فيديو- الرئيس: أبو عمار كان عنوانا للتفاؤل وهو براغماتي فذ ورجل سلام حقيقي
- عرفات كان عنوانا للتفاؤل وهو براغماتي فذ ورجل سلام حقيقي
- مصممون على حقوق شعبنا والقيادة متمسكة بالثوابت
حذر رئيس دولة فلسطين محمود عباس، اليوم الخميس، من أن 'عدم حصول حل وسلام ينهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، سيزيد المناطق الملتهبة في المنطقة التهابا'، مشددا على أن حل القضية الفلسطينية بشكل عادل 'سيطفئ كل الحرائق التي حدثت'.
واستعرض الرئيس في مقابلة صريحة أجرتها قناة عودة وبثتها بالاشتراك مع تلفزيون فلسطين لمناسبة الذكرى العاشرة لاستشهاد القائد الرمز ياسر عرفات، المحطات التي مرت فيها حركة فتح والثورة الفلسطينية قبل وبعد إعلان الاستقلال في الجزائر عام 1988م، مبرزا الصعوبات التي سبقت وتبعت انطلاق الثورة الفلسطينية وحركة فتح عام 1965م.
وذكر الرئيس أن الراحل عرفات كان دائما مصدر تفاؤل وصاحب نظرة عميقة، وأنه شخصية براغماتية ومحبة للسلام، مشددا على أن القيادة الفلسطينية كانت دائما الحامية للمشروع الوطني والحامية للثوابت ولن لم تفرط بالحقوق الوطنية.
واعتبر الرئيس اعتراف دولة السويد بدولة فلسطين، بأنه مهم، موضحا أن دولا أخرى في أوروبا سوف تلحق بها، مضيفا: إنهم لم يستطيعون التحمل رؤية هذا الشعب بهذا الشكل، فليس معقولا أن الشعب الذي عنده نسبة الأمية صفر ويملك 53 مؤسسة جامعية ولديه كل هذه الانجازات ويبقى تحت الاحتلال ودون دولة.
وتابع سيادته: كانت قناعة الشهيد ياسر عرفات الثابتة بأن الدولة والاستقلال قادم، وكان دائما يردد 'سيحمل شبل من أشبالنا أو زهرة من زهراتنا العلم الفلسطيني فوق مآذن وأسوار القدس'، ونحن مقتنعون بهذا ومؤمنون بهذا وبصراحة لن يتحقق السلام دون حصول الشعب الفلسطيني على دولته المستقلة.
وقال الرئيس: 'ياسر عرفات كان مؤمنا تماما سيصلي في القدس، وأكيد رح يصلي في القدس'، طبعا المنية عاجلته ولم يحصل هذا، لكن بقي على ايمانه هذا، ونحن على مشارف هذا ولسنا بعيدون عن تحقيق ذلك، ونحن لسنا في وهم، ونحن اول المقتنعين والعالم مقتنع بنا، والشعب الاسرائيلي مقتنع بضرورة حل الدولتين، لكن هناك طبقة لا تريد الحل، أما نحن لا مشكلة لدينا في الحل، والآن لدينا مشروع قرار سنقدمه لمجلس الأمن ينص على أن الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس هي أرض دولة فلسطين، هذا متفق عليه.
