استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني  

اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني

الآن

تعليمنا العالي “ينزف” بطالة ...

تحقيق منتصر حمدان 

- مطالبات بناء نظام وطني للإرشاد المهني وكسر احتكار عضوية مجلس التعليم العالي.. وإنهاء تضارب المصالح

دائرة التحقيقات الاستقصائية - كشف مسؤولون تربويون رسميون وغير رسميين، عن وجود تضارب مصالح في ادارة قطاع التعليم العالي في فلسطين، حيث يتجسد ذلك في أن اغلبية اعضاء مجلس التعليم العالي هم من رؤساء الجامعات رغم ان رئاسته تكون لوزير التربية والتعليم بحكم المنصب، إلا ان قرارات هذا المجلس تنصب بالأساس على ما يحقق مصالح مؤسسات التعليم العالي اكثر من الالتفات الى مصالح الطلبة والمجتمع او تحسين جودة ونوعية التعليم العالي في ظل تأكيدات رؤساء جامعات لـ (الحياة الجديدة) ان التعليم العالي في فلسطين يوشك على الانهيار في ظل غياب السياسات الواضحة لادارة هذا القطاع واغراق مؤسسات التعليم العالي بتخصصات قد لا يؤدي الالتحاق بها الى حصول الخريجين على وظائف او فرص عمل، في حين ان من بين حالات تضارب المصالح تأكيد مصادر رسمية في وزارة التربية والتعليم العالي وجود عدد من المسؤولين الرسميين في الوظيفة الحكومية ضمن قطاع التربية والتعليم يحاضرون (منهم باذن رسمي ودونه) في جامعات محلية. 
في حين ان مسؤولين بارزين في التعليم العالي كشفوا عن تلقيهم قرابة 1000 طلب تطالب بخفض معدلات القبول في الجامعات، لغرض جمع الاموال من الطلبة في ظل عدم ايفاء الحكومة بما عليها من التزامات مالية تجاه مؤسسات التعليم العالي، الامر الذي يكشف جليًّا طريقة ادارة هذا القطاع المهم حيث يتحمل الطلبة وذووهم القسط الاكبر من تسديد الالتزام المالي الذي يزيد عن مليار دينار سنويًّا.
وفي اطار استكمال نشر التحقيق في حلقته الثانية، فإن بعض من المعلومات وتحليلها يشيران الى اهمية اتخاذ اجراءات صارمة من اجل ضبط وتقييم ادارة قطاع التعليم العالي في فلسطين بقرارات وسياسات واضحة خاصة ان مصادر رسمية قالت: “المشكلة لا تكمن في الدراسات والخطط التي انفقت عليها اموال طائلة لمعالجة الخلل والاخطاء القائمة، بل تكمن بالاساس في اخراج هذه الدراسات والخطط من رفوف المكاتب لحيز التطبيق والتنفيذ.
استنزاف جيوب الأهالي وجهود الطلبة
وحسب تقديرات الخبير الاقتصادي واستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت د. نصر عبد الكريم، فإن تكلفة الطالب الجامعي الواحد تصل سنويًّا ما بين 5 الى 6 آلاف دينار، ما يعني ان تكلفة التعليم قد تصل الى ما بين 20 الى 24 الف دينار خلال اربعة اعوام شاملة لسعر الساعات والمواصلات والقرطاسية والمصروف الشخصي في حده المتوسط.
وقال عبد الكريم: “الانفاق على التعليم الجامعي بالمتوسط يصل الى قرابة 20 الف دينار للطالب الواحد في حين ان العائد على هذا الاستثمار غير مضمون”، مؤكدا ان ذلك يحتم على الجهات الرسمية التخطيط الجيد والمسبق بما يخدم احتياجات السوق ونوعية التعليم المطلوب وادارة هذا الاستثمار المجتمعي الكبير، ما يؤشر الى انه في حال ضرب هذه القيمة 20 الف دينار في عدد الطلبة الملتحقين في مؤسسات التعليم العالي ( 214 ) الف طالب ملتحقين في التعليم حسب احصائية (2013 و2014 )، فاننا نتحدث عن اربعة مليارات دينار و280 مليون دينار في اربعة أعوام، اغلبها تنفق من جيوب الطلبة وذويهم.
