قطر: انقلاب السحر على الساحر !... - رجب أبر سرية
ستكون قطر وربما كل المنطقة العربية على موعد مع فصل سياسي جديد، يوم الثلاثين من آذار الجاري، حيث توعدت جماعات معارضة بأن يكون ذلك اليوم "ربيعا قطرياً" على شاكلة ما سبق وفعله الشباب العربي في 25 يناير، و30 يونيو ,, وذلك بعد لحظات من إعلان الدول الخليجية الثلاث : السعودية، الإمارات والبحرين، في سابقة هي الأولى من نوعها من تأسيس مجلس التعاون الخليجي قبل ثلاثين سنة عن سحب سفرائها من الدوحة، وذلك أحتجاجاً على السياسة القطرية الخارجية غير المنسجمة ولا المتوافقة مع السياسة الخليجية، بل والتي وصلت الى حد التدخل في الشؤون الداخلية للدول الثلاث المذكورة.
في التفاصيل قيل إن قطر ما زالت تصر على الانحياز للإخوان المسلمين وما زالت تدير الظهر لإرادة الشعب المصري الذي أطاح بنظام حكمهم في الثالث من تموز من العام الماضي، وأضيف الى ذلك الإشارة الى استمرار يوسف القرضاوي، بالتحريض ضد أنظمة الحكم في كل من السعودية والإمارات، فيما توالي فضائية الجزيرة الجماعات المناوئة للحكم في البحرين والمدعومة من طهران، وقد هدد السعوديون بالكشف عن وثائق مهمة ودامغة تدين الدوحة في مد يد العون لمناوئين للرياض من أفراد وجماعات مقيمة بالخارج ومن خلال توفير المقرات والدعم المالي وما الى ذلك.
سحب سفراء كل من الرياض وأبو ظبي والمنامة من الدوحة، وضع حكام قطر في مأزق، حيث سرعان ما استنجد الشيخ تميم بالسلطان قابوس، ذلك لأن أمير الكويت في رحلة علاجية بالخارج، قيل انه اضطر نظرا لخطورة الموقف الى قطعها والعودة الى المنطقة لمعالجة الأمر.
وطبعا الأمر مهم للكويت، ليس فقط لكونها إمارة خليجية، يضعها التصدع في الجدار الخليجي الى الدخول في دائرة التهديد الإيراني وربما حتى العراقي، نظرا للتشابكات الطائفية فيها، كما الحال في أكثر من بلد خليجي، ولكن نظرا أيضا الى ان الكويت ستستضيف القمة العربية العادية التي تنعقد نهاية الشهر الحالي.
كما ان الأزمة قد وضعت حكام قطر في مأزق، يقال أن الأمير الوالد دخل في جدل حاد مع الأمير الحاكم الحالي، حين اصر على مواصلة تحدي العواصم الخليجية الثلاث، بإعلان بيان للشعب القطري يوضح فيه ان سبب أمتعاض الدول الثلاث ناجم عن سياسة قطر في المنطقة وليس بسبب تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الثلاث، ومعروف أن أحد أسباب تنحي الشيخ حمد كانت حدية السياسة الخارجية القطرية التي وضعتها في موقف " شاذ " وحتى متصادم مع السياسة الخليجية العامة.
وفي محاولة للاستمرار في هذه السياسة، ذهب رئيس الوزراء السابق الشيخ حمد بن جاسم الى باكستان، في محاولة لتشكيل تحالف مع تركيا وباكستان لمواجهة تحالف السعودية مع الإمارات مع مصر.
أقل ما يمكن أن يقال، في هذا الشأن هو ان السياسة القطرية قد وصلت الى آخر الشوط المحتمل، وإذا كانت تلك السياسة لم تعد محتملة في الخليج فإن حليفها الإخواني بدوره قد دخل في مأزق حاد وشامل، لم يتوقف عند حدود فقدان "النهضة" في تونس لحكمها المنفرد والموافقة على انتخابات مبكرة، ولا الى حد دخول أردوغان بدوره في مأزق داخلي مع تزايد الكشف عن فساد حكمه، بل إن كثيرا من الدول بدأت تباعاً، بعد مصر تضع الإخوان في دائرة الحظر السياسي، وإذا كانت السعودية قد وضعت الإخوان جنبا الى جنب مع حزب الله السعودي و"القاعدة"، الحوثيين، "داعش" و"النصرة" ضمن جماعات الإرهاب، فان واحدة من أهم الدول التي يتمتع فيها الأخوان بتواجد وتأثير قد حظرتهم أيضا ونعني بذلك موريتانيا، وهذا أمر في غاية الأهمية لأنه ربما ينعكس على الموقف الرسمي في المغرب وحتى الجزائر، وبذا فإن سحر الربيع العربي الذي مارسته قطر بأداتها الإخوانية، يبدو أنه بعد نحو ثلاث سنوات قد انقلب على الساحر القطري، الذي يمكن أن يسأل إن كان مقتنعا الى هذا الحد بفكر الإخوان، فلمَ لا يسلمهم الحكم في بلاده، وإذا كان شغوفا الى هذا الحد بالنظام الديمقراطي، فلم لا يسارع الى إقراره في إمارته ذات الحكم الشمولي، الأميري المتوارث، ومن أراد شيئا للآخرين، عليه أن يريده لنفسه أولاً، وإلا فليصمت.