وفيما يلي نص المقابلة:
- لحظات التأسيس ليست واحدة في حركة فتح.. والسبب في ذلك أن كل الفلسطينيين في المهجر أو في الوطن كانوا يشعرون بأنه لا بد من أن يقوموا بشيء ما تجاه قضيتهم، خاصة بعد أن يئسوا من أي مشروع عربي، شهدنا حرب الـ48 وكانت مع الأسف فاشلة ثم حرب 1956، وبالتالي بدأ كل فلسطيني يفكر كيف يعمل لقضيته بنفسه، هذه الارهاصات التي لاحظناها ورأيناها في مختلف البلاد كان أبرزها في الكويت، حيث نشأت هناك حركة فتح وكان لها اتصالات لكن ليس مع الجميع ولا تعرف أنه في بلد آخر هناك مجموعة فلسطينية تريد فعل نفس الشيء، فبدأت الاتصالات بين الفلسطينيين مع نهاية الخمسينيات، كل يسأل عن الثاني، للبحث عما يمكن أن يخدم قضيتنا، مثلا في قطر أسسنا تنظيما من أجل فلسطين، سمعنا أن إخواننا في الكويت موجودون من أجل هذا الغرض، فبدأنا الاتصال بهم، خلال جلسة أو جلستين أصبحنا حركة واحدة وكان الهدف فلسطينيا، والأمور مبسطة جدا، ماذا نريد أن نعمل؟ نريد أن نحرر فلسطين وحدنا، نعم نبدأ وحدنا لا ننتمي لحزب أو دولة، هذه هي عقيدتنا لا انتماء لأحد، لا انتماء لأحزاب، لا انتماء لدول، ثم الكفاح المسلح هو طريقنا، ومن هنا بدأ الاتصال والمركز كان في الكويت، وياسر عرفات رحمه الله كان هو 'الدينامو' وأبو جهاد لا ننساه لأنه من الأوائل الذين فكروا بهذا المشروع وجمعوا حولهم عددا كبيرا من الإخوة مثل صلاح خلف وخالد الحسن.
من هنا بدأنا نلتقي مع بعضنا، وبدأنا نعد العدة من أجل انطلاقة الثورة بنهاية الخمسينيات، لكن الانطلاقة تمت في الـ1965، وواصلنا سنة بعد سنة والشهيد ياسر عرفات رحمه الله كان هو الذي يؤمن السلاح ويجند العسكريين أو المتدربين من الفلسطينيين، هو كان مسؤولا عن هذه القضية، أول مرة التقيت به كانت عام 1962، والسبب أنني كنت أذهب للكويت، وعند زيارتي لها لا يكون موجودا، والسبب أنه يكون قد أخذ اجازة اضطرارية صحية من أجل التنقل في البلاد حتى يؤمن السلاح والناس، كان لا يداوم في عمله، لذلك لم تتح لي الفرصة أن أقابله إلا عام 1962.
بدأنا عام 1963 نفكر، هل نحن جاهزون أم نريد مزيدا من الوقت، إلى أن كان عام 1964، ففي صيف هذا العام اجتمعت القيادة في دمشق، وسئل أبو عمار هل أنت جاهز؟ وهل لديك كل الإمكانيات؟ قال: نعم، فقررنا أن نبدأ في 1-9-1964، حيث قررنا في هذا الاجتماع أن لدينا اجتماعا في شهر حزيران من العام نفسه.
اختلفنا على موعد الانطلاقة، خاصة أن البعض قالوا إننا لسنا جاهزين، وكانت هناك وجهة نظر تقول إنه يجب أن نحضر أنفسنا بشكل كامل، وأخرى تقول ننطلق ونبدأ بالمتوافر لدينا ثم نواصل، والسبب أنه إذا أردنا تحضير أنفسنا لكل شيء وبالكامل، يمكن أن ينكشف الأمر، و'تنتهي القصة'...، وعندما سئل يا أبو عمار هل لديك سلاح؟ أجاب: عندي، طبعا اذا امتلك 10 أو 20 بندقية يكفي، لكن كان يقول عندي 100، يقولون له الاخوان لا يكفي، هنا اختلفنا كنا 9، اختلفنا على أن نبدأ أو لا نبدأ، والذي حصل صوتوا أربعة أشخاص مقابل أربعة وكنت أنا الصوت الخامس، أنا رجحت الكفة لأنني مع نظرية أبو عمار، الله يرحمه، وآمنت في حينه بأنه مطلوب العمل بما هو موجود، وخلال المعركة نستمر، و'حتى في الحروب لا يكونون جاهزين'، وكانت الفكرة أن نطلق الرصاص، وفي اليوم التالي نطلق رصاصة الثورة المستمرة، فوافقنا في 1-9 على ان يكون الموعد في الأول من أيلول 1964، وهو الموعد المحدد لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في القدس أو في مكان آخر'لست متذكرا'.
