الاحتلال يقتحم جبل المكبر وينصب حاجزا عند مدخل العيساوية    الاحتلال يفرج عن 11 معتقلا من قطاع غزة    "العدل الدولية" تبدأ اليوم الاستماع لمرافعات الدول بشأن المنظمات العاملة بفلسطين    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة    الأمم المتحدة: ما يحدث في قطاع غزة ليس أزمة إنسانية بل اعتداء على كرامة الناس    أمناء سر "فتح" بالضفة يؤكدون دعمهم لخطوات الرئيس لوقف الحرب على شعبنا وترتيب الوضع الفلسطيني    الشيخ يشكر الرئيس على ترشيحه لمنصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية نائب رئيس دولة فلسطين    اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تجتمع برئاسة الرئيس    9 شهداء في قصف الاحتلال منزلين بمخيم الشاطئ وحي الصبرة في غزة    لازريني: أطفال غزة يتضورون جوعا فيما تواصل إسرائيل منع دخول الغذاء    المجلس المركزي في بيانه الختامي: أولويات نضالنا الوطني هي وقف العدوان والإبادة الجماعية على شعبنا في غزة والضفة ونرفض أية محاولات للتهجير والضم    الرئيس يشيد بتصريحات السيسي التي أكد فيها أن بلاده ستبقى سدا منيعا أمام تصفية القضية الفلسطينية    السيسي: مصر تقف سدا منيعا أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية    المجلس المركزي يقرر بالأغلبية الساحقة استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة نائب الرئيس    المجلس المركزي يواصل أعماله لليوم الثاني  

المجلس المركزي يواصل أعماله لليوم الثاني

الآن

هلوسة الأماكن‏ - حنان باكير

في ذاكرتي سكنت أماكن كثيرة. في حينها لم تكن تعني ليَ الكثير. أو لم يكن هاجسي الا مكاني المفقود والمنشود، ثم اكتشفت لاحقا، وبعد أن صار الرحيل مهنتنا، أننا نفتقد أماكن كثيرة خبرناها، أو كان لنا فيها ذاكرة.. يوم غادرت برج البراجنة، بأحيائها، حيّ المنشية ومنطقة زين الدين.. أدركت مدى تعلقي بالأماكن التي عرفتها، وارتباطي بعاطفة مع أهلها. رغم ان بعض تلك الأماكن لم تمنحنا السلام والحنان! كنت أجيب بسخرية على دهشة أصدقائي، من خاصيّة هذا الارتباط... بأني ربما تقمصت روح قطة!! فالمعروف ان الكلب يتعلق بصاحبه، أما القط فيتعلق بالمكان.
مناسبة الحديث هو انتقالي الى شقة جديدة. ورغم أنها، وبكل المقاييس، أجمل من تلك القديمة، الاّ أن غيمة حزن رماديّ غلّفت قلبي. فهذه الخاصية، تبقينا رهائن الحنين لذاكرة الأماكن. في أوسلو، يوم غادرت بيتي الكبير، وحديقته الجميلة وشجرات تفاحه وطيوره، بعد ثماني سنوات قضيتها فيه، شعرت بأني لا أريد من كل أماكن العالم الا عكّاي! لكني أجبرت على اعتياد مكان آخر!
يُروى عن العكيين تعلقهم بمدينتهم، مع عدم الرغبة في مغادرتها. امر غريب، فأهل مدن السواحل يحبون ركوب الأمواج والمغامرة ! كنت أسمع الأهل واصدقاءهم وكل من حولي، يقسمون بغربتهم! " وحياة غربتي" و" أقسم لكَ بغربتي"، لم أكن افهمها جيدا. وخلت أن الغربة لا تكون الا عن فلسطين! لم يكن فهمي خاطئا. لكني سمعت ايضا، أن العكاويّ كان اذا ما وصل الى سور مدينته، يقسم بغربته! حتى أن جدتي، وربما كانت تبالغ، أو من باب السخرية تقول إن العكاويّ اذا صعد على سطح منزله، حلف بغربته!! 
شطحت عن موضوعي، فهل أردت تأكيد عكّاوية دمي.! يوم غادرت بيتي الكبير، كان لديّ نبتة " قرطاسية" في آخر عمرها. خرجت من البيت وتركتها. ثم عدت أدراجي اليها. زرعتها على مدخل البيت. شذّبتها من اوراقها وعيدانها اليابسة. مسّدت وريقاتها الخضراء، وبرعما صغيرا بدأ يشق طريقه، كطفل ينبثق الى الحياة. بعد سنتين، خطر لي ان أمرّ أمام البيت. صارت النبتة شجرة قرطاسية بألوانها الجميلة.
صدفة أنني أغادر الآن بيتي الذي كان جديدا.. وبعد ثماني سنوات! فقد انتقلت اليه في حرب تموز على لبنان، 2006. وها انا اغادره في حرب تموز على غزة 2014!! أغادره بأسى. هكذا كان أسلافنا يؤرخون أيامهم ومناسباتهم! بأحداث بارزة أو مهمّة.. حتى وان كانت عاصفة ثلجية عابرة.. وانا بالغريزة لم أشذّ عنهم.
على شرفة المنزل الجديد، المطلّ على مدينة اوسلو، وبحرها وغابة تعربش اشجارها على جبل مقابل.. بانوراما طبيعية رائعة. تساءلت، كيف يستطيع القلب الصغير تحمّل كل هذا الحنين؟ وكيف حملتني مقاديري من عكا الى مطارح كثيرة، لم أكن قد سمعت بها! لكني بالتأكيد أحببتها وأحببت ناسها.. وهل أمارس فعل الخيانة لمكانيَ الأول، بممارسة حب أوطان أخرى!!
هل عليّ أن أبدأ بعدّ سنوات ثمان أخرى وانتظر، لأعرف الى اين سيكون رحيلي الجديد؟ وكيف سيكون شكل ذلك الرحيل! صوب عكا؟! ربما، فالحياة مليئة بالمفاجآت العجائبية!

 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025
Enlarge fontReduce fontInvert colorsBig cursorBrightnessContrastGrayscaleResetMade by MONGID | Software House