استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني  

اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني

الآن

الفنادق.. هياكل فخمة بخدمات متدنية وتعدد جهات الاختصاص يثبط الاستثمار

أكاديمية التدريب الفندقي قيد الإنشاء في أريحا القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية

 - مدرستان للتدريب الفندقي في بيت لحم وأريحا لرفد الفنادق بالكوادر المؤهلة

 جعفر صدقة - حين دخلت 'أم أدهم' إلى أحد الفنادق في رام الله باحثة عن عمل، لم تكن تطمح إلى أكثر من عاملة تنظيف في الغرف، ففي تقديرها ليس لديها ما يؤهلها لعمل أفضل من ذلك، غير أنها مع مرور الوقت أظهرت براعة عالية في إعداد الوجبات التقليدية الفلسطينية، نقلتها إلى واحدة من أفضل الطباخين في الفندق.

دخول 'أم أدهم'، الأرملة والمعيل الوحيد لأسرتها، للعمل في قطاع الفنادق ليس استثناء، فمعظم العاملين في هذا القطاع كانت 'الصدفة' مؤهلهم الوحيد، في غياب إستراتيجية تدريب كفؤة، سواء على الصعيد الرسمي أو القطاع الخاص.

في السنوات الأخيرة، حقق قطاع السياحة عموما، والفنادق خصوصا، نموا كبيرا، سواء لجهة عدد السياح القادمين إلى البلاد، أو عدد ليالي المبيت في الفنادق الفلسطينية، أو لجهة زيادة عدد الفنادق والغرف، ومن ثم البدء بعملية تصنيف للفنادق الذي يفترض أن يكون وفقا لمعايير عالمية، لكن لم يواكب هذا النمو تحسن مناسب في نوعية الخدمات.

في نهاية العام 2006، بلغ عدد الفنادق 79 فندقا، تضم حوالي 3900 غرفة بنحو 8400 سرير، تشغّل نحو 1300 مستخدم، قفزت هذه الأرقام في نهاية العام 2013 إلى 111 فندقا تضم حوالي ست آلاف غرفة بنحو 13700 سرير، فيما ارتفع عد العاملين في هذا القطاع إلى حوالي 2800 مستخدم.

 

نمو عشوائي

هذا النمو في البنية التحتية الفندقية ليس أكثر من محاولة عشوائية لمواكبة النمو الكبير في عدد السياح الوافدين إلى فلسطين، والذي ارتفع من نحو 350 ألفا في العام 2007 إلى 2.5 مليون في العام 2013، وهو عدد مرشح للزيادة على مدى السنوات القادمة، نظرا للإمكانات الهائلة الكامنة في هذا القطاع، من أماكن تاريخية ودينية، دون إغفال أن ذلك يتوقف على التطور في الوضع السياسي على الأرض.

لكن هذه الزيادة في عدد الفنادق والغرف تحولت إلى عبء لعدم توفر احتياجاتها من مقدمي الخدمات بمستوياتها المختلفة، إذ يبدو أن أعين المستثمرين تركزت على نهاية الطريق دون الالتفات إلى عثراتها، والنتيجة فنادق هياكلها لا تخلو من الفخامة، لكن بمستوى متدن من الخدمات، ورغم ما تبذله وزارة السياحة لتطوير هذا القطاع، بما في ذلك تحسين نوعية الخدمة، إلا أن إمكانياتها أضعف بكثير من التزاماتها، كما أن القطاع الخاص لا يبدو أنه مستعد للإنفاق بما يكفي على التدريب، فما كان من جمعية الفنادق العربية، المؤسسة القيادية في هذا القطاع، سوى اللجوء إلى 'العم سام'، فخصصت الوكالة الأميركية للتنمية حصة لهذا القطاع إلى جانب ثلاثة قطاعات أخرى، ضمن مشروع 'تطوير القطاع الخاص- كومبيت' على مدى 5 سنوات بكلفة 60 مليون دولار.