ويرى عبد الكريم ان موضوع ارشاد الطلبة لا يتم من خلال اصدار النشرات فقط بل بمعرفة العوامل المؤثرة باختيارات الطلبة للتخصصات”.
ودعا لتبني برامج ارشادية في المراحل الدراسية الاولى وعدم الانتظار لوصول الطلبة الى الثانوية العامة، ووضع خطط وطنية لما نريده كمجتمع في السنوات المقبلة بما في ذلك تحديد مسارات الاقتصاد وهيكليته وتركيبه وطبيعة القطاعات المراد تطويرها.
غياب التخطيط الرسمي لادارة التعليم العالي
ويقر د. علي الجرباوي، الذي تولى منصبين رسميين في الحكومات الفلسطينية هما منصب وزير التخطيط، ومنصب وزير التعليم العالي، اضافة الى كونه استاذًا في جامعة بيرزيت، بعدم وجود تخطيط رسمي لإدارة التعليم العالي في الجامعات.
والسبب حسب رأيه يعود لـ “وجود فائض في كل شيء، مفسرا ذلك بالقول:” لدينا فائض في اعداد الطلبة ولدينا فائض في عدد المؤسسات الجامعية والكليات “.
واضاف: “نلمس اقبالاً شديدًا من قبل الطلبة على دراسة تخصصات بعينها لاعتقادهم أن هذه التخصصات تساعدهم في الحصول على وظيفة في المستقبل، في حين يتم الإحجام عن دراسة تخصصات نوعية مثل الالتحاق بكلية العلوم لدراسة الفيزياء والكيمياء”.
ويرى الجرباوي أن اشكالية ارشاد الطلبة هي مسؤولية الاهل بالدرجة الاولى لكن في المحصلة، فإن التحاق الطالب بأي تخصص يكون مرتبطًا بأمرين، الاول معدله في الثانوية العامة، والثاني الوظيفة التي يمكن ان يحصل عليه جراء التحاقه بهذا التخصص.
ويتفق الجرباوي مع وجود اشكالية ثقافية في موضوع اختيار التخصصات التعليمية في ظل وجود إصرار من العائلات على اهمية ان يحصل ابنهم على شهادة جامعية سواء حصلوا على وظيفة ام لا.
ويضيف:” يتم اعتماد التخصصات في الجامعات وفق معايير واسس واضحة من هيئة الاعتمادت والجودة التابعة لوزارة التعليم الجامعي”، مقرًا في الوقت ذاته بوجود اشكاليات في تشابه التخصصات في الجامعات مع اختلاف سمعة الجامعة وطبيعة الكادر التعليمي فيها وسعر الاقساط او معدلات القبول فيها.
بدء الارشاد المهني من المراحل الاساسية
ويصل عدد الطلبة الملتحقين بحامعة القدس المفتوحة لوحدها الى قرابة 60 الف طالب وطالبة في جميع المراكز التعليمية في الاراضي الفلسطينية.
ويؤكد عميد شؤون الطلبة في جامعة القدس المفتوحة د. محمد شاهين اهمية تبني نظام ارشادي مهني قوي بدءًا بالمراحل الاساسية الاولى في المدارس بما يساهم في فحص ميول الطلبة واتجاهاتهم وقدراتهم وتوجيههم نحو تخصصات علمية او مهنية في هذه المرحلة بما يؤسس لطالب قادر على اتخاذ القرارات المبنية على اسس ومعلومات واضحة ورؤية مستقبلية.
واشار شاهين الى ان عمادة شؤون الطلبة حرصت على اصدار نشرات توعوية للطلبة لمساعدتهم على اختيار التخصصات في الجامعة وإعطائهم مؤشرات تساعدهم على مسح اولي عن التخصصات ومدى ارتباطها بسوق العمل.
وأضاف: “اختيار التخصصات يجب ان يعتمد على عدة عوامل اهمها: سوق العمل واحتياجاته وميول الطالب واتجاهاته وقدراته”.
