السياحة الفلسطينية اللؤلؤة الثمينة والإعلام السياحي العربي بين النظرية وشمولية التطبيق - إكرام التميمي
تمثل السياحة قاطبة لدول الوطن العربي قطاع استراتيجي مهم ، وهي بالغالب تحقق تنمية لموارد الدخل القومي المادي المعنوي والثقافي لدول العالم ؛ منذ القدم ..ويزدهر بها تاريخ الدول والشعوب وسيما لو تصدر القطاع السياحي أولوياته بالأجندات السياسية في العالم العربي، وخاصة في تلك الدول التي تزخر حضارتها بالموروث الإنساني والحضاري والثقافي للشعوب وبتواصل امتدادها للأجيال المعاصرة ؛ ويعد الموروث الإنساني السياحي العربي عامة ،والفلسطيني خاصة ؛الزاخر بالحضارة وعبق التراث منه القديم والمعاصر الأكثر امتداداً بالتاريخ ويشكل امتداده للمستقبل والواقع الجيوسياسي الذي نطمح به باسترداد ما تم سلبه منا ،وعبر قنوات سياسية ووسائل قانونية وإنسانية تعتمد تعزيز حق الشعوب بتقرير المصير ،والعيش الكريم،والتنمية الشمولية وصولاً للعدالة الاجتماعية التي نسعى لها كما تسعى لها الشعوب المؤمنة والمحبة للسلام . ولكن فلسطين تتطلع للاستقلال والسلام القائم على العدل ،وبأن تحظى بالقدس عاصمة لدولة فلسطين بما يتناغم مع قرار مجلس الامن (478 ) والذي تضمن بأن جميع الاجراءات والأعمال التشريعية والإدارية التي اتخذتها دولة الاحتلال والتي غيرت معالم مدينة القدس الشريف ووضعها واستهدفت تغييرها خصوصا القانون الاساسي الاخير بشان القدس هي اجراءات باطلة أصلاً ويجب إلغاؤها. سيكون لزاماً علينا العمل سوياً وفي منظومة عالمية ؛تجمعنا وحدة وإطار يجمع كافة الدول العربية ودولة فلسطين المحتلة،ويعملان سوياً بالضغط باتجاه استقلال فلسطين الكامل واستناداً على الاعلان العالمي لحقوق الانسان والذي يعزز باتجاه إدانة وتجريم الاحتلال الإسرائيلي ومجمل سياستهم وإجراءاتهم الغير شرعية والغير قانونية فالمادة (17) بند 2 تشير "لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً " . ولكننا منذ ان جرى ضم مدينة القدس في عام 1967 لمسنا ما لجأت له سلطات الاحتلال الاسرائيلي ومن خلال استخدام سياسة واضحة ممنهجه عدوانية في احداث التغيير الجغرافي والديمغرافي في المدينة المقدسه وخلافا لكافة التشريعات والقوانين الدولية . وتبعها عدة سياسات منها هدم المنازل وفرض قيودها الاحتلالية على التخطيط والتنظيم والذي يخالف الواقع وهي تصنف ضمن التهجير القسري للسكان الفلسطينيين من القدس ،إضافة لمواصلة بناء المستوطنات وجدار الضم والتوسع والذي عمل على تقطيع اوصال المدينة المقدسه ،والتزوير والتهويد الممنهج للموروث الإنساني ،وللمقدسات و لأحياء عديدة في القدس ناهيك عن تهويد للمنهاج التربوي والثقافي العربي الإسلامي والمسيحي بكافة فلسطين العربية التاريخية . وتزخر فلسطين بمعالم تاريخية ذات قدسية للرسالات الثلاث،ولا ننكرها على أحد دلالة على أهميتها وتصدرها في القوائم الأولى العالمية نجد هناك وعلى مدار تعاقب التاريخ كثرة الطامعين في هذه الأرض المباركة حيث كافة الدلالات تشير بموقعها الجغرافي من قلب العالم, بيت المقدس ،خليل الرحمن ،بيت لحم ,الناصرة وكونها أرض الرباط المبارك حولها ،ومنها كانت لرسولنا الكريم محمد عليه السلام المعراج إلى السموات العلى ، وكما وعد الله انها ارض المحشر والمنشر فهي إذن اللؤلؤة الثمينة فلسطين السياحية وهي تستحق بان ترصد لها سياسات وبرامج ننطلق بها نحو تنمية وزيادة الاقتصاد الوطني وما سيأتي تباعاً من روافد أخرى ،وامتداًداً لتواصل إقليمي عربي وعالمي . ومما لا شك فيه بأن الغوص في عالم السياحة بمثابة البحث عن لؤلؤة مكنونة في بحر شاسع ؛ ولكنها بجهود عربية وفلسطينية وانطلاقاً من مدينة الخليل ثاني المدن الفلسطينية بعد أريحا من حيث الاقدمية،لا بد لنا من الإشادة هنا ومن خلال انطلاقة هذا المؤتمر الثاني والذي تشرف عليه المنظمة العربية للسياحة بدورة الإعلام السياحي العربي لوضع الأسس وبشمولية التطبيق ، ولا بد من رسم استراتيجيات للنجاح من خلال دراسات وجهود حثيثة من ذوي كفاءات ،وخبرات في العديد من العلوم السياسية والمعارف الأخرى لنخرج الركود السياحي من النظرية لاكتمال الرؤى غي التطبيق وليصبح هو المتصدر للتنمية الشمولية السياحية بكل توابعها ؛ وقد تكمن العقبات في لب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في حلول وايجابيات نرتقي بها كعقلاء ومن يفترض بهم الحفاظ على المروث الديني لكل الديانات الثلاث لابد من الخروج من عنق الزجاجة والارتكاز على أهمية البيئة الطبيعية لأي موروث تاريخي يراد له الديمومة بتجنيبه ويلات الحروب والصراعات التي لا تبقي ولا تذر على بشر أو حجر أوطير وشجر .
