الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    الاحتلال يشرع بهدم بركسات ومنشآت غرب سلفيت    الاحتلال يعتقل شابا ويحتجز ويحقق مع عشرات آخرين في بيت لحم    10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات    استشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارين لدعم "الأونروا" ووقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب  

الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب

الآن

عليك مني السلام.. يا قدسنا- حنان باكير

قرأت ذات مرة.. أن المتصوفين العرب كانوا يعتقدون، أن القدس تقع في نقطة هي الأقرب الى الجنة والى الجحيم.. على تلالها تستطيع أن تستمع الى تسابيح الجنة وتشم رائحتها. وفي وديانها تستمع الى صراخ الجحيم وتشم رائحته.. ولذلك كان المتصوفون يرفضون الإقامة فيها، وينصحون الناس بمغادرتها ليلا، لأنها مدينة البكاء.
وقرأت قبل سنوات في مجلة أميركية، عن لوثة يسمونها "جيروزالم سيندروم"، والتي تصيب المتدينين من بلاد الغرب، عندما يزورون القدس.. وكيف يهيمون على وجوههم في المدينة، أو يهرولون بلا هدف يتمتمون صلواتهم.. وجميعهم يصابون بذات العوارض. 
في التاريخ القديم، تاريخ ما قبل الديانات السماوية الثلاث، كانت القدس/أورشليم.. مهوى أفئدة ومقصد الأمم المختلفة للتبرك بها! وأورشليم، هو الاسم الكنعاني الذي حافظ عليه اليهود، ليعطوا أنفسهم بعدا أعمق في تاريخ المنطقة.
كتبتْ لي صديقتي التي زارت القدس:
شارفت على أبواب مدينة القدس. بدت لي حزينة. ومثل صخرة أسطورية عملاقة. خشيت التحديق بها. حتى لا أصاب بتلك اللوثة أو الهلوسة. جبت شوارعها. ولم أسمع لا تسابيح الجنة ولا صراخ الجحيم. فقط.. لملمت من الفضاء أصوات الثوار الذين دافعوا عن المدينة. سمعت صوت عبد القادر الحسيني الغاضب، بعد أن عاد محبطا من دمشق، إذ لم يسلم السلاح الذي جمع لثوار فلسطين، فقرر الدفاع عن القدس مع رجاله حتى الموت. صور الرحيل تمثلت امام ناظري، مثل شريط سينمائي!
زرت الكنائس التي غصت بالبشر من أصحاب البشرة البيضاء والعيون الزرق والشعر الذهبي. يهيمون مع التراتيل ويدْمعون. وأمام حائط المبكي، صلوات تشبه النواح وبأصوات مرتفعة. تشكيلة الأمم هنا.. لا تتشابه ولا تندغم مع أثير المكان. وفي باحة المسجد الأقصى، تجمعت ايضا أمم لا تشبهنا ربما جاءوا من اندونيسيا وماليزيا.. قلت في سري: يا الهي! جميع الأمم صادرت هذا المكان الذي هو لنا.. وصار يحق لهم المجيء والإقامة، بينما يحرم منها أصحابه!
لا أخفي عليك يا صديقتي، الشعور بالاختناق الذي أصابني! أين إذن هو شعبي؟ أين ناسي؟ أين من أحببتهم من دون أن أعرفهم؟ هرولت بلا وعي الى الشوارع العتيقة، والسوق القديمة، أبحث عنهم.. بحْث أم أضاعت طفلها.. لقد وجدتهم. دخلت محلاتهم لبيع التذكارات. جلست القرفصاء في الطريق أرقب وأحدث الفلسطيني الذي يقشش الكراسي. لكنتهم الفلسطينية سكنت من روعي، وأعادت لي بعض الحياة. فتنفست ملء رئتي. ها هي قدسي وأورشليمي الكنعانية!
أورشليم، القدس، يبوس.. إيلياء، كلها أسماء تحمل معنى دينيا، كيف حشد الاله كل رسالاته في هذه البقعة الصغيرة، وشسوع الكون لا حدود له.. ولماذا لم يوزعها في العالم؟ الصدفة مثلا؟ لحكمة لم نكتشفها بعد؟ أم أن أمرا دنيويا خطط لهذا المكان؟ 
هنا مر فرسان الإبراهيمية وتلوا مزاميرهم.. وعرضوا أعاجيبهم وغادروا، مخلفين لنا إرثا ثقيلا ننوء بدفع ثمنه.. عندما سقط المدافعون مضرجون بدمائهم، لم يسقطوا كرمى الرسالات والرسل، لكن كرمى أرضهم وانسانهم.
كتبت لصديقتي باختصار: هل تعتقدين أنك نجوْت من اللوثة؟ هذه لوثة وهلوسة من نوع آخر.. لوثة تعلقنا بوطننا.. اللهم لا نسألك الشفاء منها.. آمين.

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024