وخلال شهر آب تفرقنا ولم تحصل في الأول من أيلول انطلاقة 'يا شماتة الأعادي' الكل ينتظر ولم يحصل ذلك، فورا ذهبنا إلى الكويت، أغلب اجتماعاتنا كانت في الكويت، وأبو عمار رحمه الله عندما لم يستطع أن يقوم بالانطلاقة اتصل بنا، كنت انا والمرحوم أبو يوسف النجار، قلك ' ما اقدرتش' بتعرف هذه تطورات في منتهى الصعوبة والخطورة، والمشكلة أن الناس ليسوا معتادين على الثورة ومتخوفون، والناس الذين جندهم أبو عمار للانطلاق في الأول من أيلول رفضوا أو قالوا لا نستطيع، أو قالوا نحن خائفون، العمل في بدايته والطلقة الأولى هي أخطر شيء، ثم بعد ذلك يتعود الشخص عليها، فقالوا بعد ذلك: أبو عمار لم يصدق معنا، وكان واضحا بأنه يتعرض لحملة من المعارضة، ونحن كان رأينا بأنه مطلوب أن نمنحه فرصة أخرى، ولكن كان ردهم بالرفض... قلنا لنترك ابو عمار بإمرة مجموعة من الناس، منهم كمال عدوان رحمه الله، وأبو الأديب وشخص آخر من لبنان، وكان ابو عمار يؤتمر بإمرتهم، وكل ذلك لطمأنة الإخوان ولكي تمضي الأمور، وعندما تم السؤال متى الانطلاق؟ كان الرد في 1-1-1965، وهذا الكلام كان في شهر أيلول، وهذا اختبار ثانٍ، وكانت لحظات قاسية جدا وصعبة جدا، جميل أن تتذكرها، لكنها كانت قاسية.
في الأول من كانون الثاني 1965 عدنا الى منازلنا وسمعنا في 'الراديو' خبرا' مصدره اذاعة القاهرة بصوت العرب، جاءنا البيان التالي، 'كانت فرحة وانطلقت الثورة'.
- كانت الاحزاب العربية في كل مكان تحاول أن تقتنص الشباب الفلسطيني وكل حزب يقول أنا سوف أحرر فلسطين، منها حزب البعث والشيوعيين حتى التحريريون، ونحن نقول لهم هذه الحزبية لن تؤدي إلى شيء وكل حزب يريد منا أن نخدم مصالح حزبه، فحاولنا بقدر الامكان وتعرضنا لمصائب كثيرة أولها عام 1966، فالتدخل الخطير جرى في هذا العام، وتمثل بحصول قتل واغتيال، فأحمد حشمة ومعه أخ آخر قتلا بسبب هذا الموضوع بعد أن حاول البعثيون التدخل في حركة فتح، ونحن بدورنا قلنا لهم لا ونحن في سوريا، نحن نتعاون أما ان تحركونا بإرادتكم وبأهوائكم أو أن تقودوا الثورة مثلما تريدون فهذا مرفوض، ونحن في حينه مررنا بظروف في منتهى الصعوبة، ونحن نعيش هذا حتى هذا اليوم.
وبين كل مدة وأخرى نحن نتعرض إلى تدخل من جهة ما تحاول أن تلعب في الساحة الفلسطينية، وحتى الآن هناك أناس يتدخلون، ونحن بدورنا لن نسمح ونجحنا، ونؤكد لم نسمح لأحد بأن يتدخل، ونجحنا في أن ننأى بأنفسنا عن الدول العربية كلها وعن الأحزاب العربية كلها، وهذا كان في منتهى الصعوبة، لذلك 'هذه الاحزاب والدول عندما لم تستطع أن تخترقنا نزلت أحصنة معلش بزعلوا مني الآن التنظيمات الفلسطينية' الصاعقة أوجدتها سوريا، الجبهة العربية أوجدتها العراق، وهناك جبهات أخرى أوجدها الناصريون، فكل طرف سعى أن يجد فصيلا، ونحن قلنا ماشي الحال، غابة البنادق فليكن كلنا مع بعض وننزل مع بعض ونقاتل مع بعض'، لانو مش مستعدين نقاتل بعضنا البعض نقاتل مع بعضنا.
