لجوء بلا وطن : (1) لماذا يهاجرون - د.مازن صافي
هذا المقال هو نتاج نقاش واسع مع أصدقائي في موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" والمشتركين في مجموعتي على نفس الشبكة " لجوء بلا وطن" www.facebook.com/Refugees.belawatan حيث وجهت لكل صديق ثلاثة أسئلة، وقاموا بالإجابة عليها.
كثيرة هي الإجابات التي وصلتني عن السؤال الأول الذي كان نصه: ما هي الأسباب التي تعتقد وراء هذه الظاهرة من هجرة الشباب والعائلات.؟! واليكم إجابات القراء من مختلف الفئات والمثقفين .
الأسباب تبدأ من وجود الاحتلال وتطور وسائل تدميره للحياة الفلسطينية، حتى تحولت غزة الى ركام، وهذا بفعل الحروب المتتالية خاصة في السنوات الستة الأخيرة، وعدم إيجاد آليات مبتكرة من قبل المسؤولين،لمعالجة انعكاس العدوان والحصار على الشباب، وليس كل من هاجر أو لدية نية في ذلك يكون هدفه العمل بالدرجة الأولي، هو يريد أن يبتعد عن الواقع المؤلم هنا يريد ان يري العالم ويقضي أوقات سعيدة، وتعتبر الظروف الاقتصادية والحياتية الصعبة والوصول الى درجات من الفقر الشديد،و البحث عن فرصه لحياه أفضل يعتبر سبب رئيس، ناهيك عن الحصار و الانقسام (أسبابهم و مسبباتهم)، وهذا عمل على تفاقم الضغط النفسي، وانعدام الأفق للمستقبل وها هي البطالة تزيد بنسب مخيفة، لهذا تعتبر الهجرة هروب من الموت في غزة إلى الموت في البحر أو الوصول إلى شواطئ أوروبا وهناك لا أحد يعلم حتى الآن كيف سيكون الوضع الاقتصادي والنفسي والحياتي للشباب المهاجر، ولا تبدأ القصة من الوصول والاستقبال بل بعد سنوات كيف سيكون الأمر، وهل بالفعل أوروبا تفتح ذراعيها لنا لمجرد الدوافع الإنسانية، وبينما قال أبو أحمد أن انعدام الأفق السياسي والانفتاح التكنولوجي والاتصالات مع أوروبا والحكايات التي تصل إلى هنا من شباب هاجروا يجعل من أوروبا ملاذ أسطوري حد الخرافة .
وتعتبر قضية الحصار السياسي والاقتصادي والأمني المفروض والمشدد على سكان قطاع غزة منذ بداية الانقسام السياسي والجغرافي والذي جعل من الوضع الاقتصادي الصعب والمزري للغاية بالهبوط إلى ادني مستوياته والذي شل معه مناحي الحياة بكل مرافقه الاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية مما اثر بشكل كبير وملحوظ على معانات العائلات الفلسطينية والتي للأسف يوجد جزء كبير منها بدون عمل ولا يوجد لهم مصدر دخل لأسرهم، وهناك عشرات الآلاف من الخريجين، وكما أن إطالة أمد الانقسام السياسي والجغرافي بين شطري الوطن واستمرار حالة المناكفات السياسية والاتهامات المتبادلة على الفضائيات الإعلامية وفشل ملف المصالحة والوحدة الوطنية والتي قد أصابت الجميع بحالة من الإحباط والاكتئاب، وفقدان عنصر الثقة نتيجة غموض الأفق السياسي المجهول بشان القضية الفلسطينية والمستقبل القريب، وعدم وجود انتماء عربي وإسلامي لما حدث مع الفلسطينيين في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وتركهم لوحدهم يغرقون في الدمار ويموتون ويعذبون أكثر من خمسين يوما.
وأرسل أحد الشباب الذين يعيشون الآن في مخيم اللجوء في هولندا يقول :" أنا هاجرت ولي زوجة وأطفال في غزة، أنا كنت أشعر بالضياع، لا عمل لي، كنت آخذ مصروفنا من والدي، حاولت العمل، الفقر والبطالة تسيطر على كل شيء، قررت أن أهاجر، قررت أن أجهز الأوراق لأجل أن يأتي لي أولادي وزوجتي، وأتمنى ألا يأتوا بنفس الطريقة القاتلة التي وصلت بها، إنها مغامرة، وهلاك، ومخاطرة، ولو كنت الآن في غزة وعرفت الواقع هنا الآن لما هاجرت، ولكنني سأفكر في عمل شيء، أتمنى أن يعرف المسؤولين أننا ضحية الاحتلال والانقسام والدمار والحروب، لكننا نريد ان نعيش ".
وبينما قال صديقي لي هاجر من غزة الى الجزائر قبل عدة سنوات أن الأمر لا يتوقف على الهجرة من قطاع غزة لأوروبا، بل أنه علي مستوي الجزائر الجالية الفلسطينية تقريبا 80% هاجرو علي أوروبا.
يقول صلى الله عليه وسلم:"من أصبح منكم آمناً في سربه،معافى في جسده،عنده قوت يومه،فكأنما حيزت له الدنيا".