ورغم تأكيد شاهين أن نظام الإرشاد المعمول به في الجامعة يعطي نتائج ايجابية ومساعدة الطلبة في اختيار تخصصهم الاكاديمي، الا انه يشدد على اهمية تبني وزارة التربية والتعليم العالي خطة للإرشاد المهني تبدأ من المرحلة الاساسية الاولى بما يساهم في اكتشاف قدرات الطلبة وميولهم وبدء عملية صقلها وتوجيههم نحو التعليم المبني على اساس خدمة المجتمع وتطويره وتحسين مستقبلهم الاكاديمي والمهني على حد سواء.
واضاف: “على وزارة التعليم العالي ان تكون قابلة للتفاعل مع احتياجات سوق العمل ومتطلباته ما يستدعي اولا وجود قاعدة بيانات حول سوق العمل واحتياجاته ومساعدة الطلبة في اختيار تخصصاتهم بطريقة مهنية وفق اسس ومعايير واضحة”، موضحا ان ادارة الجامعة أوجدت عام 2006 وحدة لمتابعة الخريجين من الجامعة وسعت جاهدة للتواصل مع القطاع الخاص من خلال اقامة ايام التوظيف والاستماع الى مقترحاتهم واحتياجات العمل.
وكشف شاهين عن وجود مشكلة حقيقية في موضوع اختيار الطلبة للتخصصات التعليمية، الامر الذي ادى الى ارتفاع البطالة في صفوف الخريجين بنسب كبيرة جدا وأوضح: “نسبة البطالة في صفوف الخريجين عالية في جميع التخصصات هذه النسبة تتراوح ما بين 15% في بعض التخصصات في قد تصل في تخصصات أخرى كالتربية الى 65%”.
واشار الى اشكالية عدم توسيع قطاعات العمل وعدم فتح اسواق للعمل خارج فلسطين اضافة الى مشكلة ضعف التركيز على التعليم المهني وتشجيع الطلبة على الالتحاق به بسبب مشاكل ثقافية مرتبطة بنظرة المجتمع لهذا النوع من التعليم.
مواءمة تخصصات الجامعات مع متطلبات سوق العمل
وكانت السلطة الوطنية الفلسطينية حصلت على منحة من البنك الدولي لصالح وزارة التعليم العالي لتنفيذ مشروع سوق العمل وربطه ببرامج الجامعات والكليات بقيمة (6.5) مليون دولار، وكان من المقرر ان يتم تنفيذ المشروع في الفترة بين آب 2012 وحتى كانون الثاني 2018، ويتضمن المشروع منح صندوق تطوير الجودة لدعم الانتقال من التعليم الى سوق العمل بقيمة 5 ملايين دولار، ونظام متابعة خريجي مؤسسات التعليم العالي (0.6) مليون دولار) وإدارة المشروع من خلال مشاريع البنك الدولي (0.9) مليون دولار.
وسعت وزارة التربية والتعليم العالي التي وضعت خطة استراتيجية لتطوير التعليم والتدريب المهني والتقني لتحويل الاولويات نحو جودة التعليم والتدريب وربطهما باحتياجات سوق العمل بهدف تخريج طلاب لديهم مهارات ومؤهلات تستجيب لاحتياجات سوق عمل متغيرة من المتوقع دمجها على نحو متزايد في الاقتصاد العالمي، لكن نتائج هذا المشروع ومخرجاته ما زالت غير مرئية رغم تمويل البنك الدولي لـ (60) برنامجًا في جميع مؤسسات التعليم العالي من خلال صندوق تطوير جودة التعليم العالي حيث تم تنفيذ تلك البرامج على ثلاث مراحل اولها بناء نظام وطني للارشاد المهني والتشغيل.
وقالت مدير عام الارشاد والتربية الخاصة في وزارة التربية والتعليم العالي ريما الكيلاني: ان الوزارة تعول كثيرًا على هذا المشروع كونه يساعد في تضييق الفجوة ما بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل.
واضافت: “الارشاد المهني يهدف الى مساعدة الطالب على التعرف على قدراته ورغباته لعمل توافق بينهما ويساعده في التعرف على سوق العمل وبالتالي تمكينه من اختيار التخصص الاكاديمي المناسب الذي يقوده الى مهنة مناسبة”، موضحة ان الوزارة بدأت بتنفيذ خطط وبرامج نوعية للارشاد من خلال المرشدين التربويين في المدارس التي يتواجدون فيها فقط”.
