التنظيم بين القيادة ووحدة الأهداف .. - د.مازن صافي
تكمن أهمية الخريطة التنظيمية في كونها بوصلة الأمان ومركز تحديد المهام، وكلما كان إعداد الخريطة دقيقا وسليما كلما كان هناك تحديد واضح للمهام والسلطات والمسؤوليات، ومنعا للاحتكاك والتضارب والازدواج والشللية والرغبات ، ويسهل الوصول إلى موضع التميز وموضع التقصير والخلل ، وبجانب هذه الخرائط يتوجب أن يكون هناك دلائل لتحديد المعالم والنظم والاجراءت والأرشفة مما يضعنا في صورة النشاط بطريقة سلسلة وفي وقت أقل ، والدليل التنظيمي يطور الأداء ويعتبر بنك متنقل مليء بالأسماء والقدرات والكفاءات ، بالتالي فهو واسع الفائدة في الحاضر والمستقبل ، وهذا الدليل كما الخرائط بحاجة إلى مختصين أكفاء ، وهؤلاء المختصين يتوجب أن يكون لهم حصانة تنظيمية بحيث لا يتأثروا بالتغييرات القيادية أو القرارات المختلفة لأنهم نواة البناء ومهندسي العمل التنظيمي .
إن المبادئ الأساسية للتنظيم يجب ألا تخضع للرغبات أو النفسيات أو إحداثيات شخصية ، فهي تعتبر هاديا ومرشدا عند التطبيق ، إن وحدة مبدأ الهدف من المبادئ الرئيسية والهدف يجب أن يكون معرَّفا للجميع لأنه يرتبط بالفكرة وأسلوب العمل والتكيف مع المتغيرات والتأقلم مع الأحداث " الاستيراتيجية والتخطيط " ..
وهناك مبدأ الكفاية بحيث يمكن تحقيق الأهداف بأقل قدر ممكن من التكاليف ،ومن المهم ان يكون هناك مبدأ المسؤولية الذي يحدد العلاقة التنظيمية بحيث الأعضاء داخل الإطار ومنه داخل الحركة، بحيث يكون هنا مسؤولية راسية رئيسية ، وأخرى أفقية تختص بالمهام والتواصل ، وفي كل الأحوال لا يجوز التهرب من المسؤوليات لأي من أعضاء الإطار، حيث أن التهرب ربما يأخذ أسلوب التجنح أو طلب الإعفاء هروبا من العمل التنظيمي أو التكاسل عن أداء المهام أو فوقية الشخصنة والتنكر لمبادئ التنظيم ..
ومن المهم أن يكون هناك مبدأ وحدة القيادة ، والقيادة بمفهوم أن كل إنسان في موقعه التنظيمي مسئول وقائد وبالتالي يتوجب الالتزام وتوفر صفات القيادة فيمن يتحملوا مسؤولية الأفراد وألا يكون هناك قرارات متضاربة أو أن يتلقي أعضاء الإطار الواحد تعليمات مباشرة من أكثر من قائد أومسؤول في نفس المستوى، لأن حدوث هذا يؤدي إلى التشويش والفوضى والإرباك وبالتالي ربما يحدث الخلل في النتائج والتواصل ، وهنا في داخل الإطار يتوجب أن يكون وضوح تام للمسؤوليات والمفوضيات وأن يتناسب ذلك مع إمكانيات العضو وقدرته وكفايته وأداؤه .
بقي أن نركز على أهمية عامل المرونة في أي من المبادئ والمرونة لا تعني التراخي أو التكاسل أو غض النظر أو التمرير، بل هي إعداد النفس لمقابلة التغييرات المحتملة التي قد تطرأ في داخل الخلية أو الإطار، وبالتالي ترجمة هذه التغييرات إلى برامج عمل تساعد للوصول الى الأهداف ، وهنا علينا أن نتذكر أن أي مشروع لم يولد من فراغ وأن الأهداف وضعت ليتم تحقيقها تستمر وتنمو، وهناك لابد من وجود ثقافة وتعبئة فكرية متواصلة ومتطورة وألا نغفل أهمية التأقلم واستخدام الأساليب الفنية والأدوات التكنولوجية المتطورة ، لأنه في فترة ما فإن إهمال ذلك يعني الذهاب إلى الجمود أو التراجع وبالتالي لا يمكن تحقيق المرونة والتقدم والنجاح .
وينبغي أن يتم احترام الهيكل التنظيمي المعتمد الذي يعتبر مراكز للقيادة ويتوجب منح القدر الكافي لأداء المهام دون تعقيد أو ضغوط ،ويتوجب دعم هذا الهيكل والقيادات والاهتمام بإبراز ملكة الخلق والإبداع والرقي والالتزام والمرونة .
ان احترام الهيكل التنظيمي يتوجب أن ينطلق من مفهوم هام وهو : " إن الهيكل التنظيمي الجيد ، لا يترتب عليه بالضرورة الأداء الجيد، فالقوانين والمبادئ والتنظيم هي مهام تنشئ عمل وبناء والتزام ولكنها لا تضمن أن يكون كل من الهيكل متساوي القدرات أو الإمكانيات ، لهذا فهي تحدد أنهم جميعها لهم حقوق وواجبات وعليهم مسؤوليات .. وفي المقابل علينا أن نفهم ان الهيكل التنظيمي السيء لا يحقق الأداء الجيد حتى وإن كان قيادات أطره على مستويات متقدمة وجانب كبير من القدرة .. لهذا نقول أن المبادئ هي عوامل إرشادية ضابطة وملزمة وبالتالي لا يمكنها وحدها أن تسهم في حل المشكلات ، لهذا علينا أن نبحث عن العضو في الإطار بحيث ننمي فيه السمات والقدرات القيادية والثقافية والقدرة على حل المشكلات والتزام المرونة والتمسك بالمبادئ ومواصلة وممارسة الوعي واحترام الأطر والمسؤوليات رأسيا وأفقيا والعمل والبعد عن التفرد والأنانية والشخصنة ، وان يكون العضو متمتعا بأخلاق المحبة والتعاون بين زملائه وفي مجتمعه.