وكان نجاحا أن المجلس الوطني أصبح مؤلفا من الفصائل الفلسطينية، فأي فصيل يحاول أن يتشكل أو يريد العمل، والساحة الفلسطينية واسعة، واحيانا هذه الفصائل تنقسم على بعضها، ورغم ذلك نستوعبهم، فمثلا يعني الجبهة الشعبية انقسمت أربعة أو خمسة انقسامات، مع ذلك كنا نستوعبهم حتى لا يبقى أحد خارج الساحة، حتى يظل الكل موجودا، ومع كل هذه التطورات بقيت فتح لها تميزها، انها حركة تحرير وطني فلسطيني، بالمناسبة لا حركة فلسطينية عنوانها وطني.
الشعب الفلسطيني شعر بأن من يلبي الرغبة الصافية للشعب الفلسطيني هو فتح، لذلك الكل كان يأتي اليها، كان بإمكانه أن يذهب لأي حزب أو حركة لكنه كان يعلم بأن هذا الحزب أو هذه الحركة مشكلتها أنها تمثل مصلحة ما، نحن لسنا ضد أن يمثل أحد حزب البعث الاشتراكي أو حركة القوميين العرب أو الشيوعيين، 'مالنا دعوة'، لكن الناس بحسها الفطري عاشت فترة طويلة وهي لا ترى أن هذه الاحزاب تلبي رغباتها، نحن الوحيدون المنطلقون من الشعب، ونعبر عن رغبة الشعب لذلك استمرت فتح منذ ذلك الوقت حتى الآن أقوى حركة فلسطينية موجودة على الساحة، رغم المصائب التي مررنا بها وهي لا تعد، انشقاقات كثيرة وتدخلات كثيرة، ومحاولات التأثير على القرار الوطني الفلسطيني، لذلك أول انعقاد للمجلس الوطني في عمان بعد أن خرجنا من بيروت، كان عنوانه القرار الوطني الفلسطيني المستقل 'نريد قرارا وطنيا فلسطينيا مستقلا'.
واستمرت التدخلات على الرغم من القرار المهم عام 1974 بشأن اعتبار منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد، ونصر على كلمة 'وحيد' كي نفهم العالم ' بأنه لا يوجد لأي طرف أن يتدخل بالشارع الفلسطيني'، لكن كل واحد يدعي 'وصلا بليلاه'، والكل كان يريد أن يحصل على تمثيل الشعب الفلسطيني، أو يدعي بأنه يمثل الشعب الفلسطيني، يعني' كل واحد يقول الورقة الفلسطينية يجب أن تكون بيدي، ونحن نرد' لا توجد ورقة بيد أحد، بيدنا لكن مع العرب كلو معكم كلكم اما مش مع واحد'.
- انطلقنا في الـ1965 ثم تعرضنا لحرب 1967، كما تعرضنا لحرب الكرامة في الـ1968، وفي ايلول وما بعد ايلول دخلنا في متاهات طويلة، ثم 'بدأنا نعي ما هي نتيجة هذا الكفاح، الكفاح العسكري السياسي، واقتنعنا بأنه لا بد أن نجلس على الطاولة للتفاوض، إذ لا بد من الالتزام بالشرعية الدولية.
- 1988 هي المرحلة المفصلية لأنه قبل ذلك بدأنا نتعاطى مع العالم، بالمناسبة قبل عام 1988 كانت لنا علاقات قوية مع كثير من دول العالم بما فيها أوروبا الغربية وغيرها، لكن كنا بحاجة إلى ان ندخل إلى ميدان الشرعية الدولية، أنا أتذكر بأن غروميكو قال لنا، 'أنتم حصلتم على شيك وهو الاعترافان 242، و338، لكن هذا الشيك غير مفتوح، وإذ ترغبون فحاولوا أن تستعملاه، ونحن نحاول أن نساعدكم، طبعا أن تأتي في الساحة الفلسطينية وتقول 242 و338 'بتنطخ قبل أن تكمل' لأن هذا كان من المحرمات، هذا 'قرار الخزي والعار' هنا بدأنا نحضر أنفسنا جيدا لقرار المجلس الوطني الذي كان يضم حوالي 700 عضو، والذي سيجتمع في الجزائر، وكان لا بد أن نهيئ الأجواء، بدأنا الاتصالات مع كل العالم، وانا أتذكر أننا كنا في الاتحاد السوفيتي، وأن الحزبيين ووزارة الخارجية شجعونا جدا على ذلك، كما أن بعض الدول العربية قالت في حينه هذه فكرة جيدة، وإنه من المناسب أن تدخلوا الى ميدان الشرعية، لأنه في هذه الحالة العالم سيعترف بكم.
