محطة صرف صحي الطيرة إنجاز وتساؤلات
يزن طه
ويثير تشغيل هذه المحطة؛ الممولة في جزئها الأعظم من ميزانية البلدية، تساؤلات تتعلق بموقعها القريب من عيون المياه في عين قينيا، ومواصفاتها التقنية وتأثيراتها على البيئة، واستغلال المياه المعالجة.
وبمراجعة نشرات البلدية يتضح أن شبكة الصرف الصحي التي انتهى العمل بها في عام 2012، بطول 22 كلم، بكلفة 2.250 مليون دولار من صندوق البلدية ووزارة المالية عبر وزارة الحكم المحلي، بينما تكلفة قطعة الأرض ومساحتها 5 دونمات بتكلفة 400 ألف دولار أميركي، من صندوق البلدية، وتكلفة محطة التنقية 4 ملايين دولار أميركي، من صندوق البلدية.
وأوضح رئيس بلدية رام الله موسى حديد، أن مدينة رام الله غير مغطاة بالكامل بشبكة صرف صحي لعدة أسباب، منها الإمكانات المالية، ومعيقات الوضع الطبوغرافي، إذ لا تزيد الرقعة المغطاة من المدينة بشبكة الصرف الصحي عن 60%، متوقعا ارتفاع هذه النسبة مع إنجاز شبكة الصرف في الطيرة إلى 80%.
وحول موقع المحطة قال إنها 'تقع في الجزء الجنوبي من منطقة الطيرة، غرب مدينة رام الله نفسها، وهو الجزء القريب من عين قينيا، التي تحظى بينابيع مياه وأماكن طبيعية، وهي منطقة تقع تحت السيطرة الكاملة للسلطة الوطنية، ومن الممكن إحداث توسعة مستقبلية على المحطة، لأنها مقامة على مساحة 5 دونمات، وذلك لاستيعاب كميات إضافية، في حال ارتفعت نسبة السكن في المنطقة، كما أنه موقع مميز كونه يقع بالقرب من مجرى مياه الأمطار الطبيعي المؤدي لعين قينيا، وهي المحطة الأحدث على صعيد الشرق الأوسط كاملا'.
وبين أن المحطة مغلقة تماما وليست معرضة للهواء أو الشمس، كما أنها تقع ضمن بناء ما يعني انعدام إمكانية خروج روائح منها تماما.
وأكد إتمام عملية شبك أكثر من ستين بالمئة من منشآت الطيرة على شبكة الصرف الصحي، وبالتالي على محطة التنقية، مؤكدا أن عملية الشبك تتم عن طريق مقاولين مؤهلين ومعتمدين، ويجب أن يكون المواطن مسددا للرسوم المطلوبة منه، لتتم عملية شبك منزله على شبكة الصرف الصحي.
وأوضح حديد 'طُرح مجمل الوضع في المحطة على الجمهور، وحثثناهم على تسديد ما يترتب عليهم من رسوم، وهذه الرسوم لا تغطي شيئا على الإطلاق من تكلفة المحطة أو شبكة الصرف الصحي'.
وعن معيقات المشروع، قال حديد إن طبوغرافية الموقع تشكل العائق الأكبر أمام البلدية، حيث 'قد نضطر في بعض الأحيان للضخ، فسريان المياه يتم بطريقة الجاذبية الطبيعية وفي حال تعذرت نحتاج للضخ، لكن المنطقة الأكبر والأشمل من الطيرة التي تقع ضمن حيز المشروع تنساب فيها المياه بصورة طبيعية'.
وأشار إلى أن نوعية المياه النظيفة الخارجة من المحطة تصلح للزراعة ولبرك السباحة من دون قيود، ونحاول استغلالها في منشآت الطرق والمنشآت الاسمنتية، حيث تعد طواقم البلدية دراسات للاستفادة من كمية المياه الناتجة عن المحطة والتي ستصل إلى 2000 متر مكعب، ونعتبر عدم الاستفادة منها جريمة، ونحن نبحث الاستفادة منها في كل المجالات المتاحة.
من جهته قال رئيس قسم الصيانة والصرف في البلدية خالد غزال، إن المحطة وضعت في النقطة الأكثر انخفاضا في الطيرة، حتى تذهب كل مياه الصرف الصحي لهذه النقطة بقوة الجاذبية ومن دون تكاليف ضخ'.
