اضراب الأسرى يكشف كل العورات ويسقط كل الأوراق - خضر شعت
ان اضراب الأسرى الاداريين ألقى شباكه وأبعاده في كل الاتجاهات القانونية والانسانية والدبلوماسية والسياسية، وأوقع في شباكه كل الجبناء والمتخاذلين مع الاحتلال، وكشف عورة المنظومة الدولية بكاملها، وأعلن زيف القوانين الانسانية التي شُرعت لتطبق على الضعفاء فقط.
حيث أن الاعتقال الاداري هو أحد قضايا الاجرائم الاحتلالي في السجون الاسرائيلية، والمعتقلين الاداريين هم أقل فئات الأسرى عدداً وأكثرها وضوحاً وادانةً للاحتلال، حيث يبلغ عددهم نحو 200 معتقل فقط، مقارنة بألاف المرضى ومئات المعاقين ومئات الأطفال المنتهكة حقوقهم، كما أن أبسط القوانين الدولية لحقوق الانسان ولجان التحقيق الدولية جرمت الاعتقال الاداري، لدرجة أن الضعف الاسرائيلي بشأنها وصل إلى حد تعهده بإنهاء الاعتقال الاداري أمام المخابرات المصرية الوسيطة بشأن انهاء اضراب الأسرى عام 2012م واتمام صفقة شاليط.
وتظهر المسئولية الدولية في أن اسرائيل تتذرع بأنها تنفذ قانون الطوارئ الذي سنه ومارسه الانتداب البريطاني في فلسطين عام 1945، وبذا فهي تتشارك مع بريطانيا في هذا الاجرام، كما تتذرع بأحد بنود اتفاقية جنيف الرابعة وكأنها تفتح صفحة الثغرات المعيبة على المشرعين للقانون الدولي، بأنهم لم يتوقعوا هذا القدر من فظاعة الاجرام الاسرائيلي، كما يكشف الاضراب جبن هذه المنظومة الدولية التي ترى هذا الاستخفاف المريع بالقانون الدولي وبالارادة الدولية من قبل الاحتلال الاسرائيلي.
واليوم، ونحن نقترب من اليوم الثامن والخمسين لاضراب المعتقلين الاداريين منهم النساء والأطفال والشيوخ والمرضى، فاننا نلاحظ أن هذا المشهد المؤلم كشف العورة الاسرائيلية بشكل سريع، حيث تحولت مستشفيات الاحتلال إلى ثكنات وسجون ومسالخ لتقييد الأسرى وتعذيبهم على سرير المرض، حيث وصل عدد المضربين المنقولين إلى تسع مستشفيات أكثر من مائة معتقل، بعضهم تكسرت صفائح دمه ومنهم دخل في غيبوبة نقص السكر، ومنهم يعالج بالصعقات الكهربائية، و 13 منهم أصيبوا بنزيف حاد، وآخرين نقلوا للعناية المكثفة منذ أيام.
وأما الاعلام الاسرائيلي الذي يحاول التكتم على هذه الفضحية، فانه حتماً سينفجر عند سقوط أول شهيد من المضربين، حينها ربما سيصطنع الحيادية وسيعلن أن مؤسسات الاحتلال التشريعية والقضائية والتنفيذية والطبية هم شركاء في الجريمة، ولكن من المفترض أن يعلن الاعلام الاسرائيلي الآن وفوراً أن اسرائيل بكل مؤسساتها مهزوزة وترسانتها تتخبط أمام قوة الأمعاء الخاوية، وتتقهقر أمام ارادة الجوع.
لذا فإنه من الشجاعة أن نعلن نحن كنشطاء وحقوقيون واعلاميون، أن هذا الاضراب لا يفضح فقط الزيف الاسرائيلي ويكشف عورة النظام الدولي بدءاً من الانتداب البريطاني المتآمر والأمم المتحدة المتواطئة والقانون الدولي بكل عيوبه، بل إنه يضرب بعرض الحائط لغة الاستجداء الناعمة التي طغت على الخطاب العربي والاسلامي والمناشدات الانسانية والحقوقية، والتي ظهرت في قمة الدول الاسلامية بالأمس.
لقد آن الأوان أن تتوجه البوصلة العربية باتجاهها السليم، وأن تتحدد أبجديات المعركة النضالية سياسياً ودبلوماسياً وقانونياً وشعبياً ضد الاحتلال وشركائه الدوليين الداعمين له، وآن الأوان أن يُعاد النظر بعلاقاتنا مع الصامتين على جرائم الاحتلال، وأن يتصاعد خطابنا العربي ليتوازى مع نداءات الأسرى ومع زفرات الغضب الشعبي الباحثة عن كرامتنا العربية والانسانية.