دلال المغربي.. اسطورة حية- عيسى عبد الحفيظ
عام 1958 وفي احدى مخيمات اللجوء في بيروت، انطلقت صرخة الطفلة الفلسطينية الاب واللبنانية الام دلال المغربي لتشهد فيما بعد مأساة شعبها في اللجوء. والدها الفلسطيني الذي هجر قسرا من مسقط رأسه وتوجه الى لبنان كلاجئ فقد وطنه وبيته وحقله، تزوج من لبنانية لينجب منها توأما دلال ومحمد المغربي.
لم يكن امام دلال الا مدارس الوكالة، فدخلت مدرسة (يعبد) في المخيم واثناء تلقيها التعليم انخرطت في الحركة الفدائية حين كانت الثورة في ذروتها وكان العصر الذهبي للتواجد الفلسطيني هناك. كانت حركة فتح هي الوعاء الكبير الذي ضم الغالبية العظمى من ابناء الشعب الفلسطيني وخاصة من مخيمات لبنان المقهورة التي ذاقت الامرين على ايدي اجهزة الامن والتهميش حينما كان ينظر اليهم من البعض بأنهم ليسوا اكثر من تكدس بشري ومصدر للايدي العاملة الرخيصة.
عام 1978 تعرضت الثورة ما سمي بعملية اجتياح الجنوب اللبناني، فاصبحت العمليات النوعية مطلبا ملحا، فقرر الشهيد القائد ابو جهاد ان يرد على تلك الهجمة الاسرائيلية بطريقة اخرى، فوضع خطة عملية انزال على الشاطئ الفلسطيني واطلق عليها اسم عملية الشهيد (كمال عدوان).
قضت الخطة بالانزال، والاستيلاء على باص والتوجه الى تل ابيب نفسها لمهاجمة مقرات عسكرية اسرائيلية، وتم اختيار عشرة شباب من كل الذين ابدوا استعدادا للمشاركة في العملية وكانت دلال تحمل الرقم 11 وهي التي تأتي في المرتبة الثانية في قيادة المجموعة.
في الحادي عشر من آذار عام 1978 نزلت دلال مع فرقتها من قاربين مطاطين الى شاطئ تل ابيب حيث توجهوا الى الطريق الرئيس وسيطروا على حافلة تقل 30 راكبا غالبيتهم من الجنود، وحافلة اخرى بلغ مجموع ركاب الحافلتين 68 راكبا، وضعتهم مجموعة دلال المغربي في حافلة واحدة واتجهت بهم الى الشمال الفلسطيني على الطريق الواصل بين يافا وحيفا.
طاردتهم قوات الجيش الاسرائيلي بطائرات مروحية ومجنزرات وسيارات مصفحة بينما كان تبادل اطلاق النار مستمرا عبر كل تلك المسافة الى ان تم تعطيل الحافلة قرب هرتسيليا.
هناك، اندلعت معركة شرسة كانت بمثابة حرب حقيقية بين المجموعة والقوات الخاصة الاسرائيلية بقيادة ايهود باراك.
عند اقتحام الحافلة قامت المجموعة بتفجيرها وقتل من فيها من جنود وغيرهم وسقط العشرات، وبقيت المجموعة تقاوم باطلاق النار حتى نفدت ذخيرتهم، فأصدر باراك اوامره بتصفيتهم جميعا فورا.
ما زالت جثة دلال حتى الآن في مكان ما من فلسطين، وبقيت كمثل شجرة تكبر وتنمو في تربة الوطن.