ويصل عدد المرشدين في مدارس الضفة حسب الكيلاني الى 680 مرشدًا تربويًّا ونحو 270 مرشدًا تربويًّا يغطون جميع مدارس قطاع غزة، مشيرة الى جهود الوزارة في تفعيل العمل بالمنهاج الفلسطيني للارشاد المهني وتعميمه على جميع المراحل الدراسية في المدارس من اجل تحقيق الاهداف المبنية على ثلاثة مكونات اولها مساعدة الطالب على التعرف على الذات، والتعرف على الاعمال وخصائصها واكتشاف سوق العمل والتعرف عليه واختباره. واضافت الكيلاني: “مشكلتنا الاساسية تتمثل في نقص المرشدين، ما يؤثر على عملية التنفيذ خاصة ان الوزارة انجزت دليل اولياء الامور في الإرشاد المهني لأبنائهم ضمن برنامج “من المدرسة الى المهن” الذي يعتبر برنامجًا عالميًّا وتم تعديله محليًّا بما يتلاءم مع وضعنا وثقافتنا وفكرنا”.
وأوضحت: “بات المرشدون يجدون الحيز والمساحة الكافية للقيام بالتطبيقات، وأصبحت الوزارة عضوا في اللجنة الوطنية لوضع النظام الوطني للإرشاد المهني والتشغيل حيث تشارك في هذه اللجنة عدد من الوزارت بما فيها وزارات العمل والشؤون الاجتماعية والمرأة والتربية والتعليم العالي”.
وقالت: “ستعمل اللجنة من اجل سياسة وطنية وباتجاه ايجاد نظام وطني للإرشاد المهني والتشغيل لمنع التشتت في تنفيذ البرامج وحفظ الجهود ضمن اطار وطني واحد”، كاشفة ان الاعلان الرسمي عن ميلاد النظام الوطني للارشاد سيكون في تشرين الثاني المقبل.
اشكالية الإرشاد في الجامعات
واشارت الكيلاني الى ان إحدى العقبات المعيقة لاكتمال الدائرة والجهود تكمن في وجود اشكالية حقيقية لدى الجامعات التي تقدم ارشادًا اكاديميًّا للطلبة لمساعدتهم لاختيار المساقات وترتيبها، كما ان القبول في الجامعات يعتمد فقط على العلامة النهائية للطلاب سواء لامتحان الثانوية ام علاماته في الفصل الاول والثاني وبناء على سعة التخصص ولا تتم مراعاة علامة الطالب في المادة التي يريد التخصص بها.
كما كشفت الكيلاني عن وجود اشكالية حقيقية في مدى اهتمام الطلبة باختيار تخصصاتهم وقالت: “انا دائما اقول للطلبة انتم تختارون قميصكم بوقت اطول من وقت اختيار مستقبل دراستكم(..)”.
واشارت الكيلاني الى اشكالية اخرى مرتبطة بعدم ايجاد مؤسسات صناعية او زراعية في المناطق المهمشة وتساءلت لماذا لا توجد مدرسة صناعية او زراعية في طوباس التي تعتبر منطقة زراعية لتشجيع الطلبة على الالتحاق بتخصصات مرتبطة بواقع منطقتهم؟!
وقالت الكيلاني: “في اغلب دول العالم يكون المثلث مبنيًّا على اساس قاعدته من الصناعيين والمهنيين والحرفيين وكلما صعد للأعلى في التعليم تكون المهن النادرة والتخصصية، لكن ما يحدث عندنا هو الهرم المقلوب من خلال امتلاكنا كفاءات علمية وقدرات علمية بأعداد كبيرة في القمة، لكننا نفتقر للتخصصات المهنية والصناعية والحرفية بما يلبي احتياجات المجتمع واحتياجات السوق”.
الإطاحة بامتحان التوجيهي
ويرى الاكاديمي والخبير المتخصص في مجال تكنولوجيا المعلومات د. صبري صيدم أن مشكلة اختيار التخصص وحصول الخريجين على الوظائف مركبة سببها اولاً نظام التوجيهي “البائس” و”التعيس” الذي يجب الإطاحة به دون تردد وليس على ارضية التصالح، كونه يفرز للمجتمع الفلسطيني في مرحلة عمرية فئة معينة باتجاهات مختلفة، قد لا تعطي الشخص امكانية الدخول للمؤسسة الاكاديمية العليا والحصول على تعليم يتطابق مع رغبته الشخصية او مع قدراته وميوله.
