رقصة الموت الاخيرة !!!- يحيى رباح
حتى هذه اللحظة، وبعد انقضاء تسعة اشهر على الثورة المصرية الثانية في الثلاثين من حزيران 2013،وسقوط حكم الاخوان المسلمين في مصر، وانكشاف هذه الجماعة وتنظيمها الدولي في العالم وبالاخص في المنطقة الحيوية في دول الخليج العربي وفي العراق وسوريا وفلسطين، وفي ليبيا وتونس، فان جماعة الاخوان المسلمين رغم انتشارها في دول كثيرة –اكثر من سبعين دولة، ورغم امبراطوريتها المالية، فان الجماعة اكثر من خمس وثمانين سنة على انشائها من منابع يدور حولها جدل كبير، لم تستطع ان ترسل ولو اشارة واحدة بانها يمكن ان تكون شريكا سياسيا في المنطقة! بل هي عل العكس من ذلك، تندفع اكثر في طريق الانتحار، وتنهمك اكثر في رقصة الموت الاخيرة، كاشفة عن انحدار اخلاقي مريع تحت عنوان "فقه الضرورة "التي بالغت فيه الى حد الجنون، عابثة بالمطلق بمصالح الدولة الوطنية، وبضرورات الامن القومي، بحيث انها استنفرت اقصى درجات العداوة مع امة باكملها، ومع انظمة حكم جديدة وقدمة ذات اتجاهات مختلفة غير مدركة ولو بالحد الادنى ان تحالف الثالث من تموز 2013 في مصر تحول الى تحالف عربي بامتياز له اعمدته الرئيسية وله اهدافه القريبة والبعيدة وله امكانياتها الهائلة، وان هذا التحالف الوطني والقومي اخذ في التطور على الصعيد السياسي مثلما راينا في قرارات سحب السفراء من قطر، وادراج جماعة الاخوان المسلمين وعدد اخر من تشكيلات الاسلام السياسي على قائمة الارهاب، وملاحقة كل من يمارسون الارهاب الاسلامي في الداخل والخارج، واعادة ترتيب اولويات المنطقة بشكل جديد.
لماذا عجزت جماعة الاخوان المسلمين حتى الآن عن التكيف مع الحقائق الجديدة؟وهذا السؤال مهم ومحوري جدا، حين نتذكر ان جماعة الاخوان المسلمين بكل تفريعاتها استطاعت الحياة على امتداد خمس وثمانين سنة بفعل قدرتها على المرونة وقدرتها على عقد الصفقات مع اعدائها في الوطن، فليس هناك نظام في مصر منذ العهد الملكي وحتى عهد حسني مبارك الا وتمكنت الجماعة ان تتعامل معه وان تكون جزءا منه فلماذا العجز والفشل الخارق هذه المرة؟
اعتقد ان السبب الاول وراء ذلك، هو التجويف والخواء الذي اصاب الجماعة، امكانيات كبيرة وكفاءات قليلة ان لم تقل معدومة، وهذا راجع الى التخلف عن عربة الزمن نفسه،فلا يمكن الاستمرار في عصر الفضاءات وثورة التكنلوجيا بعقلية القرن الثالث الهجري !!! خاصة وان هذا التجويف والخواء تمت التغطية عليه باستخدام سلبي لمبدأ"السمع والطاعة " الذي انتج اجيالا غير قادرة ولا بالحد الادنى على تبرير نفسها، وهذا نفسه جعل الجماعة تسقط بعيون عمياء وعقول مغلقة في لعبة الدول الكبرى، حين اصبحت هذه الدول الكبرى وخاصة اميركا هي قوة الجذب الرئيسية وهي مركز الكون وهي صاحبة الوعد النهائي، انظروا كيف سلمت جماعة الاخوان امرها بالمطلق لاميركا، انظروا الى فداحة الصفقة التي عقددتها مع اسرائيل، انظروا كيف هانت لديها حرمة التراب الوطني في موضوع شلاتين وحلايب في الجنوب، وسيناء في الشرق، اي ان الجماعة اصبحت بوعي او دون وعي تعبد الهة اعدائها، وتستهين الى حد العداء المطلق بمقدرات شعبها، وخاصة الجيش المصري العظيم، وحجم القدرات والامكانيات والخبرات والكفاءات التي تراكمت لهذا الجيش على امتداد عقود طويلة، وان هذا الجيش المصري هو اعظم تعبير وتجسيد لوحدة الامة المصرية، وليس جيشا انكشاريا يكرهه الناس بل هو من اصلاب هذه الامة ورمز فخرها ومححل ثقتها وعنوان املها ونهوضها من كل صعوبة !!!هذه هي الخطيئة الكبرى التي سقطت فيها الجماعة، عندما عبدت الهة اعدائها،وانجذبت اليهم مثلما تنجذب السفينة الصغيرة الى جبل المغناطيس، كما تقول الاساطير، فانها تفقد الوعي والارادة، وتتحطم الى شظايا، فيا لهول النهاية ويا لفداحة الاقدار.
YHYA_RABAHPRESS@YAHOO.COM