عاطف بسيسو..- عيسى عبد الحفيظ
لم يكن الطفل فايق احد توأمي الشهيد عاطف بسيسو يعتقد ان الحلوى التي وعده بها والده لن تصل الى تونس.
الشهيد عاطف فايق بسيسو عضو قيادة الامن الموحد، واحد اذرع الشهيد القائد ابو اياد منذ البدايات، شاب جميل الهيئة، كادر فتحاوي تمرس بالعمل الامني الخارجي، احد قادة الجهاز الذي كان يديره ويشرف عليه مباشرة الشهيد ابو اياد مسؤول ملف الامن الموحد، واحد اهم قيادات حركة فتح والثورة الفلسطينية، عاطف بسيسو لمن لا يعرفه، شاب جميل الوجه، جميل الملبس، وكادر متميز في عالم الامن والمعلومات. ربطته علاقات مميزة مع اجهزة الامن في دول اوروبا الشرقية خاصة المانيا الديمقراطية، وتشيكوسلوفاكيا وبولندا، وطبعا جهاز K.G.B السوفييتي، وايضا مع اجهزة امنية عربية كالجزائر على سبيل المثال.
صال وجال في هذا العالم المعقد من العلاقات وتبادل المعلومات حتى وصل الى علاقات مع فرنسا التي قضى فيها قرب احد الفنادق المشبوهة امنيا.
كان يهوى الصيد، وامتلك عدة بنادق خاصة من التشيك كهدايا مميزة لكبار الزوار والاصدقاء.
عندما كنت في زيارة للعاصمة براغ، فكرت في شراء بندقية صيد ذات فوهتين، فاتصلت بالشهيد عاطف للاستعانة به في تذليل بعض العقبات البيروقراطية - وما كان اكثرها في ظل حكم الحزب الواحد - فكان جوابه ان ارسل اليّ بندقية كانت هدية من الحزب هناك.
ولتعزيز رغبته في الصيد، غادر الى المانيا حيث استلم سيارة دفع رباعي وصلته من امريكا لاستخدامها على الارض التونسية وفي الفيافي والصحراء. وعند عودته عن طريق باريس حيث كان له موعد عمل رسمي، تم اغتياله من طرف شخص على موتورسيكل.
عاطف وبعض الاصدقاء يتناولون العشاء في احد المطاعم الباريسية، وفجأة ينهض عاطف ويطلب العودة فورا الى الفندق. لاحظ بدقته التي لها تخطئ انه مراقب وملاحق. اتصل بالمخابرات الفرنسية طالبا تأمين حراسة شخصية له، لكن الرد كان انه من الغد تحت حماية الامن الفرنسي، اما قبل ذلك فليتحمل مسؤولية وصوله المبكر، ولم يتبق على ذلك الا ليلة واحدة فقط تحدد فيها مصير عاطف بسيسو؟!!
ارتأى ببصيرته الامنية ان يعود الى الفندق مبكرا بعد ان لاحظ حركة مشبوهة في المطعم وهكذا كان. لكن الغدر كان له بالمرصاد. استقل سيارة صديقه الذي دعاه الى العشاء وعاد الى الفندق بعد ان فشل في تأمين الحماية الرسمية الفرنسية.
وعند هبوطه من السيارة تقدم منه احدهم كان بانتظاره وافرغ عدة رصاصات قاتلة ثم لاذ بالفرار.
لم يترك اثرا، وكان يرتدي قناعا يحجب وجهه بالكامل، حتى انه استخدم كيسا صغيرا لف به المسدس حتى لا تسقط الرصاصات الفارغة على الارض.
ذهب عاطف بعد ان قتلته الحسرة على استشهاد القائد ابو اياد، فقد كان اثناء تشييع جنازة ابو اياد كطفل صغير فقد والده وسنده وقائده.
عاطف بسيسو احد الكوادر الامنية المتقدمة في حركة فتح، عضو المجلس الثوري للحركة بالانتخاب بعد المؤتمر الخامس نسج علاقات نضالية ومميزة مع حركات التحرر والكتلة الاشتراكية والاحزاب العربية. قيل ان الموساد وراء استشهاده، وقيل مجموعة ابو نضال صبري البنا التي لا تبتعد كثيرا عن تنفيذ عمليات تصب في صالح الموساد، ولكن الثابت ان الشهيد عاطف قضى نتيجة مؤامرة اشتركت فيها اكثر من جهة، وتم تبادل المعلومات بين اكثر من طرف لمتابعة حركة الشهيد عاطف منذ تحركه بالسيارة من المانيا حتى الفندق الذي نزل به في باريس.
احد الكوادر الامنية التي تترك انطباعا منذ الوهلة الاولى لحجم المعلومات التي يملكها ولبصيرته الثاقبة في تحليل الاحداث والظواهر والتي قلما تخطئ. وبعد مشاركته في جنازة الشهيد القائد ابو اياد، والمضايقات التي تعرض لها على يد ابناء جلدته، قرر ان يمارس هوايته في الصيد لكن القدر كان له بالمرصاد فتم اصطياده هو بينما كانت سيارته تحتوي على هدايا لولديه التوأمين متوجها بها الى تونس.
رحم الله شهداءنا واسكنهم فسيح جناته
وكما قال الشهيد ابو الهول «الفدائي مشروع شهيد»