المسلكيات في الثقافة الذاتية والحركية- المسلكيات حلقة الوصل بين الوعي الحركي والوحدة الفكرية-ح(10)
إن الانتماء الحقيقي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح"، يعني أن نبتعد عن ممارسة الشللية، والتشرذم، والانتهازية، وهذا يتم من خلال محاربتنا للمسلكيات التخريبية المقصودة والغير مقصودة، وسواء تلك التي تظهر من أعضاء في الهيكل التنظيمي أو من قيادات مسئولة، فأي عضو يتصف بالأنانية والعمل لأجندات خارجة عن مفهوم المركزية الديمقراطية هو سلبي النزعة الحركية ويتوجب تعرية تصرفاته وأفكاره وحجب قوته، لكي يسلم الجسد .
إن اتفقنا أن حركة فتح قد تجاوزت الكثير من الأزمات الصعبة والمصيرية واستطاعت التغلب على السلوكيات الفردية للبعض الأناني في مسيرة الوجود الثوري والانطلاقة الوطنية، فهذا لا يعفينا من أن نستمر في هذا التحدي وهذا النهج السليم في المعالجة والبقاء والبناء وممارسة السلوك الفاعل والايجابي والمميز وتحمل كل عضو مسؤولياته بكل أمانة ومصداقية، فهذا هو التعاون الذي يقود إلى القرار السليم والفعل الحركي المنشود الخالي من الشبهات والضغائن والضعف والتلاشي، ويظهر هنا أهمية بالغة لاعتماد دورات المسلكيات الحركية في كافة الأطر والمستويات، ولا نبالغ إن طالبنا أن يحمل كل عضو مؤتمر حركي جواز المرور لقبول عضويته باجتيازه لدورة من هذه الدورات الهامة، فالثقافة الذاتية هي الوعي التنظيمي التطبيقي للمسلكيات والسلوك الحسن، فلا يوجد تنظيم قوي وناجح دون وعي ولا يوجد وعي دون تنظيم، والعلاقة طردية، والتناقص هنا من، وعلى الفرد، وهنا وجب المعالجة الفردية، ومن هنا جاءت عقوبة إهمال التثقيف الذاتي المنصوصة في المبادئ الأساسية للحركة، فالثقافة تعتبر مصدر قوة للشخص والبنيان التنظيمي كافة، وتقود إلى الوحدة الفكرية التي تتكون من وحدة الأهداف، ووحدة الأسلوب، ووحدة المنطلقات وتجسد الأفكار الإبداعية والتميز الذي يتصل بلا حواجز مع الممارسة الناجحة المنسجمة مع روح الانتماء الحقيقي والالتزام والانضباط الفردي والجماعي.
إن المسلكيات التي نقصدها هي تلك التصرفات الشخصية والجماعية ذات الأهمية الكبرى أمام الحقائق والمؤثرات والمتغيرات والظروف والتحديات التي نواجهها كأشخاص وتواجهها الحركة كتنظيم موجود في النسيج الفلسطيني، وهذه التصرفات تشكلنا ونتشكل من خلالها في الوعي الوطني ومن هنا يمكن تفسير القدرة على الاستقطاب والإقناع.
إن نظرتنا للأمور يجب ألا تخلو من تلك قناعتنا واعتقادنا الراسخ بأهمية النجاح وحتميته والقدرة على الوصول إلى هدفنا الأسمى والأساسي وهو إنهاء الاحتلال وانسحابه وقيام دولتنا الفلسطينية وعاصمتنا القدس، وهذه النظرة نعمل على تعميمها لتصبح فكرة واعتقاد وممارسة وسلوك، فهل يمكن أن يتم ذلك إلا بأيدي وعقول ناضجة وتتمتع بالمصداقية السلوكية وفرض المسلكيات الحميدة.
إن هذا الاعتقاد الايجابي هو الأساس الذي نبني عليه كل أفعالنا ونرفع إلى مستويات مقدمة على صعيد العضو في الإطار أو صعيد الحركة في الوطن أو صعيد الوطن في المحيط الإقليمي والدولي، فالنظرة والاعتقاد تصبان في مسار واحد وتلتقيان معا، وعلى الإنسان الواعي أن يؤمن بذلك ويعمل به .
إن المسلكيات هي سلاح الجندي في المعركة وسلاح العضو في الحركة، ويجب على الجميع أن يتحمل هذه المسؤولية تحملاً كاملاً غير منقوص أو مشوه، فلا يمكن لجندي ( حركي ) مضطرب عاجز في ذاته أن يدخل المعركة وينتصر، وكذلك العضو الدائم القلق والتشكيك والمصاب بالانفصام الفكري والتناقض السلوكي، يتحول إلى جندي مهزوم في داخله فاقداً لأهلية العمل، وعبء على المجموع، ويسهل تحويله إلى أداة لبث الشائعات والانفلاش والميوعة والأفعال المرفوضة.
وعلينا ونحن نقترب من المؤتمر السابع ومن خلال تثبيت العضوية التي لا تكتمل إلا عندما يصبح الفرد عضوا في خلية أو جناح أو شعبة أو ضمن إطار لجنة حركية محدودة، علينا مناقشة " أهلية العضو " للاحتفاظ بعضويته أو فقدانها وفق معيار حركي دقيق لمسلكياته المختلفة.
الى اللقاء في الحلقة القادمة