، ونظام قديم تم المصادقة عليه عام 1998 من قبل وزير الحكم المحلي آنذاك، ونظام عمل المواقف العامة والخاصة المحددة، ولم يكن هناك حديث عن هذه العدادات، وتم طرح مناقشة عمل نظام جديد؛ لأخذ جميع القضايا ولم يتم المصادقة على هذا القرار من قبل أي جهة.
وأكد 'أن القانون الناظم لعمل الهيئات المحلية هو المصادق عليه عام 1997، ولا تجوز الازدواجية في تطبيق القوانين، كما تتذرع بعض البلديات بالعودة إلى القانون الأردني، وعلى كل البلديات أن تلتزم كما ورد بهذا القانون'.
ودعا غنيم البلديات التي تدعي أن لديها نظاما ومصادقا عليه من قبل الوزارة أو مجلس الوزراء، إلى إظهاره كونه غير سري، ويحق للجميع الاطلاع عليه، موضحا أنه 'حسب المادة (15) من قانون الهيئات المحلية لسنة 1998 خولت الهيئات المحلية وضع أنظمة لتسهيل القيام بوظيفتها، ولكن الموضوع بحاجة إلى المصادقة عليه.
وبين 'أن شكاوى المواطنين -حسب استطلاع 'وفا'- من عدم ارجاع الآلات المستخدمة كعدادات النقود، تعتبر مخالفة بحد ذاتها، وجباية غير شرعية، ويجب أن تصمم ليس باستخدام قطعة واحدة، مؤكدا أن الوزارة لم تتلق أي شكوى بخصوص هذه المواقف لغاية اللحظة.
لجنة السير في المحافظة لا علاقة لها بوضع الأنظمة
حمدان البرغوثي رئيس لجنة السير في محافظة رام الله والبيرة، قال 'إن فكرة إنشاء مواقف للمركبات لنظام الدفع المسبق هي عامة، وتصب في مصلحة المحافظة؛ لافتقار وجود مواقف وساحات عامة في مركز المدينة، وبالتالي من الضروري وجود مواقف على جانبي الطرق، تكون مرهونة بالوقت حسب رغبة وصاحب الحاجة'.
وأضاف البرغوثي 'نحن في لجنة السير لا يوجد لدينا مانع من تركيب هذه العدادات، بالتنسيق مع شرطة المرور والمحافظة والجهات ذات العلاقة، من أجل تحديد هذه المواقف، وبالفعل تم تحديدها من قبل البلدية، واطلاع لجنة السير عليها، وكان هناك بعض الاعتراضات على الموقع، وتم تغيير بعض هذه المواقع وإلغاء أخرى'، موضحا أن معايير اختيار المواقف تكون حسب الحاجة، وليس للجنة السير أية علاقة في إعداد أنظمة.
وأشار إلى أن البلدية في بداية المشروع واصطدمت في عملية المرجعية القانونية، وأوقفت عملها فترة ثم استأنفت، على اعتبار أنهم أوجدوا المصوغ القانوني لذلك لعملهم كبلدية.
وبين أن بعض الشكاوى وصلت المحافظة بخصوص الأشخاص الذين يعملون بهذه المواقف، وتم معالجة المشكلة، ومتابعة الأمور وحل الإشكاليات.
بدوره، يرى مراقب المرور في وزارة النقل والمواصلات المهندس جمال شقير، أن هذه المشاريع تكون تابعة للبلدية، ووزارة المواصلات يكون لها دور من خلال مندوبها في لجنة السير، بحيث تساعد في اختيار الأماكن المناسبة لإنشاء هذه المواقف.
وقال 'هناك بعض الاعتراضات على بعض هذه المواقف وأماكنها، وتم أخذها بعين الاعتبار في بعض الأماكن من قبل البلدية، مؤكدا أن الدور الأساسي الذي تلعبه الوزارة فقط في تحديد الأماكن، ولا تتدخل في نظام المخالفات الذي تقوم عليه هذه المواقف'.
من جانبه، قال مدير فرع شرطة مرور رام الله وسام عيسى، 'في عام 2009 كان هناك اجتماع لجنة السير، وتم طرح مشروع العداد من قبل البلديات الموجودة في محافظة رام الله والبيرة، وتم مناقشتها معنا كشرطة مرور، واتفق على عمل جولات في المحافظة، وتحديد المواقف التي سيتم وضع العدادات فيها، ومناقشة أطروحات، منها ما تم الموافقة عليه، وأمور أخرى تم رفضها حسب طبيعة الشارع.
وأضاف 'أنه تم الاتفاق والإشراف ودهن الشارع حسب القانون بالدهان الأبيض والأزرق الخاص بالبلديات، حيث باشرت بلدية رام الله بفكرة العداد منذ نيسان الماضي، ونحن كشرطة لا نتدخل بالإجراءات الداخلية الخاصة بالبلدية، وهناك طواقم حسب ما أبلغنا به من قبل البلدية من داخلها تتابع آلية العدادات والمخالفات الخاصة بالبلدية'.
وبين عيسى أن رئاسة البلدية آنذاك أبلغت الشرطة بأن هناك قرارا بالتنسيق مع وزير الحكم لأن البلديات تابعة لهم، بخصوص آلية الغرامات والإجراءات التي تقوم بها بلدية رام الله، وأن هناك قوانين خاصة بالبلدية على زمن القانون الأردني تم رفعها لرئاسة الوزراء من أجل تنفيذها.
وأوضح أن تطبيق القانون يلزم وجود نصوص، ولا تجوز مخالفة شخص يقف على الخط الأبيض والأزرق من قبل شرطة المرور، مشيرا إلى أن الشرطة على استعدادا لحل أية إشكالية بهذا الصدد، حيث يظن البعض أن الشرطة هي من تقوم بتحرير المخالفات ولا يعرفون أنها تابعة للبلديات.