الأميركيون بعثوا أكثر من اشارة بأن هذا يفتح كل الأبواب، طبعا نحن لا نريد أن نلتفت الى ما يقولون، لكن نحن كانت لنا قناعات تخصنا، من ضمنها أنه لا بد ان نعترف بالشرعية الدولية.
وكنا نفكر كيف يمكن أن نأتي إلى مجلس وطني بعدد 738 عضوا، وكيف يمكن أن نقنعهم بالاعتراف بـ242 و338، وكان الأمر صعبا، ونحن ربطنا القضايا بعضها ببعض، كنا نريد إعلان استقلال الدولة، وفي نفس الوقت نعلن قبولنا بالشرعية الدولية، لأنه إذا ما اعترفنا بالشرعية الدولية لا يمكن إقناع العالم بفكرة الدولة، ومن هنا جاءت الفكرة نريد أن نقول للعالم نريد هذه الدولة على حدود الـ1967، وهذا الربط كان مهما جدا، وهو ما ساعد على التوافق على القرارين، ونحن طرحنا القرارين للتصويت، اعلان الاستقلال والقبول بـ242 و338، وبالإجماع، باستثناء 37 شخصا قالوا لا، وقبلت الفكرة والغريب أن ثاني يوم أكثر من 60 دولة اعترفت بنا 'طبعا هذه الدول تفهم' أنه عندما تعترف بك انت معترف بالشرعية الدولية، فبناء على اعترافك بالشرعية الدولية هو يعترف بك، مثلا الملك الحسن الثاني عندما زرناه ثاني يوم عقب المجلس الوطني، قال: 'لو لم تضعوا الاعتراف بـ242 و338 لا استطيع ان اعترف، وانتم مدركون ان العالم أصبح الان واقعيا، ولا يوجد أحد يقول بتحرير كل فلسطين، في 242 و338 ثبتا ووضحتم الأمور، ومع مرور الوقت بدأت الدول تعترف بالدولة، ومن هنا دخلنا في المسار السياسي.
الولايات المتحدة الأميركية قالت في حينه هذا لا يكفي، كالعادة، وطالبوا بضرورة أن ننبذ الارهاب، 'وكيف نريد نبذ الارهاب الآن'، قالوا ابحثوا عن طريقة، وهذا ترافق مع توجه أبو عمار لإلقاء الخطاب في الجمعية العامة، وهددوا في حينه بعدم منحه الفيزا، لذلك ذهب إلى جنيف، و'أبو عمار صعبانة عليه القصة لأن نبذ الارهاب يعني في حينه أنك تنبذ الكفاح المسلح صراحة'، وأبو عمار كان يعمل بالسياسة، وعقله براغماتي، ومن يقول عنه إرهابي غير صحيح؛ لأنه أكثر واحد فينا لديه عقلية براغماتية، وهو الشخص الذي يمكن أن يعمل أي شيء وحتى 'ممكن يخترق المحرمات'؛ لأنه يشعر بأنه قائد الشعب ومن واجبه ان يحمي مصالح هذا الشعب، حتى وان اضطر أن يقول شيئا سيشتم بسببه او يهاجم، فذهب الى جنيف وكانت من اصعب اللحظات علي وعليه، وانا كنت في موسكو انتظر ان يلقي الخطاب حتى ترتب كل الأمور، بعدها ذهب إلى المؤتمر الصحفي وقال أنا أنبذ الإرهاب، فالأميركيون قرروا بعد ذلك بدء الحوار معنا، وبدأنا الحوار، 'جنت إسرائيل، وصارت في مناقشات وصدامات'، لكن في هذه المرحلة هي مرحلة العمل السياسي وتبعها بعد ذلك أوسلو وغيره، رغم المطبات التي وقعنا فيها كمطب الكويت وغيره، لكن مع ذلك استمرت الأمور إلى يومنا هذا.
