خطاب العرش- محمود ابو الهيجاء
الخطاب اولا هو خطاب الرئيس ابو مازن امام المجلس الثوري لحركة فتح في دورة اجتماعاته الاخيرة، والعرش ثانيا، العرش الذي نعنيه، هو عرش الفكرة الفتحاوية الخلاقة، بوصفها الفكرة الوطنية الاصيلة الخالية من اية غايات عقائدية او حزبية او فئوية أو نخبوية، التي شقت في احلك المراحل واكثرها عتمة، اصعب الدروب واكثرها صوابا نحو فلسطين الحرية والاستقلال، وما زالت تشق ذات الدروب في اخطر المراحل واكثرها تعقيدا، نحو تحقيق الهدف ذاته، وقد قطعت حتى الان اكثر من نصف المسافة، بل انها اليوم على مشارف النصر اكثر من اي وقت مضى، واضوح واقوى دليل على ذلك في هذه اللحظة، هو خطاب عرش فكرتها الحيوية، العصية على الموت او التشرذم او الانقسام، الذي افاض به الرئيس ابو مازن امام الهيئة القيادية الوسطى في حركة فتح .
والمعنى في كل ذلك، ان الفكرة التي تظل على هذا المستوى من العافية والشفافية والفعالية، بعد اكثر من خمسين عاما من الاشتباك مع العدو، والاقتحام الصعب والمستحيل احيانا لاخطر الساحات والدروب والمعارك، ليس ذلك فقط، وانما الاهم انها ما زالت وستبقى على هذه الطريق، فلا شك ان هذه الفكرة تستحق عرشا، لن تنازعها اية فكرة اخرى عليه، والذي هو دونما جدال عرش البطولة ايضا .
أتحدث عن معنى الخطاب، عن الكلمات التي كانت بين سطوره، اتحدث عن روحه، عن قوته بمصداقيته الشاعرية، التي اراحت الصدور وادمعت العيون ابتهاجا واحساسا بالعزة والكرامة، لا عيون وصدور الفتحاويين فحسب، وانما كل الفلسطينيين المؤمنين بالفكرة الوطنية ومشروعها التحرري .
اخيرا لن اتردد هنا في الاعتراض المحب، على من تمسكوا بما قاله الرئيس ابو مازن في ختام هذا الخطاب انه بعد تسع وسبعين سنة من العمر، فأنه لن يتراجع ولن يخون ، كدلالة على قوة هذا الخطاب واهميته، فأقول لو كان الرئيس ابو مازن الذي نرجوا الله له العمر المديد، في عز شبابه، فانه سيكرس ذات الموقف، ولن يتراجع ولن يخون، ولقد كان شابا في تلك الايام الصعبة من النضال الوطني فما تراجع وما خان، وفي سيرته النضالية ما يتفاخر به المناضلون الوطنيون جميعا
هذه هي فتح، وهؤلاء هم ابناؤها وهذه هي فكرتها التي لا تعرف الانشقاق ولا الانقسام، ولانها كذلك استحقت عرشها الذي يحكم سيرة التاريخ بعدل المصداقية وشفافيتها .