الاحتلال يقتحم جبل المكبر وينصب حاجزا عند مدخل العيساوية    الاحتلال يفرج عن 11 معتقلا من قطاع غزة    "العدل الدولية" تبدأ اليوم الاستماع لمرافعات الدول بشأن المنظمات العاملة بفلسطين    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة    الأمم المتحدة: ما يحدث في قطاع غزة ليس أزمة إنسانية بل اعتداء على كرامة الناس    أمناء سر "فتح" بالضفة يؤكدون دعمهم لخطوات الرئيس لوقف الحرب على شعبنا وترتيب الوضع الفلسطيني    الشيخ يشكر الرئيس على ترشيحه لمنصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية نائب رئيس دولة فلسطين    اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تجتمع برئاسة الرئيس    9 شهداء في قصف الاحتلال منزلين بمخيم الشاطئ وحي الصبرة في غزة    لازريني: أطفال غزة يتضورون جوعا فيما تواصل إسرائيل منع دخول الغذاء    المجلس المركزي في بيانه الختامي: أولويات نضالنا الوطني هي وقف العدوان والإبادة الجماعية على شعبنا في غزة والضفة ونرفض أية محاولات للتهجير والضم    الرئيس يشيد بتصريحات السيسي التي أكد فيها أن بلاده ستبقى سدا منيعا أمام تصفية القضية الفلسطينية    السيسي: مصر تقف سدا منيعا أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية    المجلس المركزي يقرر بالأغلبية الساحقة استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة نائب الرئيس    المجلس المركزي يواصل أعماله لليوم الثاني  

المجلس المركزي يواصل أعماله لليوم الثاني

الآن

لعنة الأماكن - حنان باكير

كنت دوما أعتقد أن الناس هم روح المكان. فالمكان جامد لا يتحرك الا بمشاعر أصحابه. فإن غادروه.. مات. فهل تغيّر مفهومي لروح المكان، بعد تجربتي وبضع تجارب سمعت بها؟ ربما! قد نشهد لعنة الأماكن فقط في أفلام الرعب.. لكن ألا يمكن أن تكون حقيقة، وأن الظلم الذي يلحق بأصحابها قد يتحوّل الى لعنة؟!
في الذكرى الخمسينية للنكبة، تعاونت مع الصحفي دافيد شاترز من قناة سكاي نيوز الذي كان يعمل على تغطية تلك المناسبة، داخل فلسطين وفي الشتات. طلبت منه تصوير بيتي في عكا! سألني عن العنوان !!! جارنا في عكا والمقيم في بيروت، أعطاني عنوان ورقم هاتف أخيه الذي تجذّر في عكا ولم يغادرها.
بعد أيام.. جاء شاترز الى بيروت مع شريط فيديو لبيتي. زوجان متقدمان في السن، كانا في الحديقة.. شاهدا الفريق التلفزيوني يصوّر البيت.. نظرا باستنكار وغضب صوب الفريق ودخلا البيت! خرج ابنهما الشاب.. بدا غاضبا.. خرج من البوابة الى حيث الكاميرا.. صارخا ولاعنا المصوّر، الذي حاول تهدئته لكن دون جدوى! كان واضحا استعانة شاترز، بفريق محليّ يتكلم العبرية. المحتَلّ لبيتي.. حاول تغطية شاشة الكاميرا بيده.. ثم قام بدفع المصور الى الخلف وإبعاده.. فتراقصت الكاميرا، قلبت الأشجار رأسا على عقب.. أخيرا تدّخل رجل متقدم بالعمر من الفريق المحلي، وربما كان إعلاميا أيضا.. تكلم بهدوء مع المحتَل الى أن هدأ وبدأ بالأكاذيب والتناقض في الكلام. كانت العائلة من يهود المغرب..جاءت الى فلسطين في منتصف الستينيات من القرن الماضي. ويزعم أن هذا بيت أجداده !!
في الذكرى الستين للنكبة، زرت عكا. ذهبت الى بيتي برفقة ساميه بكري ومنيرة ابو حميد. بدا البيت مهجورا! وكان معروضا للبيع! دخلنا البيت كمتفرجات للشراء.. ساعدنا حديث صديقتيّ باللغة العبرية. 
ليس مجالي هنا، وصف أيّة مشاعر! لكن المحتَلة لبيتي.. بدت مثل مومياء محنطة.. بوجه ميت لا أثر لأيّ حياة في محيّاها أو في عينيها! وجه محنّط محا الموت كل أثر للتعبير فيه! أخبرتنا، بموت والديها وشقيقها الشاب، الذين سكنوا هذا البيت! وأنها مريضة وتريد بيع البيت! فهل ستعود الى المغرب، لتموت بين عائلتها، وشدّها الحنين الى مكانها الأصليّ؟! مدّت لنا ذراعيها.. أثار الإبر والفحوصات انتشرت على طول الذراعين بألوان متعددة الاحمر والأزرق والأصفر !! هي الآن لا تكذب! 
استعدت شريط الفيديو لبيتي، وللوالدين والشاب الذي " تعنتر" على الفريق التلفزيوني! هذه لعنة من طردوا ظلما وعدوانا! هكذا فكرت في نفسي!
لاحقا سمعت قصصا من الذين زاروا بيوتهم وأماكنهم.. وكيف أن بعض المحتَلين أصابتهم كوارث غير طبيعية، بمعنى غير متوقعة! وبعضهم، أبدى الأسف، بل أعربوا عن مشاعرهم، بأن تلك البيوت لا تخصّهم، ووجدوها ممتلئة بأثاث لم يشتروه، ومؤونة لم يتعبوا في حصادها!!
لحظة غادرت بيتي في عكا.. وقفت بعيدا، أرقبه وأناجيه.. هل شعرت يا بيت بي؟ هل حرّك وجودي شيئا في داخلك؟ لالالا الأجدر أن أسألك: هل عرفتني؟ هل حفظت جدرانك صرختي الاولى؟ لماذا لا تحرك ساكنا يا بيت؟ لن أحقد عليك فأنت بيتي!
بعد ستين سنة.. هل حرّكت زيارتي شيئا في ذلك المكان الصامت؟!

 

 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025
Enlarge fontReduce fontInvert colorsBig cursorBrightnessContrastGrayscaleResetMade by MONGID | Software House