في خانيونس.. النوم على جنبات الطرق أو الموت تحت الركام
رغم ارتفاع حرارة شمس النهار، إلا أن الشاب عبد القادر أبو دقة الذي تقطعت به السبل مع عائلته، بعد فراره من عبسان الكبيرة، ظل نائماً على جانب الطريق وسط خان يونس، حاله كحال عشرات العائلات التي اتخذت من الرصيف مأوى لها، بعدما ضاقت المدارس والمساجد بنازحيها.
ولم تستطع القدس دوت كوم الحديث معه إلا بعد استيقاظه من نومه العميق، رغم حركة السيارات والأفراد في محيطه، فهو لم يستطع النوم ليلا إلى جانب زوجته وأبنائه الثلاثة، حيث يمكثون في أحد المحالات الفارغة مع عشرات النسوة، اللواتي خصص لهن هذا المحال، وطلب من أزواجهن النوم خارجاً، ليكون أكثر راحة لهن.
ولم يتخيل أبو دقة أن ينتهي به المطاف إلى النوم على الرصيف، لكن الواقع جعل من ذلك فرصة جيدة طالما أن المكان أكثر آمناً من منطقة منزله، التي خرج منها تحت القصف وبالكاد استطاع أن ينجو بعائلته.
لكنه يعتقد أن نومه على مساحة معشبة تبدو أفضل من بلاط الرصيف أو حتى الإسفلت، وكأنها نقطة تمايز بين النائمين على الطرقات وفي الميادين والمساحات الصغير بين الطرق التي تسير باتجاهين.
وقال: "لا مفر أمامنا إلا القبول بهذا الواقع، وإلا لن نستطيع الاستمرار في الحياة بدون نوم".
وأضاف: "الأهم أنني أمنت مكانا لزوجتي وأبنائي، أما نحن الشباب فيمكن ان نقضي أوقاتنا في أي موقع".
لكن المشهد الأكثر مأساوية يتضح عند المرور بالمناطق القريبة من مسجد أهل السنة وسط خان يونس في ساعة متأخرة من المساء، حيث الرجال والنساء والأطفال ينامون في الشوارع وأمام أبواب المحال التجارية، لكنهم يعمدون إلى الاستيقاظ قبل طلوع الشمس، حتى لا يظهروا أمام الناس بهذا المشهد.
ورغم إدراكه لقساوة وصعوبة الحياة على الرصيف، لكن السبعيني يوسف قديح الذي يحاول أن يحتفظ ببعض قطع الكرتون التي اتخذها فراشاً، لاستخدامها في اليوم التالي، يعتقد بأن النوم على جانب الطريق أفضل وأرحم مئة مرة من الموت تحت ركام المنازل في أي قصف إسرائيلي.
ولن يتمكن قديح الذي تحدث لـالقدس دوت كوم من العودة إلى بلدة خزاعة، رغم التهدئة التي أعلنها جيش الاحتلال عند الساعة العاشرة صباحاً، لأن منطقته خارج المناطق التي سمح بعودة سكانها إليها، ما يعني استمراره في المكوث على جانبي الطريق ليل نهار لعدة أيام قادمة.