- 'ياسر عرفات كان دائما متفائلا' حتى كنا نسميه بياع التفاؤل'، احيانا تكون الدنيا مظلمة تماما، 'يقول هنا في ضو مش شايفينو'، دائما كان يملك حس الأمل والتفاؤل، واذكر مرة بعد عام 1967، انهارت الامة العربية كلها، وأنا ذهبت إلى الشام فوجدته راكبا سيارة ولابسا 'فوتكي العسكري'، فقلت له يا أبو عمار خلصت الحرب وانهزمنا فرد 'لا هم إلي انهزموا مش احنا'.
وهو عندما قال 'أنا ذاهب إلى فلسطين، فعلا في النهاية ذهب على فلسطين'، ... وفكرة خروجنا من بيروت وذهابنا إلى تونس كانت فكرة خلاقة، لأنه بدل أن نذهب إلى دول الطوق، ولا أحد يقبلنا غير السوريين والنظام السوري، واذا ذهبت ستكون برعايته، وستفعل ما يريده هو، فقلنا نريد ان نذهب إلى بلد لا يطلب أن نكون برعايته.
تونس قبلتنا فورا، فقلت لـ'ابو عمار' نريد أن نذهب إلى تونس، خرج هو من بيروت الى اثينا، ومن اثينا الى تونس، سئل إلى أين ذاهب؟ قال إلى فلسطين، وفعلا بعد تونس رجع الى فلسطين، يعني ملجأنا الأخير كان في تونس.
هنا الامتحان الصعب، إسرائيل قالت لو اعترفتم بـ 242 خذوا ما تريدون، ونحن اعترفنا بـ 242 وقبلت أميركا وهم شتموا أميركا كيف تعترف بنا، اذن هم غير صادقين فيما يقولون، والان نعود للوقت الحاضر، إسرائيل تقول دولتين، فأين الدولتان، تقول نتحدث لاحقا، فالمشكلة اننا نريد سلاما يقبل به العالم، وإسرائيل لا تريد هذا السلام، ولذلك نحن كل عملنا نقول للعالم بأنه نحن نريد سلاما وهم لا يردون، والدليل على ذلك عندما نذهب للأمم المتحدة ونحصل على 138 صوتا، العالم معك بالتالي في كل المحافل، تذهب إلى جنيف او غيرها وتجد أميركا وحدها ضدنا، والباقي كله معنا، ليس محبة فينا، ولا توجد لدينا إمكانيات، لكن العالم اقتنع بأننا على حق، وحقيقة اسرائيل أنها لا تريد السلام.
هذا الكلام لم يكن معروفا من قبل، كانوا يقولون إسرائيل معتدى عليها وتريد السلام، لا إسرائيل ليست مظلومة، بل لا تريد السلام، فكشف امرهم، مثلا الآن اقول لهم أريد سلاما، ويقولون ارهابي دبلوماسي اتفضلوا اخترعوها، انا اقول لكم أريد سلاما وأمد يدي لكم، وانتم بالمقابل تقولون 'ارهابي دبلوماسي' وكل ذلك ليبرروا لأنفسهم الرفض...وبالتالي هي معركة سياسية بيننا وبينهم، عليهم أن يعترفوا بهذا، ياسر عرفات ذهب ضحية لأنه خلال الأربع السنوات حصل فيها الحصار عليه، لم يكن يريد الحرب إطلاقا، ولم يكن يريد القتال، لكنهم هم لا يريدون السلام.
- ما نقوله وما نثبته للعالم كله بأننا جئنا هنا باتفاق أوسلو على أساس بعد 3 سنوات يحدث حل نهائي، وقتل رابين، لماذا قتل، ولم نقلته نحن، هم قتلوه، لماذا؟ لمنع التوصل إلى السلام، أجرينا حوارا بعد ذلك مع أولمرت وكنا على قاب قوسين أو أدنى لنصل إلى حل ولكن هذا لم يحصل، والمشكلة أنه في إسرائيل توجد مؤسسة لا تريد حلا سياسيا، هم كانوا يعتقدوا ان نعطي فلسطين حكما ذاتيا محدودا، ويعيشون معه إلى الأبد.
