تحت علم الأمم المتحدة - د. أسامة الفرا
أن تقف مسؤولة أممية أمام مجلس الأمن وتقول ان الجيش الإسرائيلي حول مدرسة تابعة لوكالة الغوث إلى قاعدة عسكرية له أثناء الحرب على غزة، وأنه قام بقصف 244 مدرسة منها 75 مدرسة تابعة للأونروا، وأن أكثر من 500 طفل فلسطيني قتلوا أثناء الحرب فيما أصيب 3106 أطفال فلسطينيين معظمهم دون الثانية عشرة من العمر، أهمية ما قالته الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بقضايا الأطفال في الصراعات المسلحة "ليلى زروقي" لا ينبع فقط من الأرقام التي جاءت عليها، بل في أنه قيل لأعضاء مجلس الأمن الدولي في جلسته حول الأطفال والصراعات المسلحة في العالم.
اعتدنا على مدار سنوات طويلة أن تنأى قيادات منظمات الأمم المتحدة بنفسها بعيداً عما يحدث في الأراضي الفلسطينية من جرائم، وان جل همهم كان ينصب على الجوانب الإنسانية التي خلفتها هذه الجرائم، والحاجة إلى تحرك المجتمع الدولي لتقديم المساعدات الإنسانية للضحايا، دون الإشارة من قريب أو بعيد إلى المجرم ذاته وكأن الذي أصاب الفلسطينيين لا يختلف البتة عن إعصار أو زلزال ضرب منطقة في أطراف العالم الفقير، وقبلنا على مدار العقود السابقة أن تنحصر مسؤولية "الأونروا" في الجانب الإغاثي دون تحميل الطرف المسبب للكارثة أدنى مسؤولية.
لا شك أن السنوات القليلة الماضية شهدت تحولاً في ذلك، وإن لم يكن هذا التحول بالدرجة المطلوبة التي تتماشى مع حجم الجرائم الإسرائيلية، إلا أنه من الواجب علينا البناء عليه وتطويره، ودفع "الأونروا" للخروج عن صمتها، فدورها الذي رسمته لها الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرارها المتعلق بإنشاء وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا" رقم 302، لا يقتصر فقط على الجانب الإغاثي للاجئين الفلسطينيين بل على توفير الدعم والحماية لهم وتمكينهم من العودة لمدنهم وقراهم، حيث جاء القرار مستنداً على قرار الأمم المتحدة رقم 194 المتعلق بحق العودة.
هذا بالإضافة إلى أن المؤسسات التابعة للأمم المتحدة لم تسلم من الاعتداءات الإسرائيلية، حيث نفذ جيش الاحتلال جزءاً من جرائمه في مدارس تابعة لوكالة الغوث، ما أسفر عن مقتل العشرات من الفلسطينيين الذين لجأوا لتلك المدارس، واللجوء إليها جاء بموافقة قيادة الأونروا وهي من أشرف على التحضير لاستقبالهم، وبالتالي لا يمكن لها أن تتنصل من مسؤوليتها في ملاحقة الاحتلال عن هذه الجرائم، في الحرب الأخيرة على غزة لجأ المئات من الذين غادروا منازلهم إلى مدرسة تابعة للسلطة الفلسطينية، بعد أن اكتظت المدارس التابعة للوكالة بالمواطنين، لم تقدم وكالة الغوث المساعدة لهم كون المدرسة التي يتواجدون فيها لا تتبع لها وبالتالي لا تتحمل مسؤولية تجاههم، المسؤولية التي لا تقتصر على الجانب الإغاثي بل توفير الحماية لهم.
لا شك أن وكالة الغوث بذلت جهداً في الجانب الإغاثي أثناء الحرب على غزة هو محل تقدير ولا يمكن لنا إنكاره او التقليل من شأنه، ولكنها مطالبة اليوم بملاحقة الاحتلال على جرائمه بشكل عام وتلك التي حدثت تحت علم الأمم المتحدة بشكل خاص، ومن المفيد أن يتحرك أهالي الضحايا الذي تم استهدافهم في مدارس الوكالة لإجبار "الأونروا" على فعل ذلك.