الرئيس محمود عباس!!! - رامي الغف
المتتبع والراصد لخطوات الأخ الرئيس محمود عباس أبو مازن لا يجد صعوبة ولا يجد معوقات في فرز الرموز الوطنية عن الرموز (المتوطنة) والتي تريد أن تكون وطنية ولكن على حساب الدم والكرامة الفلسطينية الطاهرة والغالية، وأنا لا أريد أن أكون داعيا لهذا الرمز أو ذاك (الرميز) أن صح التعبير ولكن وجدت انه من الضرورة أن تكتب أقلامنا عن رموزنا الفلسطينية الأصيلة التي ما انفكت وهي تبذل الغالي والنفيس من اجل عودة (البسمة) إلى الطفل اليتيم وعودة الأمل بالغد المشرق لكل أبناء فلسطين من شماله الى جنوبه ومن شرقه إلى غربه وما بين الجهات الأربع وما يحيطها وما في داخلها، وحقيقة ان الوطن الفلسطيني غني بقادة أقحاح وميامين، فهي أنجبت وتنجب رجال عظماء كتب لهم ان ينهضوا وان يغيروا واقع الجماهير نحو الأفضل والأحسن. ومن هنا فنخبة المتابعين للواقع وللمشهد الوطني الفلسطيني تعلم، بحرفية ومهنية إنه بمقدار ما يتألق به الرئيس أبو مازن رئيس الدولة الفلسطينية العتيدة، وطنيا وداخليا وخارجيا بمقدار ما يتراجع البعض ويتقوقع, وبمقدار ما يبادر سيادته لمد يد الإخوة بمقدار ما يسارعون لطعنه ومهاجمته إعلاميا ومعنويا واستهدافا له،
والزمن والتاريخ كفيل بأن يضع النقاط على الحروف، وأعتقد إن ما نسمعه حاليا من الكثير من النخب المثقفة والواعية وفي الشارع الفلسطيني، بأن هناك إدراكا حقيقا لما يدور وهناك تشخيصا واقعيا للمواقف الصحيحة والخاطئة والأساليب الإعلامية الرخيصة، حيث أثبت الوطني وطنيته من خلال أقواله وأفعاله وقد أثبت البعض عكس ذلك والأيام القادمة كفيلة بأن تنزع ورقة التوت عنهم. لم يكن ظهور الزعيم الفلسطيني أبو مازن كقائد سياسي وطني برهن على خبرته وحنكته وذكائه في العمل الوطني مفاجئا على واجهة الأحداث فهو سليل مجدين تاريخيين فلسطينيين، المجد الفدائي الثوري والمجد السياسي المؤسساتي، ففي الأولى هو أب الشعب الفلسطيني وأخ الرئيس الرمز الشهيد ياسر عرفات ووريث تضحيات الآلاف من شهداء وجرحى وأسرى من شعبه ضد الظلم والطغيان والاستعباد والاستبداد الصهيوأمريكي, وفي الثانية هو السياسي ورجل العمل المؤسساتي على مر مراحل تأسيس الوطن الفلسطيني الحديث. يلعب الرئيس اليوم دورا بارزا في العملية السياسية والمشهد الوطني الفلسطيني،
فهو رجل الاعتدال الأول من خلال مبادراته المستمرة وأطروحاته النيرة، فهو أول من دعا إلى طاولة الحوار لحل جميع القضايا الوطنية السياسية المختلف عليها، وهو أول من نادى بالشراكة الوطنية وتبناها وأكد على أن لا تهميش ولا إقصاء لأي مكون سياسي، وشدد بقوله " نحن حريصون كل الحرص على أن لا نعود إلى الوراء، نحن أبناء الحاضر والمستقبل الفلسطيني، ونجد ان مستقبلنا وعزتنا وكرامتنا، في وحدتنا وشراكتنا وتلاحمنا الحقيقي وانفتاحنا على جميع الفلسطينيين فعهدناه يتعالى على الجراح دوما ويدعو لتوحيد الصف الوطني الفلسطيني، رغم كل ما حدث ويحدث، كيف لا وهو من تربي في المدرسة الوطني الثورية الفتحاوية وجنبا إلى جنب مع الشهداء البررة أبو عمار والكمالين وأبو يوسف النجار وسعد صايل وفيصل الحسيني والوزير وخلف، وهو دائما وأبدا يحتضن الثوار الأحرار، فأرتشف من الفتح عبقها المعطاء، فطوبى لك أيها المجاهد الجسور والفلسطيني الغيور.
