صفحات من أوراق علي ابو طوق 1- علي نموذج وأمثولة- معين الطاهر*
هذه صفحات من كتاب خطه علي ابوطوق بدمائه. اجتزئها من الذاكرة كما هي، وبدون خيال أو رتوش، وبلا تدخل أو اضافة من جانبي. بل قد يعتري هذه الصفحات الكثير من النقص، ويتملكنا الاحساس بالقصور تجاه ذكراه. اذ ان للذاكرة الانسانية عذرا في ضعفها، وعذرنا نحن أن الفعل الانساني يتفوق دوما على محاولات تدوينه. خصوصا اذا كان الفعل ينبض بحيوية علي، وتفانيه عن ذاته، ويلتحم بالشعب ويعمل من أجله، فينزرع في تراب الوطن، ويتحد مع دماء الشهداء.
وأعترف منذ البدء أن السير بمحاذاة علي لم يخل من صعوبة على الكثيرين من رفاقه اذ ان عليا كان يؤمن بأننا لم نقدم كل ما نملك من أجل الارتقاء بالثورة، وتصعيد كفاحها، وتصليب بنائها. فالثورة في نظره فعل مستمر.. لايهدأ.. ولا يتوقف.. لذا فان أي جهد يبذل هو خطوة من أجل بذل جهد أكبر منه. وأي انجاز يسجل لا يعدو كونه علامة مضيئة على طريق تسجيل انجاز أكثر اهمية.
كان علي ينشد الكمال التام والغاية القصوى في كل ما يفعله. لكنه كان يدرك أن ثمة مسافة _تصغر أو تكبر _ بين الجهد الانساني ومثله الأعلى. ومع أن علي لم يكن قط مثاليا - بالمعنى الفلسفي-، بقدر ما كانت افكاره تندمج في الواقع. ويعبر عنها من خلال الممارسة العملية.
ولعلي أسجل هنا: انه لم يحفر خندق لم يضرب فيه علي ضربة معول. ولم يبن موقع أو دشمة لم تدم فيها يداه. ولم يتألم مقاتل الا وكان علي بجانبه.. يمسح عنه جروحه ويخفف بعض ألمه ومعاناته.
ولأن علي كان كذلك فان شعور اخوانه بالمسافة التي سبقهم فيها, سرعان ما يتحول من شعور صعوبة اللحاق به، الى الأمل بمواكبته والسير معه وعلى خطاه.
وحيثما كان علي، وفي اي موقع حل. سواء في الأردن أو لبنان.. بنت جبيل أو الشقيف.. البقاع أو طرابلس.. البداوي أو شاتيلا. فان بصماته الخاصة سرعان ما تطبع المكان بطابعها المميز. ووجوده يطلق اشارة البدء لبناء نموذج ثوري متقدم.
* قائد كتيبة الجرمق الطلابية في مرحلة الثورة بلبنان وكادر قيادي في فتح