القلعة- جمال سعيد عبيد ــ غــــزة
عادةً فإن القلاع المحصنة و المدججة بالجند و العتاد و السلاح والجدر الشاهقة والأنفاق والدهاليز والحواجز والموانع الطبيعية والاصطناعية لا تخترق أو تسقط إلا من الداخل وفق الأساطيـــر القديمة والحكمة الدارجة منذ فجـــر التاريخ ،وهذا يدفعنا إلي ضرورة التوقف ملياً بعين المتفحص وعقل المستنير وقلب المؤمن لدراسة الواقع والظروف الذاتية والموضوعية المحيطة بالقضية الفلسطينية الآن واتخاذ ما يلزم من إجراءات وقائية دون عجلة أو الانتظار الطويل والذي قد يفقدنا الكثيـــر , فنحن أمام استحقاق انتهاء السقف الزمني الذي حُدد للمفاوضات في نهاية أبريل القادم وتحديد موقف نهائي بشأن خطة كيـــري والاعتراف بيهودية الدولة العبرية من عدمه وكذلك استمرار حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي بين شطري الوطن و مقاومة الضغوط الإقليمية والدوليـــة التي تمارس علي القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس أبو مازن والتي وصلت حد التهديد بالاغتيال وكأن التاريخ يعيد نفسه مرة أخــــرى وبنفس الأدوات الداخليــــة التي استمرأت الهوان وقبلت أن تكون خنجــراً في ظهـــر الثورة مع اختلاف طفيف في السيناريوهات والأدوار والأماكن
فكل الضغوط والتهديدات والتحديات الخارجية مهما بلغت ستظل خارجية وحجم تأثيرهــا لن يفت في عضدنا وسيبقي ذلك زوبعة في فنجان ما لم يجد صداً له في داخل القلعة .
لقد وصلنا نحن وجميع الأطراف في المنطقة الآن إلي الجولة الأخيـــرة واللعب فوق الطاولة علي المكشوف بعد ما أحرقت كل الأوراق , ولكن البعض أطراف الصراع يظن واهماً بأنه مازالت هناك أوراق أخــري يمكن المساومة واللعب بها فبعد أن سقطت ورقة الانقسام وتداعياته لإضعاف موقف القيادة التفاوضي وثباتها على الحقوق ، يخرج علينا العدو مجدداً بما عرف عنه حديثاً ( جماعة إسرائيل ) و أدواته ووسائله الإعلامية المختلفة والتي تنتحل اسمنا زوراً و ظلماً في حرب غير مسبوقة عنوانها الخلافات التنظيمية الداخلية لفتح والتهديد والوعيد بشق الصف الفتحاوي والتلويح بانهيار السلطة الوطنية الفلسطينية وتوجيه ضربة قاضية قاسمة لمشروعنا الوطني واحداث اختراقات وثغرات من داخل القلعة يمكن للعدو أن ينفذ منها وإليها .
إن المتتبع والراصد للأحداث بدقة يمكنه كشف ذلك بسهوله ويسمي الأشياء جميعها بأسمائها دون عناء فلقد انكشفت العورات جميعها ولا مجال للمجاملات الخادعة الكاذبة علي حساب الكل الوطني ومستقبل شعبنا بأسرة ولا مكان للخوف والخائفين والتيه والتائهين والمؤامرة والمتآمرين ولا لأنصاف الحلول التي يمكن أن تطعمنا لعدونا وتسلم أمرنا لقاتلنا بدعوى الاستيعاب والترقيع والاستصلاح و"الطبطبة" مثلاً , فالقاعدة التنظيمية العريضة واعية وتدرك بأنه لا يمكن أن يختلط الزيت بالماء ولا يعقد الخير والشر صلحاً ولا الملائكة والشياطين.
والأمـــر كله بيد القيادة وعليها أن تتخذ القرار وأن ثورة التصحيح والتطهيـــر الداخلي من الضرورة أن تستمر حتى لا تسقط القلعة و تخترق الجدر الحصون , فنحن هنا معكم نعلن انحيازنا للحقيقية وضد الباطل وأهله ولا نمن علي أحد بإسلامنا والأثمان الباهظة التي دفعت حرباً و سلام , صلحاً و انقسام , إنما هــو الواجب والرباط المقدس الذي يلزمنا ويشكل فينا القوة الدافعة غيــر ساعين أو طامعين أو لاهثين أيها -الأقزام الصغار- في موقع أو مهمة لأننا نشعر بالثقة الكبيرة والاعتزاز بأنفسنا فنحن المهمة والموقع نصنعها ولا تصنعنا .
فسر يا فخامة الرئيس علي ما أنت فيه ولا تلتفت للأراجيف والخزعبلات والمشعوذين أحفاد المشعوذين فشعبنا امتلك زمام أمره و يتمتع بالوعي والأيمان الذي ستتحطم علية مؤامرات المتآمرين , فوالله والله، لو كانت الخيانة حلال ما خنا، لأننا نؤمن بما نقول ونفعل وبأننا أصحاب مشروع وفكرة لم ولن تموت.