إن المشروع النهضوي الوطني للأخ الرئيس أبو مازن لازال ينبض لتتحرك على إيقاعه عقارب تلك الساعة التي تؤشر التقدم الكبير في مفاهيم الوحدة ونبذ الفرقة والحوار البناء والرؤى الناضجة الموحدة التي تجمع كل الفلسطينيين والقادر على احتواء الأزمات، فالغوص في نفوس الآخرين لاستجلاء معادنها الأصيلة والمقدرة الفائقة على إعادة صهر تلك المعادن لتشكيل فسيفساء الوطن الكبير، ولأنه واحد من أولئك الذين لا يريدون مغادرة مسرح الحياة إلا بعد ان يكونوا على ثقة من أنهم قدموا النموذج الذي يفتخر به الآخرون وان يرسمون ملامح الطريق الواضح نحو غد فلسطيني مشرق وبناء، ذلك الغد الذي نزف من اجله الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى، فهو يواصل مسيرة الدفاع عن الوطن ويرمقها بعين لا تنام ويتفاعل مع تفاصيل المشروع الوطني الذي أرسى ملامحه بصبره وكفاحه ودعاءه.فهذا القائد يذيب بصبره الخلافات ويسقط الحواجز ويحتوي كل الجميع ولهذا انتزع موقع الصدارة في الأنفس والقلوب وتمكن من رصد العلل وتشخيص الأخطاء وسعى الى إصلاحها وترميم الواقع لبناء مستقبل يليق بالجماهير الفلسطينية.
إن أكثر ما يزدحم به فكر الأخ أبو مازن هو ان تكون فلسطين موحدة منتصرة على كل أجندات الانقسام والتعصب الحزبي الأعمى، فهو القادر على مواجهة الخطط والبرامج والمناهج الضالة التي تريد تمزيق الوطن الفلسطيني وتشتيت صفه الوطني الموحد، فجهود أبو مازن هي جهود إخلاص وخير وبركة في خدمة جماهيره وأهله ورأينا هذه الجهود على ارض الواقع مرارا وتكرارا وكان آخرها وليس أخيرا عندما زار السيد الرئيس لبنان والتقى خلالها بأبنائه وشعبه وفصائله الوطنية والإسلامية هناك، وهذه الزيارة التي تعتبر ترجمة حقيقية لواقع المصالحة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد، ولم يقف أبو مازن بلبنان بل انطلق للأردن بكل عزم وهمة حيث التقى شعبه وأهله، وتكلم في أمور كثيرة وحقيقة الأمر كانت كلماته عبارة عن درر تم صياغتها ببراعة وفكر ثاقب ونظرة عميقة للأمور وحنكة سياسية،
وأنا هنا أريد ان أكون أكثر صراحة وموضوعية وأود ان اسأل بعض الأسئلة ومن هذه الأسئلة، هل السيد الرئيس بحاجه الى جاه وهو الوجيه في الدنيا والآخرة بأذن الله حتى يتحمل كل هذه المخاطر وكل هذه الصعاب ويلتقي أبناءه وأحبابه؟ واعتقد ان الإجابة على هذا السؤال هي إجابة واضحة لا تقبل التأويل ان ابو مازن ليس بحاجه الى جاه حتى يطلبه، والسؤال الثاني هو هل ان ابو مازن بحاجة الى مركز أو نفوذ هنا أو هناك؟ والإجابة ان المركز أو النفوذ هما من يطلبا الأخ الرئيس لا العكس، والسؤال الثالث هو هل ان ابو مازن بحاجة الى ان يرى شعبه ويرى أبناء جلدته بخير ومحبة وسلام ووئام وينعمون بخيرات وطنهم؟ والجواب نعم وألف نعم ان محمود عباس ابو مازن بحاجة بل متعطش ومتلهف الى هذه الأمور ويعمل دون كلل أو ملل من اجل تحقيقها. إن البصيرة الثاقبة لأبو مازن أصبحت تؤكدها وقائع التاريخ وواقع الحال، كيف لا وأنو القائل دوما " وحدتنا رمز عزتنا "وبالوحدة الوطنية نختصر الكثير من الآلام والتضحيات ونبني دولة المؤسسات ".
