"الكويت التي أحب" - عبد الحكيم أبو جاموس
لا أذيع سراً، إذا قلت إن زيارة نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح، أثلجت صدورها، وليس الذين ولدوا أو عملوا أو عاشوا في دولة الكويت الحبيبة فحسب. فالكويت بالنسبة إلينا ليست مثل أي دولة عربية أخرى، نحبها بشدة، وننحاز إليها بقوة، حيث احتضنتنا منذ نحو نصف قرن، وما زالت، فيها كبرنا وكبرت آمالنا وأحلامنا، ولنا في كل شبر منها ذكرى وقصة وحكاية، وتكاد أحياؤها لا تغيب عن أذهان أبنائنا من «خيطان» إلى «الفروانية» إلى «الجهراء»... ومجالسها العامرة «ديوانياتها» تذكرنا دائما بالعراقة والأصالة وكرم الضيافة. وفيها مرت ثورتنا الفلسطينية، في منعطفات كثيرة، لا تخفى على كل متابع. ولا ننسى أن انطلاقتها بدأت من اجتماع عقد على شاطئ الصليبيخات، وأن قادتها من الرعيل الأول عاشوا ردحاً من الزمن فيها.
وهي زيارة تاريخية كما وصفها وزير الشؤون الخارجية رياض المالكي، كونها أول زيارة لمسؤول كويتي لفلسطين منذ عام 1967، وجاءت بعد سنوات من القطيعة والبعد والجفاء بين البلدين، لتنهي بإذن الله أي سوء تفاهم، وتفتح صفحة جديدة من الود والعمل المشترك، والعلاقات الطيبة والمزدهرة، فقد اشتاق قطاع كبير من أبناء شعبنا إلى الديرة الكويتية، التي طالما شكلت رمزاً وعنواناً كبيراً لنا ولصمودنا في أرضنا، عبر الدعم المالي والمعنوي، ونظراً للسند الاقتصادي الذي كانت تشكله بالنسبة لأبناء شعبنا.
الزيارة ميمونة ومباركة، ومرحب بها، بما تحمله من دلالات وإشارات سياسية واجتماعية وثقافية، ينبغي أن تتكرس وتتعمق، وأن يُبنى عليها من قبل الجانبين، عبر الاتفاقيات التي تم توقيعها، وعبر اتفاقيات لاحقة، من شأنها أن تعيد المياه الصافية العذبة إلى قنواتها الطيبة، لتصب في أرض مباركة، وتنتج خيرات عميمة زكية.
ونأمل من سفير فلسطين لدى الكويت رامي طهبوب، وهذا عهدنا به، أن يستثمر هذه الزيارة، ويقطف جنى ثمارها، لتعميق الشراكة والتعاون بين الشعبين، عبر إيفاد المعلمين والموظفين، والسماح بالدخول بالجواز الفلسطيني، وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، فقد انزاحت غيوم الجفاء، وستحل سنوات الود والصفاءمع الكويت التي احب.