سعد صايل.. جنرال عز نظيره- عيسى عبد الحفيظ
سعد صايل ابو الوليد ابن الفلاح الفلسطيني القادم من وراء المحراث، الذي وصعه فيليب حبيب اثناء المفاوضات على الانسحاب من بيروت عام 1983 بأنه «المفاوض الفلسطيني رجل يثير الاعجاب بدقته، ومهارته، وحسن ادائه وقدرته على التنظيم. وقد علمت ان الجنرال الفلسطيني سعد صايل كان قد مر على كلياتنا العسكرية في اميركا».
والذي رثاه الرئيس الراحل ياسر عرفات قائلا «لقد كان ابو الوليد ركناً شامخاً من أركان بنائنا الوطني.
كان عسكرياً مثالياً، مخلصاً في اداء مهامه، كفؤاً في ادارة شؤون قواتنا المنتشرة على مساحة الوطن العربي كله وكان رحمه الله مثالاً يحتذى في الرأي والمثابرة والعطاء».
وفي مؤتمر فاس الذي انعقد بعد الخروج من بيروت خاطب الملك الراحل حسين ياسر عرفات قائلا «ان صمودكم، واداءكم الرائع في بيروت ارتبط بجنرال يفخر الجيش الاردني انه كان من بين قادته، انه الجنرال الكفء سعد صايل».
الجنرال ابو الوليد سعد صايل ابن كفر قليل القرية الفلسطينية البسيطة والمعطاءة التي بنيت على سفح جبل جرزيم الشرقي، انطلق منها ابو الوليد لينهي دراسته في مدينة نابلس عام 1950.
كان قد واكب النكبة وخلال ذهابه وايابه الى المدرسة كان سعد صايل وهو في المرحلة الثانوية يرى نتائج النكبة من خلال مروره بمخيم بلاطة والمأساة التي حلت بشعبه، ما دفعه الى الالتحاق بالجيش الاردني فور تخرجه من الثانوية العامة وتخصص في الهندسة العسكرية.
التحق بالعديد من الدورات العسكرية والاكاديمية في بريطانيا ومصر والعراق والولايات المتحدة الاميركية، ما أهله للوصول الى رتبة عقيد آمراً لمدرسة الهندسة العسكرية ثم الى قائد للواء الحسين بن علي بعد ان اتم دورة الاركان في الولايات المتحدة عام 1966.
خاض معركة الكرامة بشرف تحت أمرة الراحل اللواء الركن مشهور حديثة والتي قلبت موازين القوى عند العدو واثبتت ان المقاومة تستطيع ان تصنع النصر. ويبدو ان «ابو الوليد» بعد مروره بهذه التجربة العسكرية الفريدة والبعيدة عن نظريات الجيوش التقليدية اقتنع منذ تلك التجربة ان الثورة المسلحة هي الكفيلة بتحقيق النصر.
بعد خروج الثورة من الساحة الاردنية وانضمام عدد من الضباط والجنود الى صفوف الثورة من فلسطينيين وأردنيين، قام سعد صايل باعادة تشكيل القوات وتنظيمها بتشكيلات عسكرية واطلق عليها قوات اليرموك، واصر على ان تكون هذه القوات جزءا عضويا من حركة فتح.
كما كان له دور بارز ورئيس اثناء حصار بيروت عام 1982 وادارته للعمليات التي حالت دون دخول الجيش الاسرائيلي الى بيروت حتى ان تقدم عدة امتار في اليوم كان يعتبر من وجهة النظر الاسرائيلية تقدما ملموسا نظرا للخطة العسكرية الفذة للمقاومة التي وضعها الشهيد سعد صايل.
عندما خرجت القوات من الساحة اللبنانية وانتشارها على مساحة الوطن العربي في سبعة بلدان، بالاضافة الى محاولات الانشقاق والتفكك التي صاحبت عملية توزيع القوات، كان للشهيد دور اساسي في اعادة التنظيم والمحافظة على الروح المعنوية للقوات.
وصباح يوم عيد الاضحى المبارك في التاسع والعشرين من أيلول عام 1982، وبينما كان في زيارة ميدانية لقواعد المقاتلين وتهنئتهم بالعيد، تم نصب كمين لسيارته غير بعيد عن حاجز الجيش السوري وجرى اغتياله غدرا لتبدأ بعدها عملية الانشقاق في فتح.
لم تكن هذه العملية لتتم دون غياب سعد صايل الذي شكل مرجعا مقبولا ومهابا من كل الاطراف وقاسما مشتركا اعظم لكل القوات مهما اختلفت مواقفها السياسية ونظرتها للامور، بل ومهما اختلفت ايديولوجياتها الفكرية فقد حظي برضاء الجميع وموافقة الجميع واجماع كل الفصائل الفلسطينية على قيادته لكل قوات الثورة الفلسطينية.
وهكذا غاب سعد صايل عن المشهد العسكري والسياسي الفلسطيني ولكن ذكراه لم تغب، وبقيت منارة يهتدي بها كل الشرفاء والمخلصين من ابناء فلسطين وبقي سعد صايل مثالا يحتذى في العزم والاصرار والمواقف الثابتة ونظافة اليد والقدوة والجدية في العمل العلمي السليم الذي يجب ان يقود في النهاية الى النجاح.
رحم الله سعد صايل الذي كتب اسمه في تاريخ فلسطين بأحرف من نار ونور، وللحديث بقية.