نسرين عرفات.. تطويع الحجارة الى فن ينبض بالحياة
بدوية السامري
هي 2399 ساعة من العمل والنحت على حجر السيراميك، 'أنجبت' قطعا فنية مميزة تختصر الفن المعماري داخل مدينة نابلس لتعيد للحجر نبضه و'حياته' في معرض 'نبض الحجر' للفنانة النابلسية نسرين برغوثي عرفات.
عرفات بدأت منذ عامين العمل على نقل بعض المنحوتات داخل مدينة نابلس، وفي بلدتها القديمة بذات التصاميم وذات النقوش إنما على قطع مصغرة من السيراميك بشكل فني رائع.
وافتتح المعرض أبوابه تحت رعاية سفارة مملكة النرويج ووزارة الثقافة أمس، بحضور نائب القنصل النرويجي يان ديبفست، ووكيل وزارة الثقافة، وعدد من الشخصيات النابلسية، في مركز إحياء وتنمية التراث الثقافي داخل البلدة القديمة في نابلس، ويستمر حتى مساء يوم غد الخميس، لينتقل بعدها إلى مدينة ستافنجر النرويجية.
وتستعد عرفات للسفر إلى هناك وتحمل معها جميع القطع الفنية لعرضها ونقل التراث الفني المعماري إلى النرويج، برفقة عدد من طلاب جامعة النجاح الوطنية.
بين أروقة معرضها، تتحدث عرفات، عن جمال ما تحويه المدينة من النقوش، وتعتبر القطع الموجودة كقطع روحها وأبنائها، لا تمكن أن تُفرط بأي منها، فليس سهلا أن تقضي أكثر من 400 ساعة من العمل على قطعة فنية واحدة، لتخرج في هذه الصورة من التميز.
وتشير: نحن هكذا نحافظ على الموروث الثقافي المعماري الفني لمدينتنا، فهناك الكثير من النقوش التي اندثرت، وأخرى سرقت، فيجب أن نعيد نحتها بطرق فنية لنحفظها للأبد.
أما عن فكرة إقامة المعرض، تقول عرفات إن مفتاح أحد الأقواس القريب من منزلها والذي يعود للقرن الثامن عشر الميلادي، اختفى فجأة قبل أكثر من عام، ويبدو أنه سرق، تأثرت بذلك كثيرا، وعدت إلى إحدى الصور لأعيد نحته كما كان، وأعود للتمتع بالفن الذي كان عليه، وقررت حينها أن أواصل العمل حتى يرى معرضي النور.
ويتوسط المعرض برج الساعة، وهذا العلم الذي يميز نابلس تقول عرفات، وتشير هو برج أثري يعود تاريخه للحقبة العثمانية ويقع وسط الساحة القديمة في نابلس، لذا اخترت أن يتوسط المعرض.
ولأن نابلس لا تملك زيا خاصا يميز المرأة لديها، قامت عرفات بنقش جاروشة لتمثل المرأة، وهي حجر أثري دائري استخدم لطحن الحبوب وكان من مسؤولية النساء، وهي تعتبر من الأدوات التراثية.
كما يشتمل المعرض على منحوتات لأربع بوابات، من ضمنها بوابة منذ فترة الثلاثينيات حيث يظهر المجسم غنيا ومتنوعا في التفاصيل المعمارية، والمبنى نفسه متنوع الأشكال ما بين مستقيم ومصلب وقباب، واستغرقت الفنانة في نحته 443 ساعة.
كما يشمل العديد من مفاتيح القوس وهو حجر مزخرف من نهاية القرن 18، ولكل واحد هويته الخاصة وعنوانه ظاهر من خلال تنوع الزخارف والمنمنمات لكل واحد منها، اضافة إلى عدد من الزخارف الرومانية في نابلس.
كما يضم المعرض قطعا فنية كمثلث نافورة للماء، وأخرى لدرج إحدى البنايات، ولقطع نقدية، وآخرها 'القبقاب' الذي كان يستخدمه الأشخاص في حمامات البلدة القديمة.
وتتعدد طرز بناء البيوت السكنية في نابلس وما حولها من زخارف، وتختلف عن بعضها؛ وتبعا للفترة الزمنية التي أنشئت بها، ولتوفر المواد، وكذلك للاختلافات الاجتماعية والثقافية.
وكانت عرفات أنجزت مشاريع فنية بهدف تشجيع القراءة وتعليم الأطفال فنون النحت وتشكيل المجسمات بالسيراميك، ويعتبر معرضها نبض الحياة باكورة عملها الفني إحياء للتراث المعماري لنابلس العتيقة.
ويسجل كل من حضر المعرض إعجابه بالفكرة والعمل والتميز، فهي تجربة حديثة في المدينة التاريخية التي عاصرت العديد من الحضارات على أرضها.