اليكسا- بهاء رحال
"اليكسا" ليست فتاة شقراء من روسيا بل عاصفة بيضاء من الثلج استطاعت في يوم واحد أن تفضح ضعف اولئك الجبابرة في شركات الكهرباء والهاتف والانترنت والبلديات التي عجزت عن فتح الشوارع وتصريف المياه قبل أن تداهم البيوت والمحال والشركات وكافة مرافقنا الحيوية التي تعطلت وتوقفت معها سبل الحياة.
"إليكسا" صفعة تحذيرية ورسالة مفادها أننا لسنا مستعدين لمواجهة أي عاصفة ثلجية.. وأن ظروفنا لا تسمح باستقبال هذا الزائر الأبيض إلا ليوم أو يومين شريطة ألا يكون ثقيل الظل بل خفيفاً أو أقل قليلا وألا تصدق السماء صلوات البعض ولا تفتح خيرها كله فنحن وإياكم سنموت برداً وبرداً لو حدث ذلك.. الثلج يقتلنا في يومين لكنه في عواصم كثيرة لا يقتل الناس في عام وهذا بفضل رفاهية الحياة والخدمات التي يطالبوننا بالتكيف معها وتقديم الطاعة لأجلها ودفع ما في جيوبنا ضريبة لعمرنا المؤقت.
"إليكسا" وبفعل انقطاع الكهرباء الطويل حيث تركنا اجهزة الكمبيوتر جانباً وعادت الاسر الفلسطينية الى طقوسها القديمة في الالتقاء والحوار والسهرات العائلية ومن حسن حظي اني حظيت بجلسة مع والدي الذي اسهب باسترجاع الماضي وأعاد على مسامعي والاحفاد من حولة رحلة اللجوء التي تبعها شتاء قاس، وصقيع شبيه بهذه الايام مع ثلوج متراكمة وسط عذابات اللجوء وقهر الهزيمة وخيام على ضفاف المخيم وكأن الصورة ذاتها أو تشبه الى حد قريب احوال اللاجئين السوريين والفلسطينيين معا هذه الايام وزاد الثلج من معاناتهم المستمرة والمتواصلة بفعل الاوضاع الداخلية التي تشهدها سوريا منذ اعوام فكان الثلج يعض ليل المنكوبين واللاجئين في سوريا وفي غزة وفي مخيمات الاردن على حد السواء.
الاضرار التي تركها هذا المنخفض الجوي كبيرة ووضعتنا امام حقيقة مفادها اننا غير قادرين على مواجهة عاصفة ثلجية بهذا الحجم او اكثر قليلا وان مثل هذه الظروف قد تؤدي بنا الى حالة من الشلل التام يدب في جميع مرافق الحياة، فقلت لصديقي العطاري ان هذه العاصفة كشف المستور فرد قائلا انها عززت المكشوف.