مع فرنسا الحرية - حافظ البرغوثي
لست مع الشعار الذي رفع في فرنسا كلنا «شارلي إيبدو» ولا مع الشعار المضاد كلنا الاخوان «كواشي» فلا علاقة لنا بالاثنين.. فلسنا مع اهانة الاديان لأننا مؤمنون بالله وملائكته ورسله لا نفرق بين أحد من رسله.. ولسنا مع الارهاب أيضاً سواء كان مادياً او معنوياً، لكننا مع فرنسا أم ثورة الحرية والأقرب الينا أوروبيا في سياساتها، والتي يعيش فيها الملايين من أصول عربية كمواطنين أحرار.. فالتطرف والارهاب ليسا نبتاً شيطانياً بل جرى تسمين هذه المشاعر اللاانسانية لأهداف خبيثة انتزعت من الاسلام مسمى «الجهاد» لتستخدمه في غير مكانه سواء في افغانستان ضد السوفييت أو في البلاد العربية ضد المجتمعات والدول, وتحولت افغانستان بفعل مخطط أميركي الى حاضنة للارهاب وكذلك انزلقت سوريا في ذلك ودفعت المخابرات الغربية بتيارات وشخوص جهادية أفسدت الثورة السورية. فالارهاب هذا صنيعة المخابرات خاصة الأميركية ومن يتعاون معها عربياً ودولياً، واذا انقلبوا على صانعيهم فهذه مشكلة الصانعين ولا يتحمل الدين الاسلامي أية تبعيات جراء «الاسلاموفوبيا» التي انتعشت كحركات عنصرية ضد الاسلام والعرب في الغرب. فالذين هاجموا الصحيفة الفرنسية لم يتورعوا عن قتل شرطي مسلم كان جريحاً وأجهزوا عليه.. والعامل المسلم في المتجر اليهودي أنقذ حياة المتسوقين واخفاهم في الثلاجة وعاد الى المتجر مغامراً بحياته. فالمسألة ليست حرباً بين المسلمين وغيرهم.
لكن في هذا السياق تبقى مقولة حرية التعبير وهذه طرحت بعد المذبحة في الصحيفة فهل حرية التعبير بلاحدود؟ هذا ما يحتاج الى نقاش وجدل بدأ البعض يتحدث عنه في الغرب. فالدين نهى عن سب الآخرين حتى لا يتخذوا من ذلك مبرراً لسب الله سبحانه. حيث أوصانا في سورة الأنعام «ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم الى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون».فالتحدي الآن هو محاربة الارهاب بكل اشكاله والعنصرية بكل صيغها والوانها, لأن الانتقائية في محاربتها كما يحدث الآن ليست حلا لأن هناك ارهاب دول وارهاب احزاب وجماعات وتيارات مذهبية ودينية وفاشية وعنصرية، فليست داعش والقاعدة هما الارهاب الوحيد. ولعل فرنسا الاكثر دعما لقضايانا تدرك اكثر من غيرها هذه الحقائق لذا نقف الى جانبها ونتضامن معها.