استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني  

اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني

الآن

يوم الأرض علامة فارقة في النضال الشعبي ضد التهويد والاستيطان

القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية 
 محمود خلوف
شكل يوم الثلاثين من آذار 1976 علامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني ضد التهويد والاستيطان، وبمثابة نقطة ومضيئة لكفاح فلسطينيي أراضي 1948.

وقدم أبناء الشعب الفلسطيني في ذلك اليوم الغالي والنفيس دفاعا عن أراضيهم ورفضا للمخططات الاستعمارية الضخمة التي سعت الحكومة الإسرائيلية إلى تنفيذها في أراضي الجليل بمصادرة 21 ألف دونم من أراضي عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد وغيرها من أراضي المنطقة التي باتت تعرف بـ(مثلث الأرض)، لتخصيصها للمستوطنات في سياق مخطط تهويد الجليل.

ولم تعر إسرائيل في حينه أي اهتمام للملكية الخاصة، وسعت لمصادرة أراضي المشاع أو الملكية الخاصة على حد سواء تحت غطاء مرسوم جديد صدر رسمياً في منتصف السبعينات، أطلق عليه اسم مشروع 'تطوير الجليل'، والذي كان في جوهره الأساسي هو 'تهويد الجليل'.

وإثر هذا المخطط التهويدي العنصري قررت لجنة الدفاع عن الأراضي في الأول من شباط 1976، عقد اجتماع طارئ لها في الناصرة بالاشتراك مع اللجنة القطرية لرؤساء المجالس العربية لمعرفة كيفية الرد على هذا المخطط.

واتفق المجتمعون في حينه على إعلان الإضراب العام الشامل في 30 آذار احتجاجاً على سياسية المصادرة، الأمر الذي قوبل برد عسكري إسرائيلي عنيف ودموي، تمثل في البداية بنشر الآليات العسكرية والدبابات والمجنزرات في مختلف القرى الفلسطينية والبلدات العربية بمنطقة الجليل.

وقابلت إسرائيل في حينه خروج المسيرات الفلسطينية بعنف وبإطلاق نار كثيف، ما أدى إلى استشهاد المواطنين: الشاب خير أحمد ياسين من عرابة البطوف، والشاب خضر خلايلة من سخنين، الشهيدة خديجة شواهنة من سخنين، الشهيد محسن طه من كفر كنا، والشهيد رجا أبو ربا من سخنين، الشهيد رأفت الزهيري من عين شمس وارتقى في مدينة الطيبة بالمثلث، إضافة إلى عشرات الجرحى والمصابين.

ووفق شهادات مواطنين شاركوا في مسيرات مناوئة لمخطط تهويد الجليل في حينه، فإن 4 شهداء قتلوا على أيدي الجيش الإسرائيلي، في حين قتل أفراد الشرطة وما تسمى بقوة 'حرس الحدود' اثنين آخرين.

وسعى فلسطينيو أراضي 1948 مرات عدة لتشكيل لجنة تحقيق محايدة لكشف هوية قتلة أبنائهم، إلا أن طلبهم قوبل برفض شديد من قبل الحكومة الإسرائيلية، التي رفضت الإقرار بأن ما تم قتلهم هم مدنيون عزل، وبررت إجرام قواتها بالقول: 'الجيش واجه قوى معادية'.

إن عددا من المراقبين والمحليين السياسيين اعتبروا تضحيات أهالي الجليل والمثلث عام 1976، بداية الفعل الجماهيري الفلسطيني المؤثر في أراضي 1948، وأن هذا الفعل أجبر إسرائيل على التفكير بعمق قبل محاولة تهويد مزيد من الأراضي الفلسطينية عقب مصادرة مئات الآلاف من الدونمات منذ النكبة وحتى انطلاق شرارة يوم الأرض.

ويعد قرار دعوة الجماهير الفلسطينية إلى إضراب عام هو أول قرار من نوعه منذ النكبة، وعلى الرغم من سرعة التدخل الإسرائيلي لمحاولة إفشال التحركات الفلسطينية على الأرض، إلا أن المواطنين صمموا على الصمود وكسر حظر التجول دفاعا عن أرضهم وحقوقهم.

وتظهر الوثائق التاريخية التي تناولت ذكرى يوم الأرض، أنه مساء 29 آذار 1976 حاصرت قوات الشرطة الإسرائيلية، وحرس الحدود بلدة عرَّابة البطوف، وأخذت تستفز المواطنين بالضرب وإطلاق النار، وقد اشتبكت مع الأهالي واستشهد نتيجة ذلك أحد الفلسطينيين ويُدعى خير أحمد ياسين وكان أول شهداء يوم الأرض.

وفي اليوم التالي أصدرت الشرطة الإسرائيلية أمراً بمنع التجوال لمدة 24 ساعة في قُرى الجليل والمثلث، وانتشرت سيارات الشرطة في القرية وأخذت تُنبه الأهالي، وتُهدد من يُحاول الخروج من منزله، ولكن التهديدات لم تُثنِ الأهالي عن التعبير عن سخطهم ورفضهم لسلب اراضيهم من قبل الغرباء.

أما في منطقة سخنين، فقد استخدمت قوات الجيش الإسرائيلي يوم 30 آذار 1976 الرصاص الحي بكثافة ما أدى إلى استشهاد 3 مواطنين وإصابة ما لا يقل عن 50 بجروح، واعتقال 70 مدنيا آخرين بحجة خرق منع التجوال

ولم تفلح مساع الشرطة الإسرائيلية لمنع أهالي قرية كفر كنا، من تنظيم المظاهرات، فعلى الرغم من كثافة إطلاق النار عليهم، وإلقاء القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم، واستعمال الهراوات واقتحام البيوت والاعتداء على النساء والأطفال، إلا أن الفعاليات انطلقت ما أدى إلى حدوث اشتباكات استُشهد خلالها شاب يدعى محسن طه، وجُرح آخرون، كما اعتقلت هذه القوات عشرات الشبان.