 

تعدد جهات الاختصاص

وقال أمين سر جمعية الفنادق العربية جمال النمر، إن 'الاهتمام الحكومي على أرض الواقع بقطاع السياحة ليس بمستوى الخطاب الرسمي، فالموارد السياحية في فلسطين من أهم الموارد في العالم، من رموز دينية وتاريخية.. لو وجدت في دولة أخرى لصنعوا المعجزات، مع تقديرنا لوجود عقبات كبيرة من الاحتلال'.

وأضاف: كلمة حق، فوزارة السياحة تبذل جهدها، لكن ربما ضعف الموازنة وغياب الرؤية يجعلان من هذا الجهد بلا نتيجة.

لقطاع الفنادق آباء متعددون، لكن لا أحد منهم يقوم بواجبه تجاه الابن 'اليافع'، فبناء فندق يحتاج إلى تراخيص من وزارة الاقتصاد الوطني كشركة، ومن وزارة الصحة، ومن الدفاع المدني، ومن وزارة السياحة، إضافة إلى موافقات أمنية، لكن العقبة الكأداء تكمن في مكان ما في أروقة البلديات، التي همها الوحيد هو جباية أكبر قدر من المال.

وقال النمر 'لقطاع الفنادق مليون أب، من وزارات ومؤسسات رسمية أخرى، لكن المشكلة الأساسية في تعدد الرسوم من قبل البلديات. رسوم ترخيص، ورسوم لتحسين البنية التحتية، ورسوم خيالية في حال تحويل صفة استخدام المبنى في هذا القطاع، ولا تنسيق ولا رؤية موحدة للمؤسسات المعنية.  هذا لا يشجع على الاستثمار في القطاع'.

 

الكادر المؤهل مفتاح التطور

قبل أيام، احتفل بتخريج نحو 90 متدربا هم الدفعة الأخيرة من ألف من العاملين في الفنادق، خضعوا لتدريب على مدى 8 أشهر، شكّل المرحلة الأولى من برنامج 'كومبيت' الممول من الوكالة الأميركية، ونفذته الجمعية العربية للفنادق، وتشمل هذه المرحلة أيضا برنامجا لتصنيف الفنادق الفلسطينية، وهي خطوة ضرورية لوضع هذه الفنادق على الخارطة الالكترونية العالمية، لتتمكن مكاتب السياحة من الحجز لزبائنها في هذه الفنادق، كما هو الحال في جميع فنادق العالم.

وقال منسق مشروع تطوير القطاع الخاص في الوكالة الأميركية غسان الجمل، إن المرحلة الثانية تشمل بناء مدرستين للتدريب الفندقي: الأولى في جامعة بيت لحم، والثانية في أريحا.

وأضاف: 'التصاميم اللازمة لإنشاء المدرسة في أريحا أنجزت، ونتوقع بدء البناء الفعلي للمدرسة في أيار المقبل، كما وقعنا الاتفاقيات اللازمة مع جامعة بيت لحم لتطوير المنهاج الحالي، ليتضمن 50% مادة نظرية و50% تدريبا عمليا، وتطوير 25 برنامجا تقنيا، ونتوقع أن يبدأ التدريب في هذه المدرسة اعتبارا من بداية العام الدراسي المقبل في أيلول'.

 

استثمار كبير ومردود ضعيف

إحدى العقبات الرئيسية التي تعاني منها الفنادق، إضافة إلى قلة الكوادر المؤهلة، ارتفاع تكاليف الاستثمار من جهة، وارتفاع تكاليف التشغيل من جهة أخرى، في حين أن نسبة الإشغال في الغالبية العظمى من الفنادق ما زالت دون النقطة اللازمة لتحقيق التعادل بين المصاريف والإيرادات، ناهيك عن الربح.

