بالوحدة والتوحد تفشل أهداف العدوان
العدوان الهمجي على شعبنا في قطاع غزة هو عدوان على كامل شعبنا وقضيتنا الوطنية العادلة، أتى لاستكمال ما بدأته إسرائيل في غزة عام 2005 عندما انسحبت لتفشل أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية في الضفة وغزة، وذلك عبر فصل غزة عن الضفة.
جاء العدوان، لا ليقتل ويدمر فقط، وإنما لإعادة خلط الأوراق على ساحة الصراع مع إسرائيل، والإدعاء للعالم بأن إسرائيل ما تزال بحاجة “للامن” الذي يهدده الفلسطينيون صبح مساء”، وجاء كي يحاول أن يحدث شرخاً يهدد المصالحة الفلسطينية والتوافق الذي تشكلت حكومة بنتيجته تعمل على تنفيذ بنود المصالحة وإنهاء الإنقسام. العدوان أراد منع الضفة وغزة أن تتحدا في حكومة وسلطة واحدة ووجه تهديداته العديدة لفك أواصر الوحدة، تلك التهديدات التي تم النظر إليها من قبل شعبنا وقيادتنا بإزدراء واستخفاف، وجاء العدوان حرباً ضد الدولة الفلسطينية القريبة، بعدما اعترف بها 138 دولة كعضو مراقب. وجاء العدوان ليشكل حالة استباقية في مواجهة النهوض الجماهيري الوطني في مختلف مناطق الضفة اعتراضاً ورفضاً ومقاومة لسياسة وإجراءات الاحتلال، إجراءات القتل واستباحة المدن والقرى والبيوت وتكثيف حملات الاعتقال.
لقد حاول الاحتلال أن يفصل غزة عن الضفة، وأن يجد تسوية لغزة منفصلة عن مسار الأمور في الضفة، حيث أن إسرائيل تريد ضم الضفة كما هو واضح عبر تكريس الحواجز ومصادرة آلاف الدونمات كل يوم، والتهديد بضم المنطقة ج كلها، وبناء جدار يمكنها من ضم المناطق الواسعة في الأغوار.
ويتضح هذا المسعى كذلك من أقوال الرئيس الأمريكي أوباما ووزير خارجيته كيري ونتنياهو كذلك، عندما كرر الثلاثة في أوقات متقاربة أنهم يسعون إلى تسوية سياسية تستثني غزة.
ويتضح أيضاً بقول أوباما أنه مستعد للتوسط بين إسرائيل وحماس للتوصل إل هدنة، فهذا الكلام يصب في هذا الاتجاه، لأن اوباما حين يتجاهل الرئيس الفلسطيني في هذا الموقف فإنه يقصد أن يكرس الفصل بين الضفة وغزة، ويضح حجر عثرة كبير في طريق إقامة الدولة المستقلة التي لن تكون في الضفة دون غزة ولن تكون في غزة دون الضفة بالطبع.
وحدة الشعب والأرض أساس لقيام ووجود أي دولة ولا وجود لدولة دون وحدة الشعب والأرض، والانقسام هو العدو الأخطر لهذه الوحدة، التي تمسكت بها فتح وستظل متمسكة بها تحت أي ظرف.
إن مواجهة أهداف إسرائيل تلك، تتطلب استمرار التمسك بالمصالحة واستكمال إجراءات تنفيذها، وعدم توظيف الحرب من أي أحد كذريعة للتهرب من المصالحة، بل على الجميع أن يتنادى مخلصاً لمواصلة الحوار الوطني وتذليل كل عقبة قد تعترض سبيل التوحد والتماسك ومواجهة العالم بصوت واحد وموقف موحد لدرء كل المفاسد وإفشال كل المتآمرين والمؤامرات.
الرئيس هو الذي يستيطع مخاطبة العالم، دوله ومنظماته وهيئاته وزعمائه، وعدم إشرافه على أي اتفاق تهدئة لن يكون في صالح المصالحة ولن يكون في صالح الوحدة الوطنية ووحدة الشعب والأرض.
آن الأوان كي يستمع العالم لمعاناة شعبنا، ليزيل عنه الظلم والعدوان والاستيطان والحصار والاحتلال، وفتح المعابر التي تربطه بالعالم، فلا يجوز أن يظل مقيداً خلف الحواجز والأسوار والأسلاك الشائكة والحصار.
وحتى لا يعود سنياريو الحرب إلى غزة من جديد، فلا بد أن يكون اتفاق التهدئة مرتبطاً بالحالة الفلسطينية كلها في الضفة وغزة، ليتم وقف كل أشكال العدوان، ويصار إلى الإقرار بحقوق شعبنا المشروعة في العودة وإقامة الدولة وتقرير المصير، في هذا الاتجاه يمكننا أن نوظف انجاز المقاومة وصمود الشعب، ولتدرك إسرائيل أنها لن تتمكن مهما امتلكت من أسلحة فتاكة من كسر إرادة شعبنا وثنيه عن أهدافه، فهي قد جربت المرة تلو المرة دون طائل، وها هي تفاجأت اليوم بإمكانات شعبنا التي من الطبيعي أن تتعاظم وتتطور إلى مستويات أعلى في الزمن القادم، فإلى متى ستنتظر إسرائيل مثلما قال الأخ أبو مازن.
افتعال أي خلاف داخلي لن يكون في صالح شعبنا وفصائلنا، بل سيعيدنا إلى المربع الأول إلى دائرة الخلاف والفرقة ويطيح بكل الجهود التي أثمرت حكومة التوافق حتى الآن.
علينا الابتعاد عن “الثقافة” الفصائلية إذا جاز التعبير وأن نكرس انتماءنا للوطن بعيداً عن أي مكسب حزبي آني، فوحدة الموقف والهدف، ووحدة الشعب والأرض، ووحدة الخطاب الموجه للعالم هي التي تحفظ مصلحتنا العليا، العدو يستهدفنا جميعاً ونحن كلنا في مركب واحد لا يجوز لأحد أن يخرق فيه مكانه بأي حال.