وأكد أن وجود محطة للتنقية يحمي مياه الأمطار وفي غياب محطة تنقية ستتلوث مياه الأمطار بمياه المجاري، إلى جانب أن المياه العادمة تتكون بنسبة 99.5% من الماء، أي أنها تحمل مواد ملوثة وبحاجة للمعالجة بنسبة نصف بالمئة، وبعد معالجتها تكون مطابقة أو أفضل من مياه الأمطار.
وقال إن المحطة تعمل بتقنية 'MPR technology'، أي تكنولوجيا الأغشية العضوية، وهذه التكنولوجيا ليست مستخدمة في المنطقة، وإنما 'استخدمناها لحساسية المنطقة ولحماية عيون المياه في عين قينيا، كما أن المحطة مغلقة لتتناسب مع طبيعة المنطقة والمكان، وكل ما عملناه هو لحماية البيئة، وهي لا تخرج رائحة لأنها تعمل بالمعالجة الهوائية، وهي الأفضل في العالم'.
وشدد على أن المياه الناتجة من المحطة تصنف بالدرجة A بالنسبة للمواصفات العالمية، وهي صالحة للري غير المحدد، وبالإمكان اختلاطها مع المياه الجوفية دون خطورة.
توجهنا بعد ذلك إلى سلطة جودة البيئة والتقينا مدير مكتبها في رام الله المهندس ثابت يوسف الذي أوضح أن 'موقع المحطة كان متفقا عليه بين السلطة والبلدية، وكان هناك اتفاق سابق ليكون موقعا مؤقتا، ولإنشاء محطة مؤقتة تعالج المياه العادمة الخارجة من منطقة الطيرة فقط، بمعدل يتراوح بين 400-500 كوب يوميا، وتجاوز إلى 900 كوب في الحد الأقصى يوميا، لأن التوجه كان إنشاء 3 وحدات تشتغل لمدة تتراوح بين ثلاث إلى أربع سنوات لحل مشكلة المياه في الطيرة ومنطقة الجدول، وكل المنطقة المأهولة باتجاه الطيرة إلى حين حل مشكلة المياه العادمة في رام الله، بشكل نهائي'.
وأضاف 'هذا الموقع يحل مشكلة المياه العادمة في تلك المنطقة، ومن دون إضرار بالمزارعين، ونحن مع المشروع رغم أن البلدية عملت دون الرجوع لنا بعد الخطوة الأولى باختيار موقع مؤقت'.
وقال يوسف إن سلطة البيئة تفاجأت بإنشاء هذه المحطة، موضحا 'منذ سنة ونصف توجهنا للبلدية، وقالوا إن العطاءات موجودة، ولكن هناك مشكلة في توريد الأجهزة والمعدات للمحطة، حيث إنهم بحاجة لموافقة لجنة المياه الفلسطينية الإسرائيلية المشتركة، وتوجهنا لمنطقة الطيرة، وفوجئنا بأن الطواقم تعمل في البنية التحتية للمحطة'.
وبين أن سلطة البيئة 'تتخوف من عدم التعامل بشكل صحيح مع المياه الناتجة عن المحطة بعد معالجة ما مجموعه 2000 كوب يوميا، وإذا لم يتم التعامل معها للانسياب بسلاسة ستؤدي لمستنقعات ومشاكل صحية وتكاثر حشرات وسيلان، كما أن محيط المحطة قريب جدا من السكن، بمعنى أن المحطة أوقفت الامتداد العمراني، وعدم وجود روائح مستحيل خاصة في الليل، رغم أنه تجري معالجة الروائح بعد المعالجة الميكانيكية، كما أنه من الممكن أن يؤثر سلبيا على أسعار الأراضي المحيطة'.
ورغم ما تقدم بين يوسف أن المواطنين سيشعرون بالرضا، كون المحطة وشبكة الصرف الصحي ستخلصهم من الحفر الصماء القريبة من بيوتهم ومنشآتهم، والتي تخفف عليهم أيضا تكاليف نضح هذه الحفر، وما تسببه من آثار بيئية.
وتساءل: 'مهندس البلدية يقول إنه متأكد من استغلال أصحاب الأراضي للمياه للزراعة، لكن الثقافة الفلسطينية لا تتقبل مزروعات مروية بمياه معالجة'.