وفي الحقيقة نحن علينا أن ننتبه إلى شيء، هذا ورد في وعد بلفور وصك الانتداب وفي ميثاق المنظمة الدولية التي كانت في ذلك الوقت، جفلوسكي هو الأستاذ الذي قال لا تعطوا الفلسطينيين دولة بل اعطوهم قليلا من الحقوق المدنية والدينية، هذه النظرية موجودة، ...نحن اثبتنا بما لا يقبل مجالا للشك بأننا نريد السلام وبأننا بنينا دولة، تتضمن كل مقومات الدولة، ويأتينا رؤساء ورؤساء وزارات ووزراء خارجية من كل انحاء العالم، ويلمسوا ويشاهدوا كل الانجازات، يقولوا ما هذا نقول لهم هذا لنثبت لكم أننا نستحق دولة، وهذا كله لا تريده اسرائيل، وهذه السلطة هي افرغتها من مضامينها، و'معادش في سلطة الآن'، ونحن ليس لدينا سلطة، ونقول لا يوجد سلطة لنذهب إلى الشرعية الدولية، ولذلك نحن سوف نذهب إلى مجلس الأمن، وسنذهب إلى المؤسسات الدولية كلها، وندخل معهم في هذا الصراع السياسي إلى النهاية دون استعمال العنف والارهاب، ونحن نريد التعامل معهم سياسياً.
لذلك تأتي دولة متل السويد وتعترف بدولة فلسطين، وأنا متأكد بأن دول أخرى في أوروبا سوف تلحق بها، لأنهم لم يعودوا يستطيعون التحمل رؤية هذا الشعب بهذا الشكل، فليس معقولا أن الشعب الذي عنده نسبة الأمية صفر ويملك 53 مؤسسة جامعية ولديه كل هذه الانجازات ويبقى تحت الاحتلال ودون دولة.
-كانت كل قناعة الرئيس ياسر عرفات بأن الدولة والاستقلال قادم، وكان دائما يردد ' سيحمل شبل من اشبالنا او زهرة من زهراتنا العلم الفلسطيني، و نحن مقتنعين بهذا ومؤمنون بهذا وبصراحة لن يتحقق السلام دون حصول الشعب الفلسطيني على دولته المستقلة.
وعدم حصول حل وسلام بيننا، يعني أن المناطق الملتهبة حولنا ستزداد التهابا . والحل هنا سيطفئ كل الحرائق التي حدثت، وعليهم فهم هذه الحقيقة.
'ياسر عرفات كان مؤمنا تماما سيصلي في القدس، وأكيد رح يصلي في القدس'، طبعا المنيّه عاجلته وما حصلش، لكن بقي على ايمانه هذا، يعني عندما دفن هنا، قال بعد ما تتحرر فورا خدوني عالقدس'، ونحن على مشارف هذا ولسنا بعيدون عن تحقيق ذلك، ونحن لسنا في وهم، ونحن اول المقتنعين والعالم مقتنع بنا، والشعب الاسرائيلي مقتنع بضرورة حل الدولتين، لكن هناك طبقة لا تريد الحل، أما نحن لا مشكلة لدينا في الحل.
الآن لدينا مشروع قرار سنقدمه لمجلس الأمن ينص على أن الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 1967 و عاصمتها القدس هي أرض دولة فلسطين، هذا متفق عليه.
هذا قرار حصلنا عليه بالجمعية العامة ونحن نطالب بتحديد إطار زمني لإنهاء الاحتلال، والمسيرة مستمرة، وهذا الشهر لدينا قرار بمجلس الأمن، ...ولدينا الذهاب الى المنظمات الدولية مثل ( أي سي سي) و(أي سي جي) وغيرها، وما نريده هو المطالبة بحقوقنا، طبعا في المقابل هم يريدون التأجيل ويدعون بأن هذه الخطوات ليس وقتها الآن، ويريدون التأجيل 'ومقصود من التأجيل لمدة شهر لأنهم بعد الشهر يريدون تأجيل المسألة أشهر إضافية وعديدة ... هذه سياستهم ونحن نعمل ما نراه مناسبا ولا نستمع إليهم، فعندما ذهبنا إلى مجلس الأمن قالو لا تذهب، بل اذهب إلى الجمعية العامة، 'هم ليس قصدهم روح عالجمعية العامة بل أن لا أذهب إلى أي مكان'، وعندما فشلنا سابقا في مجلس الأمن ذهبنا للجمعية العامة، وعندها قالوا ليس وقته، لكننا ذهبنا وحصّلنا على قرار مهم، هو صراع طويل، لكن لا بد إن شاء لله أن يحق الله الحق'.
