الاحتلال يواصل عدوانه على جنين ومخيمها لليوم السابع على التوالي    آلاف النازحين يبدأون بالعودة إلى شمال قطاع غزة عبر شارع الرشيد    شهيد وإصابتان برصاص الاحتلال قرب حاجز قلنديا    مصر تؤكد رفضها لأي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأرض أو التهجير    "مركزية فتح" تؤكد رفضها القاطع لمحاولات تهجير أبناء شعبنا من أرضهم    الاحتلال يفرج عن الدفعة الثانية من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار    "ثوري فتح": نشارك أبناء شعبنا وعائلات الأسرى المفرج عنهم فرحتهم    الاحتلال يواصل عدوانه على جنين ومخيمها: اعتقالات وتجريف محيط مستشفيي جنين الحكومي وابن سينا    الخليل: استشهاد مواطنة من سعير بعد أن أعاق الاحتلال نقلها إلى المستشفى    الاحتلال يطلق الرصاص على شاطئ مدينة غزة ومحور صلاح الدين    الاحتلال يشدد من اجراءاته العسكرية ويعرقل تنقل المواطنين في محافظات الضفة    الرجوب ينفي تصريحات منسوبة إليه حول "مغربية الصحراء"    الاحتلال يوقف عدوانه على غزة: أكثر من 157 ألف شهيد وجريح و11 ألف مفقود ودمار هائل    الأحمد يلتقي ممثل اليابان لدى فلسطين    هيئة الأسرى ونادي الأسير يستعرضان أبرز عمليات تبادل الأسرى مع الاحتلال  

هيئة الأسرى ونادي الأسير يستعرضان أبرز عمليات تبادل الأسرى مع الاحتلال

الآن

أن تكون... مواطنا - حنان باكير

إذا ما سئل إنسان عربي، عن معنى المواطنة، فماذا ستكون إجابته؟ فالكلمة لم تدخل قاموسنا العربي، لا القاموس اللغوي ولا النفسيّ، حتى الآن. 
في بيروت التقيت امرأة، كانت تتحدث الى سائق سرفيس ضمّنا ذات مرّة. سألتها: أنت مواطنة، ألا تساعدك الدولة؟ صدرت عنها تنهيدة حرّة، وشيئا يشبه البكاء والضحك معا، ضحكة مرّة أو بكاءُ سخرية، لا أدري ما أسمّيه. ثم أردفت: جثة زوجي ما زالت رهينة في المستشفى، ولن يفرجوا عنها لدفنها، قبل أن أسدد المبلغ الكبير المتبقي من تكاليف علاجه، ليس لديّ الوقت الآن لأبكيه أو أحزن عليه، عليّ السعي لجمع المال، لأفكّ أسره وأكرّمه بدفنه.
هذا مثال سريع على بؤس أوضاع المواطن العربي. وليس من باب المفاضلة بين الشعوب أو الثقافات، ولكنه القهر والغضب الذي يدفعنا، الى شيء يشبه المقارنة، وتحميل النظام العربي، مسؤولية نشر ثقافة المواطنة، بحفظ كرامة مواطنيه.
ذات مرة، قُدّر لشاب نرويجي أن ألتقيه بعد عودته من السفر. سألني عن أخبار النرويج. أجبته بأن الخبر الأبرز هو سرقة لوحة " الصرخة " من متحف مونك. حملق بي وجحظت عيناه، واحمرّ وجهه وصرخ: يا الهي، هل هذا معقول؟ وبدأ يطرح اسئلة حول آخر التحقيقات، ويتحدث عن تاريخ اللوحة، والإجراءات الأمنية في المتحف... ثم اتصل بوالده يستوضح الأمر. كان يحكي بأسى وغضب، وكأنها خسارة شخصية كبيرة له، فما الذي يدفع شابا يافعا، للشعور بالغيرة على ثروة وطنية لبلده!؟ تساءلت في سرّي.
الأسبوع الماضي، نعمنا بمطر غزير ذكّرني بقول جدتي" الدنيا نازلي كبْ من عند الربْ" فجرف أوراق الخريف المتناثرة في كل مكان. وقفت أنتظر الإشارة لأجتاز الشارع، حين مرّ رجل نرويجي، استوقفته الأوراق والعيدان اليابسة، التي سدّت مصارف المياه.. رفع كمّ سترته وأخذ بجمعها وإلقائها في سلّة القمامة.. ما الذي دفع ذلك المواطن لهكذا سلوك؟ إنه الشعور بالمواطنة، واعتبار ذلك مسؤولية شخصية؟
في محطة المترو، تناولت الصبية التي وقفت تنتظر مثلي، شيئا من حقيبة يدها، فوقعت منها ورقة ولم تنتبه لها. فكّرت.. ربما كانت ورقة مهمة، نبّهتها للأمر.. فتناولتها واعتذرت مني، قبل أن تتوجه بها صوب سلّة القمامة، ثم عادت وشكرتني على ملاحظتي، وهذا ما لم أقصده بالطبع.
في مترو الأنفاق، جلست امرأة متقدمة في السن، تراقب بعض اليافعين في سن الطيش أو "الزناخة"، كما نقول في عاميّتنا، ورفع البعض منهم أقدامهم على المقاعد.. فوجهت لهم ملاحظة لاذعة، بشيء من التوبيخ اللطيف. فاعتذروا منها وجلسوا بأدب، مثل الشاطرين.
أن تشاهد مواطنا نرويجيا، يلتقط ورقة أو علبة مشروب عن الارض وإلقائها في سلة القمامة، هو مشهد طبيعيّ يتكرر أمامك.
من حوادث كهذه لاحظتها، أدركت وتعلمت معنى المواطنة، وشعور الفرد التلقائي بمسؤوليته تجاه بيئته ووطنه، لكن ذلك لا يتأتى في الأوطان التي تذلّ وتقمع مواطنيها، وتحرمهم أبسط حقوقهم، أو لا تعترف بآدميّتهم.. أو لا تعطيهم الوقت والمجال للبكاء والحزن على فقيد غال.

 

 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025