واضاف: “في بعض الاحيان يكون اختيار التخصص عملية مرتجلة، فالبعض يذهب للجامعة حتى لا يفوته قطار السنة الدراسية الاولى وينتسب لكلية لا تتواءم تمامًا لاختياراته وميوله وانما ترتبط بالبعد الاجتماعي الضاغط دائما على الطلبة”.
وقال: “لا بأس إن تم وقف بعض التخصصات لحين المواءمة ما بين احتياجات السوق والتخصصات الاكاديمية”، مشيرا الى ان إحدى اهم كوارث التعليم العالي في فلسطين تتمثل في استمرار حاجته للمال وعدم انشاء وقفية قومية فلسطينية لدعم التعليم العالي للانتقال من مرحلة التعليم والتلقين الى مرحلة البحث العلمي”.
“ طلابنا ضحايا تجارة التعليم العالي “
وكشف عدد من المسؤولين الرسميين والخبراء المختصين، عن وجود اشكالية حقيقية في مؤسسات التعليم العالي ورسم السياسات والخطط والقرارات المرتبطة بالجامعات وتضارب المصالح حينما نجد ان مجلس التعليم العالي المشكل من رؤساء الجامعات الفلسطينية التي منها فقط ثلاث جامعات حكومية يحددون السياسات المرتبطة بهذا القطاع رغم أن رئاسة المجلس معنوية لوزير التربية والتعليم العالي.
ويؤكد وكيل وزارة التربية والتعليم العالي د. محمد ابو زيد ان اشكالية استيعاب الطلبة في مؤسسات التعليم يجب معالجتها بسلسلة قرارات تعزز نظام الارشاد، كاشفًا عن اشكالية مرتبطة بقرارات مجلس التعليم العالي الذي يتشكل من رؤساء الجامعات التي قد لا يكون له مصلحة في هذا الامر.
وقال ابو زيد: “الثغرة الحقيقية تتمثل في طبيعة تشكيل مجلس التعليم العالي المحصور في رؤساء الجامعات، ولا بد من فتحه لمشاركة كفاءات وشخصيات اعتبارية تمثل قطاعات واسعة من المجتمع على ان تكون نسبة مشاركة رؤساء الجامعات في اتخاذ القرارات والسياسات التي يرسمها المجلس اقل من 50% لمنع الوقوع في تضارب المصالح”.
ويفتح رئيس جامعة القدس المفتوحة د. يونس عمرو -رغم عضويته في مجلس التعليم العالي- النار على مجلس التعليم العالي المفترض ان يقوم برسم السياسات والخطط التطويرية للتعليم العالي في فلسطين، نافيًا وجود سياسات للتعليم العالي ومعايير للتعليم العالي”.
واضاف: “في ظل غياب التقييم والمعايير لا يمكننا الحديث عن سياسات للتعليم العالي، فنحن امام اشكالية قائمة بأن وزارة التربية والتعليم العالي تضع سياسات ومجلس التعليم العالي يرسمون سياسيات وبالتالي نصبح في حارة (كل من في إيده اله)”.
وكشف عن اشكاليات في انتظام عقد اجتماعات مجلس التعليم العالي وقال: “عندما يحتاجون المجلس لمناكفة النقابات او تحديد اسعار الأقساط او غلاء المعيشة تتم دعوته للاجتماع وما دون ذلك لا يجتمع”.
ويختم: “التعليم العام في مجتمعنا يوشك على الانهيار حينما نلمس مخرجات التعليم العالي من طلاب بمستويات غير مقبولة الى حد ان بعضهم لا يجيدون القراءة والكتابة”.
في المقابل فإن مصادر رسمية في التعليم العالي، كشفت عن وجود اشكالية خطيرة تتمثل في تغييب منصب امين سر مجلس التعليم بعد ان تقاعد امين السر السابق، حيث ان هذا المنصب يقع ضمن مسؤوليات الوزارة لتنظيم وتفعيل عمل المجلس.
وحسب تلك المصادر:” فإن رؤساء الجامعات مرتاحون للوضع القائم ولا يسعون الى تغيره”.
من جانبه قال الوكيل المساعد لشؤون التعليم العالي، فاهوم شلبي: “حقيقة ان البدء بمواءمة حقيقية للتعليم العالي مع احتياجات السوق تعني توقف 80% من البرامج والتخصصات القائمة في الجامعات”، مشيرًا الى ان عدم استقرار الاوضاع الاقتصادية والسياسية ينعكس مباشرة على كافة انحاء المجتمع برمته وتؤثر على اية خطط او برامج تطويريه.
واضاف: “الاسرى على سبيل المثال رغم انهم في السجون الا انهم يحرصون على تطوير تعليمهم، ونحن كمجتمع ما زلنا في السجن ولم نتحرر وبالتالي فإن الحديث عن تلبية الاحتياجات لسوق العمل تبقى كلامًا نظريًّا لاننا لا نعيش في ظل نظام اقتصادي او سياسي مستقر وهذه حقيقة”.
وتابع: “ تعليم طلابنا في الجامعات ومؤسسات التعليم هو بمثابة مفتاح مهم لفتح ابوابه مستقبلية في حال تبدلت الاوضاع الاقتصادية والسياسية”، مشيرًا في الوقت ذاته الى وجود اشكاليات بالغة الاهمية متمثلة في ان مدخلات التعليم العالي من الطلبة الناجحين في الثانوية العامة بالعادة يشكلون 75% من الملتحقين بالفرع الادبي وتخصصاته في وقت ان هذا الفرع لا يوفر فرص عمل إلا ما ندر”.
واقر شلبي بتلقي الوزارة نحو 1000 طلب تطالب بخفض معدلات القبول في الجامعات وانزاله من 65% الى 60% لمساعدة الجامعات على تغطية ما تحتاجه من اموال بسبب عدم تسديد الحكومة ما عليها من التزامات مالية لمؤسسات التعليم الحالي.
ووصف صيدم الالتحاق بالتعليم العالي بالقول: “دون تعزيز البحث العلمي في مؤسساتنا التعليمية لا آفاق لتطوير التعليم في فلسطين وكل ما يجري “تبنيج مؤقت لشريحة واسعة لتأخير دخولها للبطالة ولذلك لا استغرب حينما ينافس 27 الف خريج وخريجة على 3000 وظيفة اغلبهم يلجأون الى الواسطة للحصول على الوظيفة العمومية”.
واكثر ما يدلل على وجود اشكالية في هذا المجال وادارة هذا القطاع بعدالة وانصاف، هو ما جاء في ملخص للاستراتيجية المتوسطة المدى لقطاع التعليم العالي (2014 و2018) والصادرة في كانون الثاني الماضي، فإنه من بين نقاط القوة حسب المخلص ارتفاع نسبة الاناث المسجلات في التعليم العالي الى 56% من الجسم الطلابي، واشتراك حوالي 30% من الفئة السكانية التي تتراوح ما بين 18 الى 24 عامًا في التعليم العالي، في حين ان من بين نقاط الضعف عدد اعضاء هيئة التدريس في الجامعات بطريقة غير منسجمة مع تزايد متسارع في سجل الطلبة الملتحقين، اضافة الى ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الخريجين بنسبة تصل الى 34%، وغياب ارادة سياسية وطنية عليا مصحوبة بالمال وضعف العلاقة بين الصناعة والمؤسسات الاكاديمية.
ومن بين الاهداف المنبثقة عن التدخلات الاصلاحية المطلوبة في اطار القرارات السياسية، العمل من اجل مشاركة وتمثيل قطاع الاعمال والصناعة في هياكل حاكمية التعليم التي تسير مؤسسات التعليم العالي وضمان تمثيل قطاعات الاعمال والغرف التجارية والصناعية في عضوية مجلس التعليم العالي، وتمثيل قطاع الاعمال في مجالس امناء الجامعات ومجالس الهيئة ومجلس البحث العلمي، اضافة الى العمل من اجل مراجعة وتقييم وتغيير تركيبة وصلاحيات مجلس التعليم العالي.

 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025