المساعدات...صدقات أم مؤسسات ؟ حسن الكاشف
قبل الحروب الثلاث الاخيرة التي شنها جيش العدوان والاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة في السنوات الخمس الاخيرة... قبل هذه الحروب وبعدها كان قطاع غزه يعاني من الفقر والبطالة، وبعد ما اصاب اهل قطاع غزة من قتل ودمار تفاقم الفقر، وازدادت الحاجة الى مساعدات دائمة يحتاجها كثيرون حتى يتوفر لهم الحد الادنى من الغذاء والكساء.
بدأت قوافل المساعدات تصل من الامارات ومن الاردن ومن مصر وغيرها قوافل كثيرة، كما وصلت قوافل كثيرة جداً بعد حرب 2009 وحرب 2012 ، ولمن يقدم هذه القوافل شكر كثير من الشعب الفلسطيني على هذه المساعدات.
غير مساعدات الاشقاء والاصدقاء وصلت قوافل المدن الفلسطينية من الضفة ومناطق 1948، ووصل معها ما بادرت الى ارسالها سلطتنا الوطنية من شحنات الدواء والغذاء، وقبل الجميع تظل الأونروا صاحبة الدور والنصيب الاكبر بحكم مهمتها المتواصلة منذ ما بعد نكبة 1948.
باستثناء ما توفره الاونروا في الازمات وفي الظروف العادية، فإن كل ما وصل ويصل من مساعدات يتم استهلاكه في وقت قصير، خصوصاً المساعدات الغذائية،...تظل الحاجة ولا تطول اقامة المساعدات الغذائية سوى ايام.
ما يثير الاستغراب والحزن هو الغياب شبه الكامل لأصحاب المال والأعمال من الفلسطينيين الذين لم يسجلوا حضورهم لا كقوافل ولا حتى ببعض سيارات من المساعدات لأهلهم الذين فقدوا كل شيء وباتوا بحاجة الى كل شيء، والظاهرة قديمة ودائمة، وهي ظاهرة تستحق التوقف.
علينا الاقرار بغياب او قلة وجود المؤسسات الخيرية في مجتمعنا الفلسطيني، مع ان نماذج لمؤسسات خيرية تشرق في بلدان جوارنا العربي وتحديداً في مصر العربية، وكلنا ينظر بتقدير وإعجاب لمستشفيات سرطان الاطفال والأورام وجراحة القلب للاطفال الذي شيده رائد جراحة القلب في العالم الدكتور مجدي يعقوب في اسوان، وكل هذه المستشفيات صروح شامخة رفع بنيانها وأكمل تجهيزها بأحدث الاجهزة مال التبرعات من المواطنين يتقدمهم رجال الأعمال، بل ان هذه المستشفيات تقدم العلاج النوعي المكلف مجاناً على مدى العام .. فأهل الخير في مصر الشقيقة يقدمون ما يكفي من المال لإقامة المؤسسات وتجهيزها . وبما يكفي تقديمها للعلاج المجاني لكل مريض محتاج لجراحة قلب او لعلاج من امراض السرطان.
الا يحق لنا ان نهمس بعتاب اهل المال والاعمال عن تقصير طال امده ؟! الا يحق لنا ان نتساءل عن خلو مدننا الفلسطينية من مؤسسات طبية او انسانية تقدم العون للفقراء والمحتاجين للعلاج والغذاء والرعاية من ابناء شعبنا؟!.
الا تكفي اعداد الايتام التي تزداد بالمئات بعد كل حرب من حروب التدمير والقتل الاسرائيلية على شعبنا، الا تكفي هذه الاعداد لاثارة النخوة وروح المسؤولية لدى القادرين حتى يباشروا ببناء مؤسسات للايتام سكنا ومدارس ومناطق ترفيه بسيط؟!
الا تكفي اعداد من فقدوا المعيل من كبار السن لبناء دور عجزة تضمن لمن فقدوا كل شيء شيخوخة كريمة؟!
الا تكفي اعداد اصحاب الاعاقات الدائمة التي تركتها حروب العدوان الاسرائيلي على اجساد آلاف من ابناء شعبنا .. الا تكفي لبناء مراكز رعاية لهم؟!
كثيرة هي المجالات المفتوحة لاعمال الخير،وكلها تنتظر اقدام اهل المقدرة على البناء، وبالمناسبة فإن وجود هذه المؤسسات سيضمن وصول التمويل الكفيل باستمرار خدماتها، ستصل مساهمات من الاغنياء الفلسطينيين في الجوار العربي والشتات. وستصل مساهمات من خيرين عرب كثيرين من اهل الحكم، ونعرف جميعاً الاسهامات الخيرة التي وصلت مناطق عربية كما وصلت فلسطين في اكثر من مناسبة.
ستنادي هذه المؤسسات علينا على اختلاف قدراتنا المالية لكي نساهم بما نستطيع لو كان لكل منها رقم حساب معروف عبر وسائل اعلامنا.
عمل الخير دون هذه المؤسسات سيظل صدقات غير جارية، فهي صدقات لبعض الاوقات لا تدوم، اما مؤسسات الخير فإنها صدقات تجري بالفائدة على مجتمعنا، وتجري بخير وثواب كثير على من يقدمها.
هل يتحرك اهل المال والأعمال .. حتى يستحق كل منهم ان يكون من اهل الخير؟ نتمنى وننتظر.