المستوطن يعلم بأنه ... سيرحل يوما - عبدالحكيم صلاح
في الطريق من الخليل الى قلقيلية سلسلة من المدن الاستيطانية المتواصلة على جانبي الطريق , عدا تلك التي تلوح من بعيد على قمم الجبال المتناثرة . بوابات و أسلاك شائكة و مناطق عازلة كلما اقترب الاستيطان من التجمعات السكنية العربية الكبيرة , لوحات استيطانية نشاز على السفوح .على قارعة الطريق رجال و نساء و أطفال لا يحملون هوية المكان بانتظار الحافلة ... شقرٌ و سودٌ و مُلَوَنين يرمقون المركبات العربية المارة بنظرات حادة ممزوجة بالخوف والقلق الناتج عن غربة المكان و الزمان و الجغرافيا والآخرون من اهل البلاد يردون بنظرات ساخرة ... لماذا أنتم هنا وماذا تفعلون ؟. حوار عيون لثوان تتنحى فيه الايديولوجيات الصهيونية والمزاعم التوراتية وخزعبلات المتطرفين جانبا لتفسح المجال لحقائق تجول في العقل الباطني للجاني والضحية . في الجزائر عند سؤال الناس عن الطرازالمعماري للعاصمة والقرى المجاورة , يجيبون بأن كل هذه المباني التي تراها في المدن و البلدات بناها الفرنسيون و عاشوا فيها وانشأوا المعامل والمصانع وفلحوا الأرض وشقوا الطرقات وسلبوا المواطن لغته وثقافته لمئتي عام وبعد الاستقلال تركوها لأهل البلاد فسكنوها . مئات آلاف الفرنسيين صغاراً و كباراً داسوا خرافتهم وحزموا حقائبهم على عجلٍ وفروا. عندها عدت بالذاكرة الى فلسطين و ما تتعرض له من عمليات جراحية تستهدف الكائن والمكان وتذكرت العام 205عندما وقفت مزهوا على اطلال مستوطنات غزة وكيف خالجتني مشاعر الجلاء الاول لاولى المستوطنات على ارض فلسطبن فأدركت أن كل ما يدور يناقض سُنَة الحياة و حتمية التاريخ و أيقنت اننا سنرجع يوماً .