الثوابت الفلسطينية هي الثوابت التي أقرّت في عام 1988م، والمرحلة الفاصلة في تاريخ النضال الفلسطيني هو 1988، فالمجلس الوطني الفلسطيني وافق بشبه إجماع على القبول بالقرارات 242 و 338 الذي يقول: الانسحاب من الأراضي التي احتلت عام 1967م، وإقامة الدولة الفلسطينية عليها وهذا بالنص ما أُخذ في المجلس الوطني 1988، إضافة إلى حل مشكلة اللاجئين حلا عادلا، وهذا الأمر يتم التأكيد عليه في كل المناسبات وهو منصوص عليه بالقرار 194، ثم بالمبادرة العربية للسلام، وهذه هي الثوابت، ونحن متمسكون بها ولن نتنازل أو نقدم تنازلات مجانية.
لقد افتقدنا نجوما كثيرة وبعيدا عن العد، كلها نجوم و كلها شخصيات هامة وكلها كانت لها مساهمات عظيمة، لكن الذي استمر في هذه المساهمات منذ البداية وحتى النهاية هو ابو عمار، فهو المؤسس وهو الذي أطلق الثورة، ويكفي أن اقول عقب احتلال عام 1967 دخل الاراضي الفلسطينية مرتين، وكان يقوم بكل المخاطرات، وكانت إلى جانبه قيادات أذكر منها عبد الفتاح حمود إنه قائد عظيم، وابو علي إياد وأبو صبري، وأبو الوليد، وأبو يوسف، وكمال عدوان، وماجد أبو شرار وغيرهم، وكل واحد منهم له قدره و له احترامه، لكن ابو عمار كان هو دائما يُشِيع الأمل في نفوس الناس وكان دائما حامل لواء التفاؤل وحامل لواء الثورة وما كان يخاف، وكان دائما براغماتيا واقعيا ومستعدا لأن يتعامل مع كل شيء في سبيل قضيته وحتى لو كان في الأمر اخترق الخطوط الحمراء.
رغم النكسات التي أصابت حركة فتح، وأهم هذه النكسات هي انتخابات 2006، هذا حصل ليس بفعل تفوق الآخرين بل بسبب تقاعسنا، واختلافنا، ودائما حركة فتح في القيادة ولا زالت في القيادة ولا زالت في الريادة، ورغم كل شيء لكن لا زالت تحمل لواء الكفاح، تحمل لواء النضال وستبقى، وأنا أعتقد ان هذه الحركة ستستمر ليس للتحرير، وإنما بعد التحرير كحركة تحرر وطني لها تاريخها المشرّف .
لقد عملنا ثورة بالمجهول، وكنا محارَبين من الجميع ومن أشقائنا، وأحد الأمناء العامين المساعدين لجامعة الدول العربية قال 'اقتلوهم حيث ثقفتموهم'، ويوم انطلاقتنا اتهمونا 'حزب السانتو والاستعمار'، الذي يخرب مخططات الدول العربية، ورددوا هذا الكلام لاتهامنا بالخيانة، والعمالة، ومع ذلك صمدنا واستمرينا وتشردنا من بلد الى بلد الى بلد، وتعرض أبو عمار وتعرضنا لإهانات كثيرة لكن تحمّل وتحمّلنا، والحمد لله، الآن نحن في بلدنا على أرضنا ولن نخرج من هنا، وسنبقى أحياء أو اموات، باقون حتى يجيء الاستقلال، وإن لم يأتي خلال جيلنا، فإن الجيل المقبل بالتأكيد سيشهد الاستقلال.