كما فشلت مساعي القوات ذاتها في بدة الطيبة في المثلث، ليكون نتيجة قمع المسيرات وإطلاق النار العشوائي على الفلسطينيين ارتقاء الشهيد رأفت علي زهدي.

وفي ذلك الحين عم الإضراب التجاري حوالي 80 بالمائة من مدينة الناصرة، وانتهزت قوات الجيش الإسرائيلي فرصة الإضراب للاعتداء على رئيس بلديتها في حينه، وداهمت منزله بحجة ملاحقة بعض الفتيان الذين رجموا قوات الأمن بالحجارة والزجاج وقنابل المولوتوف واعتدت بالضرب على زوجته وابنته.

وتدافع الشباب في المدينة على المستشفيات للتبرع بالدم لعشرات الجرحى، الذين نُقلوا من القُرى العربية إثر الاشتباكات.

وفي بلدة طمرة حوَّلت الشرطة نهار 30 آذار 1976 البلدة إلى ساحة حرب استخدمت فيها المجنزرات والسيارات العسكرية، وقد تعرضت القرية لاعتداءين من قِبل رجال الشرطة، وشوهدت بعض السيارات المحترقة عند مدخل القرية واعتصم عدد من الفلسطينيين في المجلس المحلي احتجاجاً على هذه الاعتداءات.

وفي بلدة باقة الغربية، خرج الأهالي في حينه إلى الشوارع في تظاهرة كبيرة متحدية قوات الشرطة، التي كانت تتجول في مختلف الأحياء، التي ردت على ذلك بإطلاق النار والغاز السام، واعتقال عدد من الشبان.

وفي قرية كفر قاسم أضربت المتاجر والمدارس وتجمهر حوالي ألف شاب في ساحة المجلس المحلي، وهتفوا هتافات وطنية، ثم ساروا في مسيرة صاخبة إلى الأسلاك الشائكة التي أقامتها إدارة أراضي إسرائيل حول أراضيهم المصادرة واقتلعوها فاعتقلت الشرطة بعض الفلسطينيين، وفرقت المظاهر بالقوة.

أما في قلنسوة فقد وضع المتظاهرون حواجز حجرية في الطرق، وأحرقوا إطارات السيارات بتزامن مع الإضراب التجاري العام، وحدثت اشتباكات عنيفة في المنطقة، فيما عم الإضراب أيضا في قرية الرامة التي خرجت عن بكرة أبيها معلنة سخطها، وتجمعت أمام كنيسة الأرثوذكس استنكارا لجرائم القتل ومصادرة الأراضي.

كما داهمت قوات كبيرة من قوات الأمن الإسرائيلية قرية نحف وأطلقت قنابل الغاز بكثافة صوب البيوت ونفذت حملة تفتيش واسعة واعتقلت بعض الشباب.

وفي مجد الكروم سارت تظاهرة كبيرة اخترقت شوارع البلدة، انتهت بمهرجان خطابي أمام المجلس المحلي طالب المشاركون فيه باستنكار المجازر الوحشية ومصادرة الأراضي التي ترتكب في الجليل؛ كما نظمت في حينه فعاليات مشابهة في قرى دير الأسد والبعنة وأبو سنان وكفر ياسيف وشفا عمرو وعبلين وكابول.

وأخذ النضال الشعبي في أراضي 1948 بعدا آخر عام 2000، ضمن ما سمي إعلاميا بهبة أكتوبر التي استشهد فيها 13 مواطنا فلسطينيا في مسيرات منددة بتدنيس المسجد الأقصى المبارك بعد اقتحام شارون له، حيث اعتبرت هذه الفعاليات تعبيرا عن التكافل والتكامل بين أبناء الشعب الفلسطيني في مختلف مناطق تواجده.

وفي الوقت الذي كرّس فيه مليون و300 الف فلسطيني يعيشون داخل أراضي 1948 نهجا واضحا في التصدي لمخططات التهويد، جاءت البرلمان الإسرائيلي 'الكنيست' بقانون عنصري آخر شبيه بقرار مصادر أراضي الجليل في سبعينيات القرن الماضي، ولكن سرعان ما تم تجيد تطبيقه خوفا من تصعيد الموقف.

وقد صدر هذا القانون يوم 24 حزيران 2013 بناء على توصية من وزير التخطيط الإسرائيلي إيهود 'برافر' لتهجير سكان عشرات القرى الفلسطينية من صحراء النقب، وتجميعهم في ما يسمى 'بلديات التركيز'، حيث تم تشكيل لجنة 'برافر' لهذا الغرض.

ويعتبر الفلسطينيون هذا المشروع وجها جديدا للنكبة؛ لأن إسرائيل ستسلب بموجبه على أكثر من 800 ألف دونم من أراضي النقب، إضافة إلى تهجير 40 ألفا من بدو النقب وتدمير 38 قرية فلسطينية.

والأهم أن قادة الحكومة الإسرائيلية أعلنوا عن تراجعهم عن هذا المشروع في كانون الأول 2013، نتيجة للضغوط الشعبية العربية الضخمة والتهديدات الجادة بتصعيد النضال الشعبي داخل اراضي 1948.
ــــــــــــــــــــــــــــــ

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025