قوانين التقاعد المطبقة الفلسطينية بين الواقع ..والتحديات - إكرام التميمي
وفق الظروف الراهنة الفلسطينية ؛ وعلى الساحة الوطنية الداخلية وما يجري من تعطيل للمجلس التشريعي ، وفي ظل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والقائم منذ سنوات ، يفرض الواقع نفسه بمرارة شظف العيش ، وكثرة انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية ؛ والكل سيان ،يتطلع الجميع للعدالة الاجتماعية ،سواء على الصعيد السياسي العام وتطلعات الشعب للحرية والاستقلال من سيطرة الاحتلال وتراكماته الجمة ، أو على الصعيد السياسي الوطني الفلسطيني ، ومنظومة القوانين الملموسة والفاعلة وما بين الواقع والتحديات ، ومما لا شك فيه بأننا نتطلع جميعاً وبكافة شرائح المجتمع ،الخروج من دائرة القوانين المتباينة ،والغير ملائمة لمواجهة التحديات بسن قوانين فاعلة تحقق الحاجة الماسة للمجتمع والشعب بمختلف مستوياته وبملامسة حقيقية ورؤية واسعة الأفق بتغيير الواقع ،وحتى يستطيع الجميع المضي قدماً نحو التنمية الشمولية وبمشاركة تستند على منظومة من القوانين تساهم بإحداث التدوير الوظيفي ،وسيما بأن البطالة بين الخريجين الشباب وأعداد المتقاعدين مستثناة من دراسة واضحة للتعاطي باستيعاب بدائل وحلول ،وبشكل أفضل يحقق عملية توازن بينهما على المستوى الوطني العام .
ولو تطرقنا هنا للحديث عن قوانين التقاعد الحالية وتحليلها من خلال حلقات نقاش عديدة انعقدت سابقاً ، بحيث تم تحليل الثغرات المرتهنة بين الصياغة والتطبيق ؛ ونحو صياغة قانون مستقبلي عام وموحد ، وبحيث تم توصيات من هذا النقاش والتي أشارت بأهمية أن تطرق أبواب العديد من الميادين القانونية كمكتب الرئاسة، ومجلس الوزراء، والوزارات المختلقة وذات العلاقة ، وبالنهاية بالطالبة بانعقاد للمجلس التشريعي وإقرار جهات الصلة وحسب ما هو متاح حالياً .
ولطالما ارتهن الجميع لخصوصية الوضع القانوني المعروف في فلسطين ؛ وما تعاقب عليها من حقب تشريعية مختلفة، وتحدثوا بما يشير بأن حصيلة قوانين التقاعد المطبقة في الضفة الغربية وقطاع غزة هي ثمانية قوانين ،ما بين قوانين أردنية ،ومصرية ،وتشريعات تم وضعها في عهد السلطة الوطنية ، وهذا بحد ذاته سبب وجيه ؛للأخذ بما يلامس واقعنا ودون الأخذ بمسلمات فرضت علينا ؛ قد تحيل دون قوانين فاعلة ملائمة للظرف الراهن وعلى كل المستويات .
وهناك من اجتهد فيما تم في شقي الوطن بحملات لتأسيس وتوحيد هذه القوانين والتي بدأت منذ العام 1998، إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل ، ولأسباب عديدة منها "بسبب رفع نسبة الاشتراكات أو الاقتطاعات التقاعدية من 8% إلى 10% من رواتب الموظفين، مما أثار اعتراضات كثيرة عليه".
وعليه ظل قانون التقاعد المدني الأردني رقم (34) لسنة 1959 مطبقاً، والمشكلة في هذا القانون تكمن في أن الاقتطاعات بموجب هذا القانون تدخل في ميزانية الدولة مباشرة ،ولا تحول إلى صندوق تقاعدي منفصل، وعليه وحسب دراسات عديدة قام بها خبراء في هذا المجال ،أشاروا: بأنه ستطفو على السطح مشكلة العجز المالي للنظام بعد 15 سنة.
وجدير بالذكر الإشارة عن قانون التقاعد العام والذي صدر يحمل رقم (7) لسنة 2005، والذي هدف وبشكل أساسي إلى ضمان حياة كريمة لكل المتقاعدين، وإنشاء صندوق للتقاعد، بالإضافة إلى أنه يشمل بأحكامه موظفي منظمة التحرير الفلسطينية.