وفي النهاية لا بد من الخروج بتوصيات ذات صلة بالواقع لنؤكد من خلالها بما جاء من خلال إجماع المتحدثين بضرورة العمل على إدراج السياحة الفلسطينية في برامج وأجندات كافة القطاعات وقد تكون انطلاقة هذه الدورة المميزة كافيه ولو بالحد الأدنى بتسليط الضوء على الواقع ؛ولكن من وجهة نظري أجدها غير كافية لطالما لا يوجد تخطيط استراتيجي للسياحة الناشئة على السلطة الرابعة ؛ وبأن المواقف والتباينات بين سهولة نظرية بلورة إعلام سياحي ، وقد تحتاج الاستراتيجيات احتضان للفكرة ومن الدول العربية التي لديها خبرات مستندة إلى إحصائيات ودراسات وعليها هنا أن تعمق الصلة وأن تدعو وتبادر بحث باقي الدول لخوض التجربة ذاتها وبالتعاون الفلسطيني الشامل مع كافة الجهات ذات العلاقة ، يمكن لنا رصد مدى تطويرها لهذه الرؤية ؛ والذي سيعزز التنمية والترويج للسياحة العربية من وإلى فلسطين ، و قد يكون مرهون بالمتغيرات على الساحة الإقليمية خاصة والدولية بشكل عام. ومن المرشح أن تتعمق هذه الارتدادات إيجابياً كما نطمح أو سلبياً إذا بقيت إسرائيل تنظر إلى الصراع الدائر في المنطقة من منظورها فقط ، وليس هذا فحسب بل أنها قد تعمل على الدفع بهذا الاتجاه وعلى كافة الساحات في المنطقة، بهدف ربط بوصلة الصراع الفلسطيني والإسرائيلي ؛ وٌلإبعاد النقد السياسي عن نظامها العنصري . بالإضافة إلى ذلك فان مدى التباين في المواقف بين دول العالم العظمى والذي سيعتمد على ما ستؤول إليه المتغيرات والنزاعات التي تدور في منطقة الشرق الأوسط ، بجدوى البحث لبدائل خاصة وهنالك حالة تخوف وترقب خجولة من الدول المحبة للسلام بهذا الشأن وإن لم تكن علنية. وما نبتغيه ونأمل به أن يتحقق في فلسطين كما في منطقتنا العربية وما حولها وأن تكون هذه النظرية قائمة على أسس صحيحة ويمكن وصفها بمبادرة إيجابية وحاجة ملحة لتحقيق ديمومة السياحة العربية والفلسطينية وفي بيئة آمنة تحقق الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها وتحقيق النمو السياحي والاقتصادي والتكنولوجي ومن خلال أدوات و وسائل الإعلام السياحي المتخصص الذي نرجو ، وبما يحقق تسخير هذه الطاقات لخدمة ورفاهية شعوب المنطقة العربية عامة ، والفلسطينية خاصة ؛بعيدا عن عملية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وسياسة الدول المنحازة للرغبات الإسرائيلية العدوانية ،وخاصة في ظل الصمت الدولي المنحاز والذي يشجع الاحتلال بالمزيد من التعنت والصلف وإصرارها الممنهج بفرض سياستها الاستعمارية على الشعب والأرض والموروث الإنساني للشعب الفلسطيني ،ويحتم الواجب بأن يفرض المجتمع الدولي إدانته وإرادته ،وعلى الجميع المطالبة في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ، وعليه نطالب بعقد المزيد من المؤتمرات العربية والفلسطينية لتسليط الضوء على أهمية السلام للمنطقة العربية وللعالم ، وكما هي الأرض محور الصراع .فمنها يجب أن ينبع العدل والاستقلال والحرية والسلام للأرض والشعب الفلسطيني ، وتستمر حينها السياحة العربية والفلسطينية في مساراتها الطبيعية والآمنة لتحقيق ديمومة اللؤلؤة الثمينة التي نطمح بامتلاكها نحو التنمية الشمولية .