فمعدل حجم الاستثمار في الغرفة الواحدة يصل إلى 100 ألف دولار، كما أن تغطية المصاريف تحتاج إلى نسبة إشغال بين 40 و50%، في حين أن نسبة الإشغال في جميع الفنادق حاليا أقل من 40% (المعدل حوالي 26%)، فمن بين 2.5 مليون سائح زاروا فلسطين في العام 2013، هناك نصف مليون فقط أمضوا بعض أيام رحلتهم في الفنادق الفلسطينية، ما يعني أنهم يزورون فلسطين لكنهم ينفقون أموالهم في إسرائيل.

وقال النمر 'حجم الاستثمار ومصاريف التشغيل في هذا القطاع مشكلة بحد ذاتها، فكيف إذا أضيفت لها الرسوم الباهظة، خصوصا تلك التي تطلبها البلديات؟ البلدية هي أكبر عائق للاستثمار في القطاع السياحي'.

'في العام 2012، شهدنا قفزة غير مسبوقة في القطاع السياحي. زيادة في عدد السياح بنسبة 18%، و زيادة في عدد ليالي المبيت في الفنادق الفلسطينية بنسبة 25% (2.25 مليون ليلة مبيت)'، قالت وزيرة السياحة والآثار رولا معايعة.

وأضافت: في 2013، كان التحدي الأبرز هو الحفاظ على هذه القفزة، وما كان يبشر بخير أن هناك زيادة بنسبة 14% ليصل عدد السياح إلى 2.5 مليون سائح، رافق ذلك نمو في البنية التحتية، حيث افتتحت العام الماضي عدة فنادق جديدة، فيما زادت فنادق قائمة عدد الغرف المتاحة لديها، وفنادق بدئ بإنشائها، وأخرى حصلت على التراخيص اللازمة.

من حيث الخدمة، قالت معايعة 'لم نصل إلى مرحلة نقول فيها إن خدماتنا باتت بالمستوى المطلوب، لكنها تتطور. عملية التصنيف التي بدأناها العام الماضي هدفها تطوير الفنادق، والرقي بخدماتها.

وإضافة إلى البرنامج التدريبي الممول من الوكالة الأميركية للتنمية، قالت معايعة إن الوزارة تعمل مع عدة جهات لابتعاث متدربين، 'وفي هذا السياق وقعنا اتفاقيات مع مؤسسات مصرية وفرنسية وهندية، وبالتوازي نسعى لبناء أكاديمية متميزة للتدريب في كافة اختصاصات القطاع السياحي'.

 

البلديات العائق الأكبر للاستثمار السياحي

لكن ماذا عن الحوافز ومعيقات الاستثمار في هذا القطاع؟ إضافة إلى المعيقات المرتبطة بالاحتلال وممارساته، تقر معايعة بوجود معيقات جمة منشأها محلي.

وقالت 'في موضوع رسوم المهن، كانت تدفع بشكل مزدوج: للوزارة والبلدية. توجهنا للقضاء وأصدرت المحكمة قرارا بحصر هذه الرسوم بوزارة السياحة فقط. أما في باقي الرسوم، كترخيص البناء وتغيير صفة الاستخدام، فإننا نتابع كل حالة على حدة. تدخلنا في كل الحالات التي احتاجت إلى تدخل وفقا للقانون، لكن في النهاية لا نستطيع كوزارة تحديد قيمة الرسوم، فهي من اختصاص البلديات وفقا للقانون'.

وأضافت: طرحنا مسالة استقواء البلديات على طاولة مجلس الوزراء بكل قوة. حتى وزير الحكم المحلي قال إنه لا يستطيع إلزام البلديات بقيمة معينة للرسوم. ما نستطيع فعله هو الدفاع بقوة عن صلاحياتنا كوزارة سياحة، وخارج ذلك لا نستطيع التصرف بعنجهية خارج القانون.

 

قوانين بالية

في فلسطين، فإن الإطار القانوني الناظم لقطاع السياحة ينحصر في قانونين: قانون التراث الثقافي الأردني لسنة 1966، وقانون السياحة الأردني لسنة 1965، وكلاهما عفا عليه الزمن، وحتى الأردن نفسه عدّل هذين القانونين أربع مرات، في حين ما يزالان ساريي المفعول في فلسطين.

