اشتروا زمنا في القدس - حافظ البرغوثي
دعينا الى لقاء تعارفي مع الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي اياد المدني وهو اعلامي بارز ورجل جاءنا لسبر غور سبل مساعدة شعبنا وقدسنا ومقدساتنا وأهل القدس في رباطهم في مدينتهم المقدسة.
بالطبع كان الرجل يسأل ويريد أن يعرف، فهو يريد كسر الحصار عن القدس ويريد حث المسلمين على زيارة المدينة والتعامل مع أهلها حتى يبدد حالة الضياع التي تعيشها المدينة تحت قبضة الاحتلال ومستوطنيه.
وهو هنا يناقض الدعاوى المشبوهة التي تساوي بين الجلاد والضحية، التي اطلقها القرضاوي ومن على شاكلته من حزبيين لا يرون العالم الا من منظور حزبي سياسي ضيق ويكيفون الدين على مقاساتهم.
كان المرحوم الشهيد فيصل الحسيني فتى القدس وابن شهيدها عبد القادر أول من رفع شعار "اشتر زمناً في القدس"، داعياً العرب والمسلمين الى زيارة المدينة لكسر الحصار وذلك في أعقاب الانتفاضة الأولى.
وقال وقتها ان زيارة السجين لا تعني تطبيعاً مع السجان، وكرر الرئيس أبو مازن ذلك، لكن الذين يوسوس لهم شيطان الحزبية عارضوا ذلك بحجة أن الصلاة في المسجد الأقصى تعتبر تطبيعاً مع الاحتلال.
وقد كررت على مسمع الأمين العام لمنظمة التعاون، وأتوسم فيه الأمانة في خدمة منصبه الذي يمثل 57 دولة اسلامية، اقتراحاً قديماً لغرس القدس في الوجدان العربي والاسلامي عن طريق ابتعاث أو منح تفرع سنوية لكتاب وأدباء وشعراء وفنانين ومؤرخين ورسامين وباحثين للاقامة في القدس وانتاج أفلام وكتب وشعر وأدب وأبحاث ودراسات عن المدينة المقدسة ونشرها في العالم الاسلامي وترجمتها أيضاً حتى تصل الى كل مسلم في بلده وتبقى القدس في الوجدان الى أن يقيض الله لها من يخلصها من الاحتلال.
وهذا الاقتراح تكلفته لا تزيد عن انتاج فيديو كليب لراقصة أو مغنية لكنه ينتج عشرات الكتب والدراسات والأعمال الأدبية لاعلام في مجالهم لكل من استطاع الى القدس وصولاً، فالاحتلال يصدر عن القدس سنوياً ما لا يقل عن 150 كتاباً مختلفاً، بينما تخلو المكتبة العربية والمسرح والرواية والسينما والتلفزيون من أية أعمال، فهل نطمح الى تبني جهة اسلامية هذا الاقتراح؟
لعل وعسى، والله من وراء القصد.