القائد المؤسس أحمد خليل وافي- د.مازن صافي
القائد المؤسس أحمد خليل وافي قبل عدة شهور أحزنتنا وفاة الفريق القائد عبد الرازق المجايدة " أبو العبد".. وكأن القادة المؤسسين قد تعاهدوا على المضي معا في الثورة إلى أن يشاء قدر الله فيهم ليرحلوا كباراً في بطولاتهم وحضورهم في مسيرة الثورة والعطاء والوطن الكبير ..
هكذا كانت مشاعرنا حين تلقينا اليوم الجمعة 6/12/2013 خبر وفاة القائد المؤسس أحمد خليل وافي "أبو خليل الجزائر"، حيث توفى مساء أمس الخميس في القاهرة بجمهورية مصر العربية . سيرته عطرة ومحطات حياته في الوطن والخارج وفي سنوات الثورة وقبل الانطلاقة وحتى اليوم حافلة وزاخرة بالكفاح ومليئة بالنضال والعمل الفلسطيني المستمر.. فلقد كان شغل منصب سفيرا في الجزائر وعضوا في المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في العام 1971م " وكان ذلك في المؤتمر الثالث للحركة بعد منعطف خطر مرت به الثورة الفلسطينية " ..
أبو خليل يملك القامة الوطنية العملاقة والسيرة الكفاحية النضالية الرائعة .. لقد حرص على أبناء الوطن كحرصه على أبنائه، واهتم بأوضاعهم .. وكان يملك القدرات القيادية في الإقناع وفي التوجيه.
هؤلاء القادة المؤسسين ومنهم فقيدنا الوطن الراحل، ساهموا في صنع التاريخ وهذا المجد .. هم العمالقة، لم يكن يتوفر لهم أدنى الإمكانيات أو التكنولوجيا الحالية أو التسهيلات، لكنهم كانوا يصنعون من عقولهم والإمكانيات المحدودة إبداعا ثوريا يتخطون فيه زمن العثرات وبعد المكان وعثرة الطريق ، كان كل شيء حولهم قاسٍ، لكنه لم يهزمهم ولم يقولوا يوما "زهقنا مللنا"، بل كانوا يصنعون من الشوك طريقا إلى الجانب الآخر، حيث الوطن المحتل والجماهير التي تنتظر صوت العاصفة وصوت فلسطين وصوت فتح العظيمة ... لهؤلاء المجد كل المجد .. لهم محبتنا والذكرى الخالدة . ولد أحمد خليل وافي " أبو خليل" في العام 1935، في زمن الثورات العربية والفلسطينية ضد الاستعمار البريطاني والعصابات الصهيونية، ويعتبر الراحل أحد مؤسسي حركة فتح في المملكة العربية السعودية، ولقد شارك في معارك الثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها المجيدة، كان الراحل رفيق درب الرئيس الشهيد الخالد ياسر عرفات، ورفيق درب الرئيس محمود عباس، ورفيق درب الشهداء أبو جهاد الوزير، وأبو إياد، وأبو الوليد، وأبو يوسف النجار، وعبد الرازق المجايدة أبو العبد، ورفيق كل القادة الشهداء الذين سقطوا على درب الحرية والاستقلال منذ معارك الثورة الأولى وحتى يومنا هذا.
انه القائد المؤسس الذي شغل المواقع القيادية والحساسة، وجمع بين العمل المهني " كمربي للأجيال " و الإعلامي " فهو الحاصل على الدبلوم في الصحافة" والدبلوماسي والسياسي والعسكري، فكان أول ممثل لمنظمة التحرير الفلسطينية في الجزائر الحضن الدافئ لـ(فتح) ، و وفي عام 1964 قام بتمثيل فلسطين في المؤتمر الافرو- اسيوى ، وأشرف على أول مركز تدريب عسكري للفلسطينيين في الجزائر،وفي العام الأول لانطلاقة الثورة الفلسطينية أصبح معتمد حركه التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" فى الجزائر وشمال أفريقيا. وفي العام 1971 شغل سفيراً لفلسطين في الجزائر، وكما كان في نفس العام عضواً في المجلس الثوري لحركه فتح، وفي العام 1972 وفي سفارة فلسطين بالجزائر تعرض إلى عملية اغتيال بواسطة طرد ملغوم " ناسف" ، مما أدى إلى بتر في أصابعه وحدوث تشوهات في وجهه وأثر ذلك على بصره وسمعه ، ولم يشكل ذلك إعاقة بل شكل ليسخر حياته خدمة لوطنه وشعبه الذي بات يشكل همه الوحيد و لتنتصر القضية الفلسطينية بسواعد مناضليها.
واليوم ونحن نودع فقيد الوطن وواحد من رجالات العاصفة وفدائي وقادة حركة فتح نقول، لقد كانت انطلاقة "فتح" في العام 1965 تمثل الانبعاث الحقيقي للوطنية الفلسطينية والكفاح المسلح ، وكانت في نفس الوقت ميلاد العودة لكل هؤلاء المظلومين الذين فقدواً الأرض والأمل .. واستطاعت فتح برجالاتها وبالالتحام مع الجماهير أن تعيد القضية إلى العلن والضوء وبقوة، وبممازجة عبقرية بين العمل السياسي، والجماهيري ، والإعلامي، والوطني .. وهذه هي البوصلة التي بقيت تحدد مسيرة حياة القائد المؤسس أحمد خليل وافي " أبو خليل" رحمه الله واسكنه فسيح جناته .