'لدينا مشروعا قانونين: للتراث الثقافي، وللسياحة، لكننا لا نتوقع أن يكونا على طاولة مجلس الوزراء قبل ستة أشهر، وإلى حين إصدارهما، ليس أمامنا سوى الاكتفاء بالصلاحيات التي تعطينا إياها القوانين السارية، مع الحرص على متابعة كل مشكلة على حدة لحلها وديا مع الجهات ذات الاختصاص'، قالت معايعة.

 

برامج التسويق قاصرة

أحد جوانب التقصير التي يطرحها القطاع الخاص أيضا، تتعلق بتسويق فلسطين سياحيا، بما يليق بالرموز الدينية والتاريخية المتوفرة فيها.

وقال النمر 'كان من الممكن ابتكار أساليب وآليات لتنشيط السياحة إلى فلسطين، كتفعيل السفارات في الخارج، واستحداث هيئة لتنشيط السياحة على غرار الدول الأخرى، لكن هذا لم يحدث، ونلمس تقصيرا كبيرا في هذا المجال'.

لكن على ما يبدو، فان مسألة إنشاء هيئة لتنشيط السياحة ليست على جدول الوزارة، في المرحلة الحالية على الأقل، لعدة صعوبات تتعلق بالوضع السياسي الحالي، إضافة إلى ضعف الموارد اللازمة.

وقالت معايعة 'فكرة هيئة تنشيط السياحة موجودة، لكن الوقت الحالي غير ملائم، سواء من حيث الوضع السياسي، أو توفر الموارد، والى حين تكون الظروف ملائمة لإنشاء هذه الهيئة، سنركز على المعارض الدولية والتسويق'.

 

قطاع السياحة في خطة كيري

لكن فيما يبدو، فإن أيادي وزارة السياحة مكبلة، وتحاول أن تنأى بنفسها عن برامج قد تصب في النهاية في خدمة السياحة الإسرائيلية، وهذا يبدو واضحا في الشق المتعلق بقطاع السياحة في خطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري.

ففي الخطة، يساهم قطاع السياحة بنحو 270 مليون دولار سنويا فقط في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني، بمعدل عدد سياح يبلغ نحو نصف مليون سائح سنويا، والهدف رفع عدد السياح إلى 1.5 مليون سائح سنويا بحلول ثلاث سنوات، و3 ملايين سائح بحلول ست سنوات، بعائد يصل 800 مليون دولار بحلول ثلاث سنوات، وملياري دولار بحلول ست سنوات.

ويبدو هذا الهدف طموح وجميل، ما الذي تطرحه خطة كيري من آليات لتحقيق هذا الهدف؟

تقول الخطة 'للوصول إلى هذا الهدف، يجب أن يكون هناك تغيير جذري في الخطة التسويقية (...) كحملة مشتركة بين الأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية'، وتقترح الخطة 'إطلاق حملة تسويقية بكلفة 200-300 مليون دولار سنويا لترويج العروض الفلسطينية ومسارات الرحلات العالمية، كجزء من حملة وميزانية مشتركة مع إسرائيل والأردن'.

كما تقترح الخطة تجديد الفنادق القائمة، وبناء 80 فندقا جديدا خلال ست سنوات، وتوفير تأشيرات دخول أكثر فاعلية للسياح العرب، وخصوصا من دول الخليج، وسهولة أكبر لعبور السياح عبر معبر 'اللنبي'، وزيادة قدرته الاستيعابية، وإجراءات لتسهيل مرور السياح عبر نقاط التفتيش، بما في ذلك إلى إسرائيل والأردن، والولوج لمنطقة البحر الميت'، وكأن لسان حال الخطة يقول إن المعبر سيبقى للأبد بأيدي إسرائيل، وإن الحواجز الإسرائيلية ستبقى قائمة تقطع أوصال الأرض الفلسطينية.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025