الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    الاحتلال يشرع بهدم بركسات ومنشآت غرب سلفيت    الاحتلال يعتقل شابا ويحتجز ويحقق مع عشرات آخرين في بيت لحم    10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات    استشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارين لدعم "الأونروا" ووقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب  

الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب

الآن

فوزي النمر.. جار البحر- عيسى عبد الحفيظ

قيل في الامثال الشعبية الفلسطينية «لو عكا خافت من موج البحر، لما سكنت على الشاطئ». هذه المدينة الموغلة في القدم، صاحبة الحضارة الممتدة في اعماق التاريخ منذ عصر الفينيقيين وقبل ذلك. المدينة التي استعصت على نابليون الذي حاصرها عدة اشهر ليحمل جعبته على كتفه ويعود خائبا منكسرا مما دفعه للقول «تحت اسوار عكا دفنت احلامي».

عكا الجزار ومسجدها واسوارها التي ما زالت ماثلة الى الآن. سجل عليها التاريخ احداثا جساما عكا ظاهر العمر وارثه الكبير عكا التي تحتضن اضرحة الثلاثة القساميين عطا الزير ومحمود حجازي وفؤاد جمجوم الذين قضوا شنقا في سجنها على يد الاستعمار البريطاني.
من زواريب عكا وشوارعها الضيقة المرصوفة بأحجار الرخام الملون اللامع خرج الشهيد فوزي النمر وصل الى ارض الجزائر بلد المليون شهيد في عملية التبادل مع رفاقه المئة المحررين من سجون الاحتلال وما يزيد على الالف من معتقلي (انصار)، وكان ضمن مجموعة فوزي المناضلة زكية شموط وزوجها والمناضلة الاردنية الفلسطينية تيريز هلسه.
اذكر اول زيارة لهم في فندق الرمال الذهبية على شاطئ منطقة سيدي فرج برفقة عائلتي عندما سكب ابني الصغير كأس الشراب على الارض، فهب فوزي لازالة ما انسكب وتنظيف المكان مصراً على ان لا نقوم نحن بذلك، وعلق وهو يبتسم قائلا: طيلة سنوات عديدة كنت امسح ارضية السجن، وانتم اولى لأقوم بهذه الخدمة البسيطة.
وبما ان الكيمياء البشرية تنجذب الى مثيلتها، فقد تم التعارف بسرعة بينه وبين المناضلة فاطمة البرناوي، وتزوجا على ارض تونس الشقيقة بمباركة وتهنئة الجميع.
على الرغم من بلوغه العقد الخامس من عمره في ذلك الوقت، الا انه تمتع بصحة جيدة جدا، محافظا على لياقته البدنية في ممارسة الرياضة الصباحية مما حدا بالاخت فاطمة ان تبدي استياءها من كثرة اصناف الرياضة التي أصر فوزي على التمسك ببرنامجها يوميا تماما كما كان يفعل في السجن.
عدنا الى الجزء المتاح لنا من الوطن على حد تعبير الصديق الشاعر احمد دحبور وعاد فوزي مع زوجته الاخت فاطمة الى غزة، لكن هاجس عكا وبحرها وصوت الامواج، والسمك الصغير المتقافز على صفحة المياه، وازقة عكا وبلاط شوارعها اللامع، والسور وذكريات الطفولة، والاصدقاء والاحباب والرفاق، وشواهد الابطال الثلاثة، وغيرها الكثير مما ينقش في الذاكرة، كل ما سبق دفع فوزي للمغامرة مرة اخرى ولزيارة عكا مسقط الرأس ومخزن الحنين والذكريات، لم تكن زيارته الى عكا لتبقى طي الكتمان فعكا كلها وقضاء عكا يعرفون ابنهم فوزي النمر الذي يشكل بالنسبة لهم بطلا فلسطينيا، ورمزا لإباء عكا وتاريخها النضالي الوطني، وهكذا لم يستطع فوزي العودة الى هناك مرة اخرى وبقي في غزة برفقة زوجته المناضلة فاطمة البرناوي حتى وافته المنية قبل عدة سنوات.
في احدى الزيارات المنظمة والجماعية ذهبت الى عكا القديمة لزيارة جامع الجزار ومقبرة الشهداء. وفي سوقها المسقوف التقيت بصاحب محل متواضع لبيع التحف التذكارية، الذي سارع الى سؤالي عن فوزي النمر قائلا ان لمدينة عكا عندنا في حركة فتح امانة غالية هي فوزي النمر، واوصانا به لأنه من الرجال النادرين، ودارت الايام، وانقطعنا عن غزة او انقطعت غزة عنا بالزيارات وها هي اكثر من عشر سنوات لم أستطع الوصول فيها الى هناك لقراءة الفاتحة على روح فوزي النمر الطاهرة، وللاطمئنان على الاخت المناضلة فاطمة البرناوي ولكن ما من مجيب. نأمل جميعا ان ينتهي هذا الانقطاع، وهذا الجفاء وهذه الفرقة التي لا يستفيد منها احد الا المتربصون بنا جميعا كشعب فلسطيني، كانت اهم ضمانات انتصاره وحدته الوطنية. فيا أيها الاخوة جميعا: رحمة بشهدائنا، ورحمة بتضحيات شعبنا، ورحمة بأسرانا، ورحمة بتاريخنا.. كفى، والفاتحة على ارواح شهدائنا الميامين وعلى روح الشهيد فوزي النمر

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024