توظيف الدين في أجندات السياسة- الاسير ماهر عرار
يحتوي الدين على مؤثرات وتأثيرات فطرية وقيمية في الوعي الأنساني،سواء كان الحديث عن الدين المسيحي أو اليهودي أو الأسلام،بحيث يبدو أتباع هذه الديانات في منتهى الخضوع والخنوع والضعف والخشوع في حضرة الدين ....
نتيجة لقيمة الدين في الوجدان والوعي والموروث الأنساني،كثيرا ما تم توظيف الدين في سياق أجندات سياسية وأستعمارية في مراحل التاريخ كافة(من نابليون إلى هيرتزل والصهيونية،إلى الأخوان والسلفيات الأسلاموية)،أذ يكفي أن تغلف أي فكرة أو مشروع أو أطروحة ،بصبغة الدين حتى يذعن لك الجمع بالسمع والطاعة ....
لن اقحم مقالتي هذه في دهاليز التاريخ الحافل بأنتهازية المجاميع لقيمة الدين في مأرب السلطة والسيطرة ،فثمة ظواهر معاصرة أكثر صلة بالواقع والمرحلة من متاهات التاريخ البائد ....
كغيرها من التجارب السياسية ،عمدت التيارات الأسلاموية ،إلى الخلط بين ابعادها الدنوية السلطوية وبين الدين والأسلام،بحيث تتوارى خلف قداسة هذا الدين في سياق الاقصاء في معادلة السياسة بأسم الدين(الأخوان والمشروع الأسلامي طوال 85 عام) ...
في نقد هذه الظواهر الأقلو أسلاموية من الجدير الأصل الفصل بين مفهوم الأسلام والأسلاموية....
حيث من الأنسب والأسلم ان نسمي هذه الظاهرة بأصطلاح يخرج الدين والأسلام من شرورها،فهي في واقع الأمر تيارات اسلاموية وليست تيارات أسلامية ،ففي الوصوف الأول نختزل المعنى في خصوصية هذه التيارات وهي السياسية وهذه حقيقتها،حيث لا يوجد في الأسلام تيارات إسلامية ولا حتى مذاهب ومتمذهبين، وأنما ثمة إسلام ومسلمين ، وفي الثانية وهي الأطروحة التي يتشدق بها الأسلامويين من أخوان ومن لف لفهم،يجري أعادة صياغة للوعي الشعبوي ، بحيث يتم تسويق هذه الأطروحة كنمط ومنهجية تترجم ما أنزله الأسلام وتختصر الوصاية على الدين والأسلام في خطابها وأداءها وعداءها وشرها وشرورها تجاه الذات الأسلامية (غيرها من المسلمين) وإزاء الأخر يهودي أو مسيحي أو سوى ذلك من أمم خلت أو خلفت ....
يصر الأسلامويون على الأصطلاح الأحتكاري (التيارات الأسلامية) تحقيقا لمأرب سياسية توظف حساسية الدين بعدما يتم تسويق التيار كمشروع يحمل شعلة الخلافة(الخرافة) وتحقيق الشرع والشريعة ، وجلها مضامين تلامس وجدان أمي وأبي ومحيطي من العوام البسطاء في مدركات الدين والمأخوذين بحساسية بالغة في مقتضيات الشرع والشريعة ،وبالتالي نفهم من سعي وإصرار التيارات الأسلاموية على إلصاق الشرع والشريعة والدين والخلافة في اطروحتها (المشروع الأسلامي) تحقيقا لغاية مبيتة تستغل الدين وتنتهك قداسته،وتنتهز سذاجة العامة وتأخذهم على حين غفلة من أمرهم كما جرى ويجري في بلداننا العربية ....
قد يحتفظ التيار الأسلاموي ببعض من السحر الأخاذ للعوام ،بيد أن الواقع يشي بأن هذا التيار بات يرقص رقصة الموت الأخيرة بدأ من تونس مرورا بليبيا وسوريا ومصر وأنتهاء بأمارة الظلام في غزة حيث أخر قلاع عباءات الدين في مشروع الأرشاد الأخواني العقيم ...