زهد الرئيس - عبدالحكيم صلاح
لا يسع المتتبع للاحداث الجارية في العالم العربي المطالبة بالاصلاح و ما يرافقها من سفك للدماء على ايدي اجهزة الامن ومافيات الانظمة الا ان يثمن رؤية الرئيس´محمود عباس´للمجتمع والدولة.فقبل الثورات العربية بسنوات كان الرئيس مؤمنا بان الاصلاح يبدأ من قمة الهرم فاعلن منذ فوزه في الانتخابات بانه لن يترشح للدورة المقبلة مدشنا بذلك اولى قواعد الاصلاح المنشود لمجتمع حديث العهد بالحكم يعيش في محيط لا يغيب فيه الحاكم الا بالموت او الانقلاب .
لم يتوقف الرئيس عند ذلك بل سار في برنامجه الاصلاحي الى ابعد مدى مؤكدا عزمه على تطبيق ما جاء به من وعود .
الانقلاب الدموي على الشرعية و الذي قادته حماس في غزة كان المحك الاول، فقد تعامل معه الرئيس بكل مسؤولية وطنية حرصا منه على عدم اراقة الدم الفلسطيني و بما ينسجم مع المصلحة العليا ،على الرغم من قدرته على مواجهة الانقلاب وحقه الشرعي بالدفاع عن السلطة وحمايتها.
واصل الرئيس دعم غزة بكل الامكانيات المتاحة ولم يدخر جهدا في سبيل انهاء الانقسام الذي الحق الاذى بالقضية الوطنية لايمانه بتعزيز ثقافة الحوار لحل المشاكل الداخلية مهما بلغ حجمها وان غزة جزء من الوطن الفلسطيني موصدا الباب في وجه الاسرائليين الذين ما فتئو يلعبون على حبل الفصل بين غزة والضفة وكذلك بعض الاطراف الانعزالية المحلية قصيرة النظر التي تروج بان غزة عبء على السلطة اضافة الى بعض القوى الاقليمية كسوريا وايران وغيرها رأت في ورقة الانقسام وسيلة لتحسين وضعها الدولي.
لقد مضى الرئيس قدما في تطبيق ما وعد به ناخبيه فاعاد ترتيب الاولويات و تطوير استاتيجيةواسلوب مواجهة الاحتلال بطريقة تضمن استمرارعملية بناء المؤسسة الوطنية نواة الدولة و محاصرة سلطات الاحتلال لعدم التزامها بعملية السلام و قد ادرك الشعب واقعية هذه الرؤية وانطلق في عملية البناء الى جانب المقاومة السلمية التي احرجت المحتل و زادت من ثقة المجتمع الدولي بالفلسطينيين فتوالت الاعترافات بفلسطين كدولة مستقلة على حدود 67 .
نقلة نوعية شهدتها اجهزة الامن في الاعداد و التدريب و الانضباط و الفهم لمضامين حقوق الانسان واتبع ذلك بتشكيل هيئة لمكافحة الفساد شرعت بفتح الملفات و محاسبة من تثبت ادانته من راس الهرم حتى القاعدة ..رافق ذلك انفتاح على العالم العربي بدعوته الى الانخراط السياسي و الاقتصادي و الثقافي و السياحي و تجاوز عقدة الاحتلال و التواصل مع الشعب الفلسطيني .
ان ثورة الصدق التي فجرها الرئيس و التي كنا بحاجة اليها لا تقل اهمية عن الثورات السابقة بل كانت تتويجا لها .ان الزهد بالحكم كان الدافع و المحرك الاساس لعجلة الاصلاح لقد كان الرئيس مدركا لاهمية اصلاح المؤسسةالامر الذي عزز قناعة الجماهير بان القائد و القيادة وجدوا لخدمة الشعب و ليس العكس .
هذه القناعة ترسخت و تعمقت لتصبح ثقافة لدى الناس ،بل انها اثرت تاثيرا تراكميا بطريقة او باخرى على شعوب المنطقة المطالبة بالتغيير اليوم و التي كانت ترقب و تتابع ما يجري في فلسطين من بناء ديمقراطي يؤسس لدولة القانون على الرغم من معيقات الاحتلال المتعمدة لاجهاض الفكرة في مهدها .
ان زهد الرئيس و صدقه الذي يشهد له به خصومه قبل مؤيديه اصبح بوصلة للجماهير و لكل المسؤلين او من يطمحون .