لقد أثبت أبو مازن للقاصي والداني أنه وقيادته وشعبه طيلة تاريخ نضالهم الطويل والمرير إنهم يستحقون بجدارة كل الاحترام والتقدير لما بذلوه ويبذلوه من جهد متواصل وشاق من أجل الدفاع عن حقوقهم وثوابتهم الوطنية المقدسة وعدم التفريط بها أبدا، وعلى هذا الأساس فليس أمام الكل الفلسطيني، إلا أن يستجمعون كل عناصر القوة فلسطينيا وعربيا لمواجهة تحديات المرحلة القادمة واستحقاقاتها على أساس الثابت وهو إقامة دولتكم المستقلة " فلسطين " وعاصمتها القدس الشريف وحق عودة لاجئيها، ضمن الثوابت لهذه المرحلة التاريخية العالمية وهي الثوابت المتعلقة بالأرض والاستيطان والقدس وعودة النازحين إلى ديارهم وحقوقهم في مواردهم الطبيعية وخاصة المياه والغاز والحرية والاستقلال المتكافئ. يجب أن يدرك الجميع وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني نتنياهو ويعالون وباراك وليبرمان وزبانيتهم، إنه وفقا لحرية وحقوق وكرامة الفلسطيني يتقرر "السلم واللاسلم"، "العنف أو اللاعنف"، اكتمال المعادلة الإقليمية أو عدم اكتمالها، ففلسطين بكلها بشعبها وقيادتها وحكومتها وفصائلها لابد وأن يقفوا كلهم صفا واحدا وجسدا واحدا لمواجهة هذه التحديات الجاثمة أمامهم من العدو الصهيوني والإمبريالي العالمي، والعمل سوية بروح الوطن الواحد, فهكذا هي الأخلاق الفلسطينية، وهكذا هي صفات شعب فلسطين العظيم,
الشعب الذي صفحات تاريخه وحضارته منذ مئات السنين أثبتت وتثبت إنه شعب الجبارين لا يقبل إلا أن يكون رقم صعب وفوق القمة دائما. لذلك فمن الأساس هنا التركيز على التكامل والتنسيق فيما بين القيادة والشعب والفصائل الوطنية في نطاق دوائر الوضع الذاتي جميعها، ومنها الاتفاق التاريخي للقوى الوطنية والإسلامية، حيث يجب أن لا تتضارب المجهودات أو تتناقض أو يكون بعضها على حساب البعض الآخر، فليس من حق أحد هنا أن يقع في الخلل، وليس من حق أحد هنا وهناك أن يضعف وتائر الصمود والتحدي ورص الصف الوطني الفلسطيني، وليس من حق أحد أن يخل بمسيرة الوصول إلى هدف أقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وحق عودة اللاجئين المسحوقين هنا وهناك. إن الخطر ما زال ماثلا أمامكم يا قائد المسيرة الفلسطينية، وإن حلقات المؤامرة ما زالت مستمرة ليس على صعيدكم الخاص، بل على كافة الأصعدة داخليا وخارجيا،
وقد أصبحتم فعلا على شفير هذه المواجهة بغض النظر عن التسميات، وعن آفاق الرؤية لما يحدث أو ما يمكن أن يحدث تاريخيا. ومما لا شك فيه أن مدى ما تمسكون به من استحقاقات في الأرض والاستقلال، في تحرير الإنسان والأرض هو الأساس لميزان قوتكم المضافة إلى قوة الروح الفلسطينية.