'إنسانية' في مرمى النيران الإسرائيلية
محمد أبو فياض
اضطر العاملون في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في جباليا شمال غزة، إلى نقل مقر عملهم الميداني والإداري إلى مستشفى العودة التابع لاتحاد لجان العمل الصحي في منطقة تل الزعتر، بسبب الأضرار الجسمية التي لحقت بمقر الجمعية جراء القصف الإسرائيلي.
ففي التاسع من الشهر الجاري، قصفت آلة الحرب الإسرائيلية أرض زراعية بقذائف صاروخية ذات قدرة تدميرية كبيرة بالقرب من مقر الجمعية، ما تسبب في إصابة مدير الإسعاف والطوارئ يوسف عبد الحميد، والمسعفين رمضان حوسو ومروان حمودة، وإياد بسيوني بجروح متوسطة نقلوا على إثرها لتلقي العلاج، عدا عن الأضرار المادية التي لحقت في مبنى الجمعية وفي ثلاث سيارات إسعاف كانت تنقل الجرحى في محافظة شمال غزة.
ولم يكن مستشفى 'الوفا' الطبي الواقع في حي الشجاعية شرق غزة بعيدا عن آلة البطش الإسرائيلية، حيث قصفت الطائرات الحربية فجر الجمعة الماضية بأربعة صواريخ الطابق الخامس والسادس من المستشفى التي تعالج ذوي الاحتياجات الخاصة، ما أدى إلى أضرار بالغة في الطابقين، عدا عن استهداف جمعية مبرة فلسطين لرعاية المعاقين في الثاني عشر من الشهر الجاري بصاروخ واحد، ما أدى إلى استشهاد اثنتين من ذوي الإعاقة، وهما: سها مصباح أحمد أبو سعدة (38 عاماً)، وعلا حسن محمد وشاحي (31 عاماً)، وإصابة 4 أشخاص، ثلاثة منهم من ذوي الإعاقة بالإضافة لمربيتهم، وهم: أحمد كامل الأعور (26 عاماً)، ومي ناهض نمر حمادة (31 عاماً)، وسالي نعيم صقر (19 عاماً)، والمربية: سلوى درويش أحمد أبو القمصان (53 عاماً)، وجميعهم أصيبوا بشظايا في أنحاء متفرقة من الجسم.
وطال الاستهداف الإسرائيلي مقدمي الخدمات، مثلما حدث مع طواقم عمل البلديات، حيث استشهد المشرف على تشغيل بئر المياه التابع لبلدية النصيرات عدنان سالم الأشهب البالغ من العمر (41 عاماً)، بعد قصف الطائرات الحربية لأرض قريبة من محيط المكان.
وكانت الطائرات الحربية الإسرائيلية هاجمت مركبة تابعة لمصلحة مياه بلديات الساحل السبت الماضي، بينما كان السائق في طريق عودته إلى مقر المصلحة، الأمر الذي تسبب في إصابة زياد سليمان الشاوي (42 عاما) وهو متزوج ولديه 5 أطفال بجروح وصفت بالخطيرة، ولا يزال يرقد في غرفة العناية المركزة في المستشفى.
والموظف في شركة توزيع كهرباء غزة محمد كايد محمد العكر (28 عاماً) أصيب هو الآخر بجروح، أثناء قصف قوات الاحتلال بصاروخ لدراجة نارية بالقرب من سيارة الشركة التي كان يملأها بالوقود.
وفي هذا الصدد، أشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره جنيف إلى أن دولة الاحتلال تتعمد استهداف المنشآت المدنية خلال عدوانها المتواصل على قطاع غزة لليوم السابع على التوالي، حيث تواصل هدم المنازل وقصفها على رؤوس ساكنيها دون سابق إنذار، وصعدت من استهدافها المدنيين من النساء والأطفال، ولم يسلم ذوي الاحتياجات الخاصة من بطشهم وجرائمهم.
كذلك، ناشدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر كافة الأطراف بضرورة حماية المدنيين والعاملين في مجال الرعاية الطبية المحاصرين في خضم العدوان المتصاعد.
وأوضح رئيس بعثة اللجنة الدولية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة جاك مايو، في تصريح سابق أن الأثر الإنساني لهذه الحلقة المفرغة من العنف المسلح يزداد سوءاً مع مرور الوقت'، وينبغي حماية المدنيين، وضمان شروط السلامة في جميع الأحوال لسيارات الإسعاف والمستشفيات والعاملين في مجال الرعاية الطبية، حيث يحتاجون إليها للقيام بعملهم الحيوي'.
ودعت اللجنة الدولية إلى التزام الأطراف بكافة الاحتياطات الممكنة لحقن دماء السكان المدنيين وتجنيبهم تبعات الأعمال العدائية.
بدوره، قال مركز الميزان لحقوق الإنسان إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف طواقم العمل الإنساني والمنشآت الصحية لشل الحياة في قطاع غزة، مستنكرا استهداف طواقم عمل البلديات والمستشفيات والجمعيات الخيرية التي تقدم خدمات الرعاية الطبية والنفسية للمعاقين.
وأكد المركز أن المنشآت والطواقم الطبية تحظى بحماية خاصة في القانون الدولي الإنساني واستهدافها بالقصف يشكل جريمة حرب واضحة، كما أن استهداف طواقم عمل البلديات وشركة الكهرباء وخطوط تغذية المياه والتيار الكهربائي تشكل جرائم حرب واضحة، لأنها من المصادر والوسائل الضرورية لتأمين حياة السكان، واستهدفها يقع في إطار جرائم الحرب.
وطالب المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة، لاسيما مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتدخل العاجل والعمل على توفير الحماية والحصانة الكاملة لطواقم عمل البلديات وشركة توزيع كهرباء غزة وطواقم الإسعاف لضمان استمرار قيامهم بواجبهم الإنساني في استمرار تقديم خدمات أساسية ولا غنى عنها لحياة السكان.