رغم ذلك أكد يوسف أن المحطة تحمل مواصفات عالية، 'بتقديري لها إيجابيات عالية، وأتوقع أن تكون إيجابياتها أعلى من سلبياتها، بالرغم من أن دراسة الأثر البيئي ومواصفات المحطة وضعت باجتهاد من البلدية وحدها ولم تشارك المؤسسات المعنية بها، ومع ذلك نتمنى لهم النجاح'.
فتح هذا الحديث بابا للتساؤل عن ترخيص المحطة وحصولها على الموافقات اللازمة من الجهات ذات الاختصاص، توجهنا إلى مدير دائرة الصرف الصحي عادل ياسين، المسؤول عن متابعة محطات التنقية وشبكات الصرف الحي، والذي بدوره أكد 'نعم تم تقديم طلب لسلطة المياه، وبالتالي للجنة المياه المشتركة، وعادة لا نقوم بتقديم أي طلب لهذه اللجنة قبل الحصول على الموافقات اللازمة من دائرة الترخيص في سلطة المياه، وحصلنا على موافقة الجانب الإسرائيلي، وطلبنا من البلدية استكمال التراخيص، من ناحية موقع المحطة والأرض وتقرير التصميم والتقارير الفنية، بالتالي المحطة إجراءاتها مكتملة'.
وعن مواصفاتها؛ قال إن المحطة تعمد إلى استخدام أفضل التكنولوجيات وأعلاها كلفة، وهي تكنولوجيا الأغشية، التي تنتج مياها قريبة من مياه الشرب، وهي 'صالحة للاستخدام لكافة الأنواع باستثناء الشرب، وفيما يتعلق بالزراعة نتبع تعليمات وزارة الزراعة التي تمنع استخدام هذه المياه لزراعة الخضراوات'.
وعن المياه الناتجة عنها قال ياسين: 'نؤكد تماما أن المياه الخارجة من المحطة تعمل في ظروف مثالية وقريبة من المياه العادية، ولا خطر على اختلاطها بمياه الأودية نهائيا، والمياه المعالجة لن تصل لنبعة عين قينيا، عدا عن المراقبة الدائمة من البلدية نفسها بصفتها المشغل ومن قبلنا وسلطة جودة البيئة، وهي آمنة'.
وبالعودة إلى مواصفات هذه المحطة، التي من خلالها يمكن دراسة أثر المحطة البيئي وإمكانية الاستفادة من هذه المياه؛ قالت الدكتور ريم مصلح، حاملة درجة الدكتوراة في الهندسة البيئية، إن 'مواصفات المحطة ممتازة، وتنتج مياها جيدة، وتصلح للزراعة، وتغذية الحوض المائي الجوفي، كما أن المشروع أساسي جدا للمنطقة، في ظل وجود حفر صماء، ما يرفع من خطر التعرض لتسريبات تؤدي لاختلاط المياه العادمة بالمياه العذبة الجارية أو الجوفية'.
وشددت على 'ضرورة تقييم عمل المحطة بعد ثلاثة أشهر من تشغيلها وليس الحكم عليها منذ الآن'.
أما مدير دائرة التصميم والدراسات الهندسية في وزارة الزراعة، ومدير دائرة المياه الهامشية سابقا مهند الحاج حسين فبين أن علاقة الوزارة بمحطات التنقية عموما تبدأ بعد تشغيل هذه المحطات، لمعرفة جودة المياه الناتجة منها وكيفية الاستفادة منها، وكيفية استخدامها، ومنح تراخيص الاستخدام للمزارعين، لأن القانون يمنع استخدام مياه الصرف الصحي قبل المعالجة، ويشترط الحصول على موافقة وترخيص مسبق قبل إعادة الاستخدام، كما أنه يمنع استخدامها لري الخضراوات.
وأوضح أن آلية العمل تشمل، 'أخذ عينات يوميا من المياه لمطابقة جودتها للمواصفات، وفي حال كانت جودتها أقل من المواصفات نعمل مع المزارع على إدارة المحاصيل'، مشيرا إلى وجود مواصفات وتعليمات فنية إلزامية تعمم على المزارعين الحاصلين على تراخيص لاستخدام المياه المعالجة في الزراعة.
وتوقع أن تكون المياه المعالجة الناتجة عن محطة الطيرة جيدة إلى جيدة جدا وقد ترتفع إلى ممتازة، ما يجعلها تناسب المحاصيل العلفية الكاملة، والزيتون والفاكهة بمعظم أنواعها، واللوزيات، مشيرا إلى أن القاعدة العامة إمكانية ري كل المحاصيل ما عدا الخضراوات.