الى متى سنظل ندفع نقداً فواتير الخلافات العربية والإقليمية من دمائنا - أحمد ابراهيم الحاج
21/8/2014 م. كان بالإمكان حقن الدماء الفلسطينية وترشيدها في هذه الحرب الأخيرة على فلسطين، نقولها على فلسطين التي تمثل الكل وغزة العزيزة على قلوبنا تمثل منها الجزء والدماء الغزية هي دماء فلسطينية خالصة فيها من الدم الغزي الأصيل والدم الفلسطيني المهجر من كل أرجاء فلسطين، ولأن الهدف من العدوان هو الكل الفلسطيني وليس الجزء الغزي الذي يمثل بؤرة الصراع الجارية هذه الأيام.
وقدر غزة أن تتحمل النصيب الأكبر في تسديد هذه الفواتير الباهظة في هذا الزمان ولأنها بشموخها وعزة أبنائها الفلسطينيين تمثل شوكة مغروزة في خاصرة العدو كما هو الحال في كل أنحاء فلسطين حيث الأشواك مغروزة في جسد الإحتلال.
وستظل هذه الأشواك تلسعه كيفما ومتى استدار ولن يهنأ بالأمن والأمان حتى يرحل ويكنس جنوده ومستوطنيه وينهي إحتلاله البغيض. في كل معركة يشنها علينا المحتل تبرز فيها الخلافات العربية والإقليمية، وتتصارع فيها المحاور الإقليمية بعيداً عن المصلحة الوطنية الفلسطينية ولغايات خفية في نفوس هذه المحاور والعواصم.
لعبة شد الحبل الجارية هذه الأيام العصيبة بين العواصم العربية المتنافرة والعواصم الإقليمية المتجاذبة تمزق الجسد الفلسطيني إرباً إرباً، وتقطع أجساد الأطفال والنساء والشيوخ وتنثرها على الأسطح وبين الركام، وتزيد من منسوب شلال الدم الفلسطيني المتدفق بغزارة.
وكم من دماء فلسطينية أزهقت في تسديد فواتير الخلافات العربية وتسوية الحسابات العربية المتلاطمة والنزاعات الإقليمية المتقاربة والمتباعدة.
لقد ألقت هذه الخلافات قديمها وحديثها بظلالها على كل أزمة فلسطينية في الماضي والحاضر، ومنذ النكبة مروراً بالنكسة الى يومنا الذي نحياه، وآن لنا أن نستوعب الدرس.
وأن نعي مصلحة وطننا ومواطنينا، ونسلط الضوء على فلسطين وحدها وعلى نواتها القدس التي تستصرخنا وتنادينا صبحاً ومساءً.
من يمن علينا بمساعداته ودعمه بالمال من بعيد أو قريب، ويشترط علينا المواقف المحابية له والمتناغمة مع هواه، ويطلب منا مقابلاً لذلك يتعارض مع مصلحتنا الوطنية علينا أن نرفضه بكل حزم وعزة وإباء، فالله وحده هو وكيلنا وولينا ولن نركع الا له وحده مهما كلفنا ذلك من أثمان باهظة.ولن يتألم الإنتهازيون واللاعبون بالمياه العكرة لألمنا، إنما يطربون لنواح نسائنا وعويل أطفالنا وهم يرقدون في أماكنهم لاهين وماجنين وآمنين مطمئنين على أنفسهم وعلى أبنائهم. ومن تلسعه السواط وتضربه العصي ليس كمن يعدها ويحصيها.
ومن يتفرج على اللاعبين في مدرجات الإستاد ليس كمن هم في الميدان يكابرون على إصاباتهم ولا ينالهم الا النقد واللعن على الرغم من مهاراتهم وحرفيتهم وتاريخهم المشرف. تلك الحقائق أدركها الرئيس الراحل ياسر عرفات، فسعى الى القرار الوطني الفلسطيني المستقل، والى عدم التدخل في الشئون العربية الا بما يخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية، ودفع شعبنا ثمن هذا الإستقلال في القرار من دماء أبنائه ومواطنيه الكثير، فهو من أهم منجزات ومكتسبات الثورة الفلسطينية المعاصرة، ويجب الحفاظ عليه وعدم التفريط به، وهو حبل النجاة الوحيد من هذا الوضع الراهن الملتهب. لقد أثبت المقاوم الفلسطيني شجاعة وحرفية وتضحية منقطعة النظير على المدى الزمني والمكاني للقضية الفلسطينية، وابتدع وسائلاً للمقاومة ونال عليها براءة الإختراع وأصبحت نبراساً يحتذي بها كل من وقع عليه الظلم ويقاوم من أجل دحر الظالمين ونيل الحرية والإستقلال. فالمسألة الفلسطينية تختلف عن كل المسائل الوطنية التي عرفها التاريخ. يعتريها التعقيد والنفاثات بالعقد، إحتلال استيطاني غاصب بدون وجه حق، والتقت مصالحه مع مصالح القوى العظمى المتحكمة بمصائر الشعوب، فالمقاوم الفلسطيني يواجه أعتى الأعداء ويواجه التآمر من القريب والغريب، القريب الضعيف يريد اتقاء شر الغريب القوي على حساب القضية الفلسطينية، فكم من مرة لدغنا من الصديق والقريب والغريب.
وبالرغم من ذلك صمدنا وصبرنا وأجبرنا العالم وقوى الظلم والظلام على الإعتراف بنا وبوجودنا الذي أريد له الطمس والإقصاء والإلغاء، وما زالت فلسطين بكل تقسيماتها الجائرة تحتفظ بهويتنا. وما زلنا نحتفظ بهويتها وتضاريسها وثمارها في قلوبنا وعقولنا. لقد عزز المقاوم الفلسطيني في العدوان الأخير قدرة وقوة وحرفية وصمود المقاوم الفلسطيني ممن سبقه من أسلافه، فجذوة المقاومة في فلسطين إن هدأت لن تنطفيء ولن تموت أبداً، ولا بد أن تهب عليها الرياح يوماً ما لا محالة وتحول الجذوة الى نيران مشتعلة ملتهبة تهب على الظالمين والمغتصبين.