" دولة رام الله الآمنة " - الصحفي محمد دراغمة
احدثت استضافة الرئيس محمود عباس وفدا شبابيا اسرائيليا كبيرا في مقر المقاطعة في رام الله هزة في مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبرها البعض "تدنيسا" لمقر المقاطعة، وذهبت احداهم-احداهن، وهي الناشطة الفتحاوية (نعم فتحاوية) تامي رفيدي، صديقتي اللدودة، الى المطالبة بنقل رفات الزعيم الراحل ياسر عرفات من المقاطعة الى "مكان انظف" حسب قولها...
من حق الناس ان تعبر عن رأيها وغضبها على "الفيسبوك" وفي الشارع، لكن الغضب من وعلى هذه الزيارة يثير في نفسي سؤالا: لماذا كل هذا الصخب على زيارة نشطاء سلام جاءوا الى رام الله للبحث عن ارضية مشتركة، مقابل صمتنا المطبق على الجيش الذي يحتل البلاد، وعلى المستوطنين الذين ينهبون الارض، أرضنا الواقعة وراء حدود "دولة رام الله"، وراء حاجز "بيت ايل"؟.
الاستيطان التهم الضفة الغربية. زعران يأتون من اسرائيل ويستولون على رؤوس الجبال، ويقيمون عليها بؤرا استيطانية ومزارع، وتمر سياراتهم من قلب الضفة الغربية، ولا احد يرميهم بورده، بينما يتفجر غضبنا على نشطاء سلام جاءوا من الباب، وعادوا منه الى ما وراء الخط الاخضر؟ بعضهم تاثر بالرواية الفلسطينية، والبعض الآخر لم يتأثر؟.
خطاب الرئيس محمود عباس في الوفد الشبابي الاسرائيلي أثار ايضا الكثير من الاحتجاجات رغم انه لم يختلف عن الموقف الرسمي منذ عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات. ولمعلوماتنا فان المفاوضات في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات دارت حول العناصر الثلاثة الذي ذكرها الرئيس محمود عباس في خطابة وهي: اولا، حل مشكلة اللاجئين وفق اربعة اسسس هي: جزء يعود الى اسرائيل، وجزء آخر الى الدولة الفلسطينية، وجزء ثالث يظل في موقعه الحالي، وجزء رابع الى دولة ثالثة مثل كندا واستراليا. ثانيا، تبادل اراضي بنسبة طفيفة متساوية في المساحة والقيمة. ثالثا، تواجد قوات دولية في ارض الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح..
الصحافيون في فلسطين ايضا تركوا مهنتهم القائمة على نقل المعلومات وتحليلها وذهبوا الى مساحات التعبير الغاضب. لم اعثر في كتابات الصحافيين على "الفيسبوك" على نقد سياسي او على تحليل من نوع: لماذا حصل هذا اللقاء؟ وما هو الهدف منه؟ وهل اصاب الرئيس في استضافة الوفد ام لم يصب؟ ماذا ربح وماذا خسر؟ ماذا ربحنا وماذا خسرنا؟ هل وصلت رسالته الى الاسرائيليين؟ هل كانت على حساب حقوقنا؟ ... عثرت بدلا من ذلك على تعليقات فضائحية من نوع: امسك... تطبيع.. ابو ليلى...عزام الاحمد... بشار فراشات مستشار الرئيس...حتى ظن البعض ان المشكلة تكمن في ابو ليلى وليس في اللقاء
الاجيال السابقة كانت تعبر عن رايها في الشارع، لم يكن لديها "فيسبوك".. وحتى ما حدا يزايد علي فانا كنت من الاجيال السابقة، ومن رواد السجون (سبع مرات) ، لكن اقدم هذه المداخلة من اجل التفكير الحر والعقلاني بدلا من الصراخ في الهواء...هواء "الفيسبوك" الساخن دائما..
ملاحظة اخيرة: التعليقات الغاضبة على "الفيسبوك" لا تعني انك وطنيا..