الاحتلال يواصل عدوانه على جنين ومخيمها لليوم السابع على التوالي    آلاف النازحين يبدأون بالعودة إلى شمال قطاع غزة عبر شارع الرشيد    شهيد وإصابتان برصاص الاحتلال قرب حاجز قلنديا    مصر تؤكد رفضها لأي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأرض أو التهجير    "مركزية فتح" تؤكد رفضها القاطع لمحاولات تهجير أبناء شعبنا من أرضهم    الاحتلال يفرج عن الدفعة الثانية من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار    "ثوري فتح": نشارك أبناء شعبنا وعائلات الأسرى المفرج عنهم فرحتهم    الاحتلال يواصل عدوانه على جنين ومخيمها: اعتقالات وتجريف محيط مستشفيي جنين الحكومي وابن سينا    الخليل: استشهاد مواطنة من سعير بعد أن أعاق الاحتلال نقلها إلى المستشفى    الاحتلال يطلق الرصاص على شاطئ مدينة غزة ومحور صلاح الدين    الاحتلال يشدد من اجراءاته العسكرية ويعرقل تنقل المواطنين في محافظات الضفة    الرجوب ينفي تصريحات منسوبة إليه حول "مغربية الصحراء"    الاحتلال يوقف عدوانه على غزة: أكثر من 157 ألف شهيد وجريح و11 ألف مفقود ودمار هائل    الأحمد يلتقي ممثل اليابان لدى فلسطين    هيئة الأسرى ونادي الأسير يستعرضان أبرز عمليات تبادل الأسرى مع الاحتلال  

هيئة الأسرى ونادي الأسير يستعرضان أبرز عمليات تبادل الأسرى مع الاحتلال

الآن

لماذا تموت الأمهات؟ سما حسن

رغم أنني في مطلع الأربعينات من عمري، ولكن ذلك لا يعني أنني لم أعد بحاجة لها، فقد شعرت أنني ما زلت تلك الطفلة الصغيرة التي تمشط لها أمها شعرها وترسلها الى المدرسة، وذلك حين تقرر موعد دخولي المشفى لاجراء جراحة عاجلة، لم أكن أعرف أن الحاجة للأمهات لا ترتبط بالسّنّ، وكوني قد أصبحت أمّا ومستقلة بحياتي من كل النواحي الا أن هذا لا ينفي أنني بحاجة لها في كل مرحلة من حياتي.

أمام باب بيتي وقفت جارتي تودعني وتتمنى لي الشفاء العاجل، وسألتني قبل أن افلت يدي من يدها: من ستكون مرافقتك في المشفى؟ فأجبتها دون وعي : امّي.
لم أشعر بنفسي ووضعت جارتي يدها على فمها لتكتم صرخة لوعة، فهي تعرف أن أمّي قد توفيت منذ سنوات أربع، ولكن ردي هذا يعني أنني أتوجع وافتقدها بشدة، وبأن عقلي اللاواعي هو الذي أجرى ذكرها على لساني.
حين كنت أخرج من غرفة العمليات لم أكن أرى ولا أسمع سوى صوتها وصورتها، وجهها الصبوح وصوت لهاثها بسبب أزماتها الربوية المزمنة، ولكن ذلك لم يمنعها أن تكون حولي عندما كنت أنجب أولادي جميعهم، تحيطني بحبها ورعايتها وخوفها ولهفتها.
حين كنت أعاني من آلام مخاض مولودي الأول، كان خوفها عليّ جليّا ولم تستطع أن تكتم قلقها من خوضي تجربة المخاض الأولى، ولم تتوقف أن تطلب مني ألا أضرب رأسي في الحائط، أو أعض على رسغي بأسناني من شدة الألم، فقد حذرتني بقولها: أنت الآن لا تشعرين بما تفعلينه بنفسك، ولكن بعد أن تضعي مولودك ستشعرين بآلام مبرحة، وربما ستلازمك مدى الحياة في رأسك، مثلا الذي تضربينه بلا هوادة أملا في أن يخف الألم في أحشائك أو في محاولة للتعبير عن هذا الألم.
كانت أمي تخشى عليّ من آلام واقعة وحالية، وتخشى عليّ ببساطتها من آلام مستقبلية، ولم تكن تعلم أنها حين ترحل عن الحياة ستهاجمني الكثير من الأمراض بضراوة مقتنصة وحدتي بعيدا عن رعايتها.
كانت أمّي تنزل السوق باكرا فيما يتساقط المطر بغزارة؛ لتكون في انتظار البائعات القرويات؛ لتشتري لي كلّ لوازم" النّفاس" حسبما اعتادت كل الأمّهات أن يفعلن، فلا يمكن أن تمرّ فترة النّفاس دون لحوم الطيور التي تمّت تربيتها في المنزل مثل الأرانب والحمام والبط، فكانت تشتريها وتعدّها لتكون جاهزة وكافية للطبخ لمدة طويلة، فلا يمكن أن أنسى مذاق شوربة الأرانب التي كانت تعدّها أمّي، ولا مذاق شوربة الخضار أيضا والتي افتقدتها واستذكرتها بدموعي حين كنت أرشد ابنتي البكر الى طريقة اعداد الشوربة لي، وبالفعل فقد أعدّتها ابنتي كما وصفتها لها تماما، ولكنني حين تذوقتها افتقدت نكهة أمي، وتناولت الطبق الذي وضعته ابنتي أمامي بآلية، وردّدت عبارات ثناء هزيلة لم تقنع ابنتي بأنها مشروع طباخة ماهرة.

 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025