"شارلي إيبدو " سؤال التوقيت والغاية
كأنه كان في انتظار هذه العملية الارهابية البشعة، ضد صحيفة "شارلي إيبدو" في العاصمة الفرنسية باريس، ليذهب سريعا الى ابشع استغلال سياسي وعنصري لدماء ضحاياها الابرياء، نعني رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي راح يعمم في ادانته لهذه العملية، حيث ينبغي التخصيص والتحديد: (الاسلام المتطرف لايريد غير القضاء على حضارة الغرب وثقافته ...!!) لا جماعات متطرفة لا تريد غير اشاعة تلك "الفوضى الخلاقة" ولا احد يعرف على وجه اليقين، مرجعياتها الحزبية او السياسية وحتى العقائدية، بما يشي بمرجعيات مخابراتية لها اكثرمن اي شيء اخر.
في هذا التعميم لم ير نتنياهو "احمد مرابط" المسلم الذي كان احد ضحايا هذه العملية الاجرامية، ولن يراه بطبيعة الحال، لأن اليهودي وحده الضحية دائما في تلفيقات الفكرة العنصرية الاسرائيلية، الضحية التي يريدها نتنياهو حطبا لنيران سياساته الاستيطانية، ولهذا يدعو يهود فرنسا للهجرة الى اسرائيل بايحاء انهم "هنا" اكثر امنا وامانا ... !! ضاربا بذلك السلم الاجتماعي الفرنسي ومنظومته الامنية عرض الحائط، بل ومشككا باستقرار الدولة الفرنسية وتماسكها.
لا نظن ان دعوة نتنياهو هذه، دعوة عاطفية او انفعالية، بمقدار ما يحاول رئيس الحكومة الاسرائيلية ان يبدو "وطنيا" فيها، ولأنها ليست كذلك بدلالة طبيعة استغلاله لهذه العملية الارهابية، فان الايحاء الذي اشرنا اليه، هو ايحاء مقصود تماما في غايته السياسية
لا من حيث الدفاع عن امن يهود فرنسا وسلامتهم، وانما من حيث ما يريد على ما يبدو ضد الدولة الفرنسية، كعقاب لها على موقفها في مجلس الامن الدولي الى جانب مشروع القرارالفلسطيني العربي، الذي اراد سلاما ممكنا عبر مفاوضات جادة تنهي الاحتلال الاسرائيلي وفق سقف زمني محدد.
في معادلات المنطق وحساباته، كما في معادلات السياسة وتحليلاتها، لا تخرج عملية " شارلي إيبدو" عن هذا الاطار، خاصة ما يتعلق بتوقيتها، الذي يبدوكتوقيت ضربة وقائية تستهدف منع تطورالموقف الفرنسي بشأن القضية الفلسطينية ومشروعها الوطني للتحرر والخلاص من الاحتلال.
ويبقى ان نقول : الاسلام منذ اربعة عشر قرنا لايسعى لتدمير حضارات الاخرين، وقد اثرى العديد منها بقيم المحبة والتسامح، قيم الحق والعدل والجمال حتى في المعرفة التي اوصلت ساعة هارون الرشيد لشارلمان ملك الفرنجة عام 807 ميلادية، ولهذا ليست هذه العملية الارهابية البشعة، عملية اسلامية للدفاع عن الرسول محمد صلوات الله عليه وسلامه، وهو العصي على الاهانة بما حمل واوصل من رسالة سماوية مقدسة، بل هي عملية تلك الدوائر المعادية التي لاتريد خيرا للاسلام والمسلمين الذين بات بعضهم القليل مع الاسف الشديد، ادوات وتبعا لتلك الدوائر، اثر ما يمكن وصفه بخيانات "شيوخ" عقائدية لطبيعة الاسلام السمحة، وحقيقته الانسانية الساعية للسلام والمحبة والكلمة الطيبة، التي هي صدقة طبقا للرسول الكريم محمد (ص) في احاديثه الشريفة.
نعم ليست هذه العملية التي ندينها بشدة، إلا عملية مشبوهة بكل المعايير والحسابات، ولاصلة لها بالاسلام وحقيقته.
لضحايا " شارلي إيبدو " الرحمة ولذويهم عزاؤنا من القلب، حمله امس الرئيس ابو مازن في مسيرة باريس ضد الارهاب، هذا الذي ما زال شعبنا الفلسطيني من اكثر الذين يكتوون بنيران غايات اصحابه المعادية والظالمة، من حيث انها غايات العبث والدمار والفوضى التي لن تكون خلاقة ابدا.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير