سميح الحنجرة والقلم - امجد الأحمد
لقد كان الشاعر ألجليلي سميح القاسم حنجرة صاخبة وقلما نابضا لا يتوقف ،ولا يوقفه عدو ولا حاقد ،وسيبقى حنجرة يسمعها الجميع وقلما يقرأه كل إنسان أحب الحرية والأرض في مماته أكثر ما كان في حياته ،فكم واحد منا ترنم بأغنية مرسيل خليفة "منتصب القامة امشي" دون أن يعرف إنها من كلمات شاعرنا الكبير سميح القاسم فلنتخيل كم سيبقى هذا الشاعر خالدا بعد أن تم التعرف أنها من كلماته وأعماقه ،وليس هذا فقط للفلسطينيين القابعين تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1948 آو منذ العام 1967 أو فلسطينيين الشتات بل لكل إنسان على وجه هذه البسيطة أحب الحرية والوطن، لذلك يستحق شاعرنا المنغرس في وطنه سواء في حياته أو مماته لقب شاعر الإنسانية بجدارة .
كثيرا هي مميزات سميح القاسم ومن أهم هذه المميزات انه لم يسعى ولم يبحث عن الشهرة والصيت ،بل أن الشهرة والصيت من بحث عنه بكل اختيار وطاعة لأنه تميز بالصدق والعذوبة في كلماته سواء كانت هذه الكلمات شعرية أو نثرية أو مسرحية ومن خلال مهنته الصحافية التي أحبها ولم يتنازل عنها في كل أطوار حياته في فلسطين ،فكان ذلك ما جذب الشهرة والصيت والهرولة عليه كإنسان وشاعر مقاوم مشى بقامة منتصبة ورأس مرفوع لا يعلوا عليه شيء سواء دولة الاحتلال العنصرية التي مارست اشد أساليب العنصرية والقهر ضد الشعب الفلسطيني في أراضي 48 ومنهم شاعرنا ألجليلي أو وزراء هذه الدولة المارقون أمثال ليبرمان وبنيت الساعين إلى تهجير من لم يهجر من الفلسطينيين في العام 1948 فكان لهم سميح القاسم لهم بالمرصاد في حنجرته الصاخبة وقلمه العذب الجريء .
علمنا القاسم أساليب القتال وكيف نستخدم أحجار وأعشاب بلادنا لدحر هذا العدو العنصري الغاشم ،وكيف نشعل النار في سماء العدو ونجعلها جنهما عليه ،وكيف نجعل تحت أقدامه الرمضاء بحيث لا يستطيع أن يقف عليه ،وارشد هذا العدو الصهيوني أن الرحيل عن سمائنا وأرضنا وبرنا وبحرنا وقمحنا ودمنا هو الطريقة الوحيدة له للنجاة من النار والرمضاء .وهذا ما سأخبره لروح سميح القاسم عندما ازور سمائه وهذا ما سأقوله لجسده عندما ازور حيدره في جليله الجميل ،لأن روحه سمائنا وجسده جليلنا الحي الباقي والخالد في قلوبنا حتى يتحقق ما أراده بأن تكون فلسطين لكل من أحبها سواء كان فلسطيني درزي آو فلسطيني مسلم آو مسيحي وحتى فلسطيني يهودي يحب فلسطين والإنسانية ويكره العنصرية والإجرام وقتل الأطفال.
نم قرير العين يا سميح القاسم وكن على ثقة انك أكملت رسالتك اتجاه شعبك واهلك ووطنك وكن على يقين بأن كل كلمة قلتها لنا من خلال نثرك أو شعرك أو شطر برتقالتك ستكون بمثابة درس وطني إنساني سننقله إلى الأجيال القادمة حافظين هذه الكلمات عن ظهر قلب .