وهناك من أشار : إلى المزايا التي تضمنها القانون الجديد مقارنا إياه بالأنظمة والقوانين السارية قديما، وحيث استعرض العديد من النخبة والمتخصصين بالحديث عن الصعوبات التي تواجه تطبيق القانون الجديد، ومنها عدم وجود ميزانية كافية لدفع كافة مستحقات المتقاعدين من منظمة التحرير الفلسطينية، كما أضافوا بأن هذا القانون أخذ بعين الاعتبار الفئة العمرية للموظفين دون النظر الفئة الوظيفية.
ومن جهة أخرى أشارت بعض التقارير المنشورة : "إلى أن هذا القانون وبالرغم من الصعوبات التي تعترض تطبيقه إلا أنه يعد نقلة نوعية في مجال تشريعات التقاعد في فلسطين، إذ يخضع له كل موظف عام عمره يقل عن 45 سنة في 28/5/2005 وعليه فإن كل المتقاعدين بعد 15 سنة سوف يخضعون لقانون التقاعد العام الفلسطيني، الأمر الذي يؤدي إلى تطبيق قانون تقاعد عام موحد على كافة الموظفين العموميين، مما يؤدي إلى اجتناب التباين الناتج عن وجود صنفين من الموظفين المتقاعدين، صنف يخضع لقانون التقاعد العام الفلسطيني، وصنف يخضع لقانون التقاعد المدني الأردني وما يتبع ذلك من اختلاف في الحقوق والامتيازات بين هاتين الفئتين."
وفيما أشار البعض إلى الدراسات التي قامت بها الجهات المختصة لجسر الهوة بين تقاعد العسكريين والموظفين المدنيين وتحقيق نوع من العدالة في هذا الصدد.
وكما تطرق البعض إلى مسألة ذات صلة كبيرة بموضوع تشريعات التقاعد، ألا وهي التعديلات والإضافات التي جاء بها القرار بقانون، الذي جاء بأحكام جديدة ليسد النقص في قانون التقاعد العام رقم (7) لسنة 2005 ولا سيما في المسائل المتعلقة بالإعارات، الإجازات الدراسية، التأمين للعجز الطبيعي. كما جسد القرار بقانون رغبة المشرع في إيجاد نوع من التوازن بين تقاعدات المدنيين والعسكريين، وخلق نظام تقاعدي موحد. وما زالت بعض القوانين غير فاعلة فيما يخص بقانون شمل العاملين في المؤسسات الخاصة والأهلية بنظام التقاعد العام، علماً بأن هذه المسألة ليست بالسهلة وتتطلب تعديل بعض المواد في قانون التقاعد العام، كما تحتاج إلى إعداد دراسات خاصة نظراً لان طبيعة العمل في المؤسسات الخاصة والأهلية ،تختلف عن طبيعة العمل في المؤسسات العامة.
وفي معرض الحديث عن القرار بقانون تطرق المحاضر إلى المادة القانونية التي تجيز لمجلس الوزراء إحالة الموظف الذي أتم 15 سنة في الخدمة للتقاعد المبكر، والتي أحدثت الكثير من التخوف في أوساط الموظفين، مشيراً إلى أن القرار الإداري يجب أن يكون متمتعاً بالأهلية، والمشروعية، ومحققاً للمصلحة العامة، لذلك فالقضاء بالمرصاد لكل حالة مخالفة للقانون.
وفي الختام لعلني أستنبط من البعض والذين بادروا بطرح تساؤلات عدة منها إمكانية دمج العاملين في المؤسسات الخاصة والأهلية بنظام التقاعد العام من الناحية الواقعية، ولعلني ألامس مدى الحكمة من إقرار التقاعد المبكر، وأن نستخلص أسباب التباين في أنظمة التقاعد بين المدنيين والعسكريين ، وسيما وحكومة الوفاق الوطني هي الآن بحاجة ماسة لسد العجز في أعداد الموظفين وإمكانية توفير الرواتب لهم وبما يحقق التغلب على التحديات بواقع يصل بالحكومة إلى بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقلة وكما يطمح له الشعب الفلسطيني، ونحو ملامسة لقوانين فاعلة وحيث تستند بمجملها للنزاهة والشفافية والعدالة الاجتماعية .