غزة أولا وأخيرا من منظور إسرائيلي - امجد الأحمد
قبل توقيع اتفاق أوسلو أرادت إسرائيل أن تتماشى وتسميات الاتفاق مع استراتيجياتها وخططها التي على رأسها إقامة حكم فلسطيني في غزة وفقط غزة. وأرادت أن تسمي هذا الاتفاق غزة أولا، إلا أن الشهيد القائد ياسر عرفات تنبه للمكر والدهاء الإسرائيلي وكان لهم بالمرصاد وأصر على تسميته غزة أريحا أولا، ومنذ تلك اللحظة بدا مشوار مواجهة التهرب الإسرائيلي اتجاه ما تم التوقيع عليه من اتفاقيات وتفاهمات متذرعين بالحجج الأمنية تارة والتفسيرات الفضفاضة تارة أخرى.
ولغاية هذه اللحظة إسرائيل لم تتنازل عن خططها وأهدافها واستراتيجياتها القاضية بإنشاء حكم ذاتي فلسطيني في غزة وإبقاء احتلال الضفة الغربية وتهويد القدس وتهجير أهلها وتقسيم الأقصى مكانيا وزمنيا وعدة إجراءات أخرى تصب في مصلحة تحقيق ما تصبو إليه إسرائيل في غزة، وآخر هذه الإجراءات العدوان الغاشم التي قامت فيه على غزة والذي كان من أهم أهدافه، كما اعترف بعض قادتها السياسيين والعسكريين، تبديد حكومة الوفاق الفلسطيني التي نتجت عن المصالحة متذرعة بخطف وقتل المستوطنين الثلاث في الخليل.
وبعد انتهاء هذا العدوان قامت إسرائيل بتجسيد إقامة الحكم الذاتي في غزة من خلال إجراءات تخفيف الحصار الظالم على غزة مثل النية بالسماح بدخول 5000 عامل للعمل في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة وإصدار تصاريح إلى 1500 مصلي في الأقصى في فترة عيد الأضحى، وكان من ضمن التسهيلات إدخال بضائع من غزة إلى الضفة وإسرائيل وبالفعل تم وصول شاحنتين من البطاطا الحلوة والتمر إلى معبر كرم أبو سالم، ألا أن السلطات الإسرائيلية أعادت الشاحنتين إلى غزة بحجة عدم وجود عبارة "صنع في غزة" على كل غلاف من التمر والبطاطا الحلوة.
ومن خلال هذه الإجراءات التعسفية يتبين للقاصي والداني أن إسرائيل تريد أن تجسد فكرة إنشاء كيان فلسطيني في غزة وتستغل الحصار الاقتصادي لتحقيق هذا الهدف، وقد بدأت بشكل عملي منذ أن قام شارون بتنفيذ الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة حيث أن جميع تصرفات وتصريحات إسرائيل منذ العام 2005 تسير باتجاه تحقيق هذا الهدف الإستراتيجي.
والقيادة الفلسطينية أمام هذه الإجراءات بين فكي كماشة فمن ناحية تريد أن لا تكون عثرة أمام خروج غزة من الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها بسبب الحصار ومن ناحية أخرى تريد أن تفشل أهداف إسرائيل بفصل غزة عن الضفة والقدس، إذن ما العمل وما هي الخطط والإستراتيجيات الفلسطينية لمواجهة مثل هذه الممارسات الظالمة:
أولا: يجب التوجه إلى الاتحاد الأوروبي واطلاعه على هذه الممارسات ودفعه للضغط على اسرائيل من اجل التوقف عن هذه الممارسات خاصة وان الاتحاد الأوروبي قدم وثيقة إلى إسرائيل على شكل محاذير تنص على عدم تجاوز الخطوط الحمراء في قضايا حساسة للشعب الفلسطيني مثل تهويد القدس وضم المنطقة C البالغة 61 من مساحة الضفة ووقف البناء الاستيطاني في الضفة الغربية على أن يتم إضافة كافة الإجراءات الإسرائيلية التي تؤدي إلى فصل الضفة عن غزة إلى هذه الوثيقة من قبل الاتحاد الأوروبي خاصة أنه بصدد اتخاذ إجراءات عقابية ضد إسرائيل في حالة لم يتم الالتزام بهذه الوثيقة، هذا بالإضافة إلى عدم تغير عبارة صنع في فلسطين أو في السلطة الفلسطينية للبضائع المصدرة من غزة الى العالم عبر المعابر الإسرائيلية وخاصة مطار اللد، لن التصدير يتم إما عن طريق شركات إسرائيلية وتصدر على أساس أنها منتج إسرائيلي أو يلتزم المصدر الإسرائيلي بوضع ليبل صنع في غزة .