شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات    مجزرة جديدة: عشرات الشهداء والجرحى في قصف للاحتلال على مشروع بيت لاهيا    3 شهداء بينهم لاعب رياضي في قصف الاحتلال حي الشجاعية وشمال القطاع    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على حي الصبرة جنوب مدينة غزة    لازريني: مجاعة محتملة شمال غزة وإسرائيل تستخدم الجوع كسلاح    شهيدان جراء قصف الاحتلال موقعا في قرية الشهداء جنوب جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على بلدة قباطية جنوب جنين    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف منازل ومرافق في النصيرات وخان يونس    إسرائيل تبلغ الأمم المتحدة رسميا بقطع العلاقات مع الأونروا  

إسرائيل تبلغ الأمم المتحدة رسميا بقطع العلاقات مع الأونروا

الآن

ملحمة صمود ونكبة انسانية - عيسى عبد الحفيظ

غزة، وما جرى فيها سيبقى محفورا في الذاكرة الفلسطينية حدثا ذا دلالات سياسية واجتماعية وانسانية.
نكبة انسانية اخرى تضاف الى تاريخ فلسطيني طويل من المعاناة والمآسي منذ دير ياسين مرورا بقبية وكفرقاسم الى صبرا وشاتيلا، قد تختلف ظروف غزة عن سابقتها في التوقيت والتفاصيل، لكن الجوهر يبقى واحدا: عدوان عصري بكل معنى الكلمة لما تضمنه من اسلحة متطورة وتكنولوجيا حديثة ترصد ادق التفاصيل وتتميز بقدرة فائقة على اصابة الهدف. تلك التكنولوجيا وآلة الحرب العصرية تعمدت ان «تخطئ» احيانا كثيرة، لتجعل من المواطنين العزل، والاطفال الابرياء، والطاعنين في السن، ذكورا واناثا اهدافا مشروعة لطائراتهم وصواريخهم وطائرات استطلاعهم التي تأتمر بأمر قيادة الاركان التي لا يتعدى الأمر الصادر لها كبسة زر، لتحول عمارة سكنية الى أثر بعد عين، او مدرسة لوكالة الغوث الدولية الى ركام، او بيت آمن الى مقبرة جماعية.
عام 2008 تعرض بيت المناضل جبر ابو النجا سفير فلسطين السابق في السنغال الى احدى تلك الغارات الهمجية ففقد زوجته المغربية الاصل وزوج ابنته، وكان ذلك غيضا من فيض.
اما العدوان الاخير، وبعد ان اقترب العدوان من نهايته، كان الهدف الاسرائيلي استثمار كل دقيقة لتدمير ما تبقى، وما لم يتم تدميره اعتمادا على اعتقاد خاطئ بأن ذلك سيفت من عضد الصمود الشعبي الاسطوري، وكجميع الحقبات الاستعمارية التي لم تستفد من دروس التاريخ، لانهم كما وصفم الجنرال جياب «تلاميذ اغبياء».
ففي وضح النهار او في عتمة الليل، كانت تجري عمليات التدمير الممنهجة والمبرمجة في غرفة عمليات الجيش الاسرائيلي بناء على تعليمات وأوامر سياسية عليا يتخذها المجلس الوزاري المصغر، الذي بيده فقط قرار الحرب والسلم.
تم ابلاغ سكان برج الظافر رقم 4، الذي يضم اربعا وخمسين عائلة بضرورة الخروج الفوري لان الطيور السوداء قادمة يسبقها النعيق، هرع السكان وهم يتلفتون يمنة ويسرة لحمل شيء، اي شيء قد يعينهم على امور الحياة! كل شيء بالنسبة لهم ثمين فهو اما ذكرى من قريب او صديق، او يمثل جزءا من الذاكرة الشخصية او التراث العائلي، والمسألة ليست مادية فقط بل ذات دلالات انسانية.
في تلك الحالات تكون حسابات الانسان هي عائلته في المقام الاول خاصة الصغار منهم، ثم تتوزع نظراته على كل انحاء البيت وتدب الحيرة فكل شيء عزيز وكل شيء سيكون بحاجة له بعد ان اصبح متيقنا ان بيته وما فيه سيصبح خلال لحظات في ذمة التاريخ. تلك اللحظات هي الاصعب، وقد ينسى الانسان شيئا او اشياء على غاية من الاهمية، وهذا ما حدث للكثيرين.
هرع سكان برج الظافر الى الخارج بعد تلقيهم الاتصال بأن برجهم سيكون هدفا للطائرات خلال لحظات لكن وائل الابن الاكبر للمناضل ابراهيم ابو النجا كان نائما، وعند خروج القاطنين، انتبه احدهم الى غياب وائل فعاد احدهم بسرعة ليوقظه من السبات فهرع وائل وهو يمسح آثار النوم عن عينيه ناجيا بحياته.
في فترة صعبة، فترة البدايات التي واكبها الشهيد القائد خليل الوزير وابو صبري صيدم وابو علي اياد، كان ابو وائل ابراهيم ابو النجا من هؤلاء الرواد الذين شقوا طريق فتح الاولى نحو الانطلاقة في فاتح يناير 1965 تاريخ من الذكريات واكبها الشهيد الهمشري وعايش حرب (ابو طارق) من شارع الشهيد العربي بن مهيدي الذي ضم مكتب فتح (54) الى مقر م.ت.ف في شارع فيكتور هيجو الى مكتب اعلام فتح في شارع الشهيد ديدوش مراد حتى تحول ذلك المكتب الى ما عرف بـ (سفارة دولة فلسطين) عام 1976، بعد ان قرر الرئيس الراحل هواري بومدين رفع التمثيل الفلسطيني الى مرتبة سفارة تتمتع بكامل الحقوق الدبلوماسية، ودارت الايام ليرتقي سفير دولة فلسطين منذ الدجاني (ابو العز) الى عميد السلك الدبلوماسي الدولي في التسعينيات.
عرفت ابو وائل في الجزائر في بداية السبعينيات، وكان عضو لجنة اقليم ومن اوائل الشباب الذين تحملوا مسؤولية بناء التنظيم الفتحاوي هناك ودارت الايام وغادرنا ابو وائل الى ليبيا ثم الى تونس بعد انتقال الثورة اليها على اثر الخروج من الساحة اللبنانية 1982. عاد ابو وائل الى الوطن وتم انتخابه عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني وبقي عنصرا نشطا في التنظيم الى ان حدث ما حدث في غزة. كان دوره توفيقيا ينبع من حرصه على وحدة الصف الوطني ونظرا لمكانته وسمعته الطيبة استطاع ان يلعب دورا في حل كثير من الاشكالات التي كانت تظهر بين الفنية والاخرى سواء داخل فتح نفسها، او بين فتح والقوى السياسية الاخرى وخاصة حركة حماس. لكن السفهاء لم يطب لهم ذلك فحاولوا الاساءة اليه بشكل شخصي مقيت. العمالقة لا يضيرهم ما يفعل الموتورون والحاقدون والسفهاء، ويبقى ابراهيم ابو النجا «ابو وائل» معلما فتحاويا صامدا في غزة، لا تضيره محاولات الاساءة المنفلتة، ولا ما ترمي الطائرات المسعورة على بيته، وبيت ابنه، وبيت ابنته، والذين فقدوا بيوتهم دفعة واحدة.
المهم انه وعائلته بخير، وحمدا لله على سلامتكم وعلى سلامة كل سكان برج الظافر 4 والبالغ عددهم 54 عائلة فلسطينية نجوا جميعا من موت محقق.

 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024