لن نتقاعس في إنهاء الاحتلال - جعفر فرح
رفضت الكنيست عام 1963 اقتراح قانون الغاء الحكم العسكري على الجماهير العربية بأغلبية 57 صوتا ضد 56، وحصلت الحكومة على الأغلبية المطلوبة لتمديد الحكم العسكري على ما تبقى من شعبنا بفضل أصوات عضوي الكنيست العرب عبيد دياب وجبر الداهش معدي. نجحت جماهيرنا العربية في اقتلاع الحكم العسكري وأجرت تغييرا في قيادة الجماهير العربية وعمقت هذه الجماهير وقيادتها من تأثيرها السياسي ما أدى الى مصادقة الكنيست عام 1993 على قرار عودة منظمة التحرير الفلسطينية (ما عرف بحينه بالتنظيم الإرهابي) بقيادة ياسر عرفات الى أرض الوطن. صادقت الكنيست على اتفاق اوسلو بأغلبية برلمانية عددها 61 عضو كنيست بينهم أعضاء الكنيست العرب الذين منحوا حكومة رابين الاغلبية البرلمانية المطلوبة للمصادقة على إتفاق الإعتراف في منظمة التحرير الفلسطينية ما سمح بعودة المنظمة وآلاف المقاتلين الفلسطينيين المسلحين الى أرض الوطن وساهم في تحرير آلاف الأسرى وعودتهم الى عائلاتهم.
لا نعرف اذا كنا على عتبة تاريخية ستنهي الاحتلال وتساهم في تحرير الاسرى وتسمح لشعبنا في اعادة بناء ذاته بعد الدمار الذي عاني منه منذ الاحتلال التركي والبريطاني والنكبة. لا يستطيع احد منا ان يجزم اننا في لحظة إنتخابية تاريخية تشبه سنوات 1966 و 1992. ولكن الواضح ان ضميري لن يسمح لي أن أتقاعس عن المساهمة في الجهد الفلسطيني المبذول لإنهاء الاحتلال والاستيطان وتحرير الاسرى. الى جانب النضال الشعبي والاعلامي والدولي فإن التمثيل السياسي للجماهير العربية الفلسطينية في الكنيست مهم ومن الممكن ان يتحول لمصيري في لحظة تاريخية مناسبة.
أذكر ولأسباب شخصية لن أدخل في تفاصيلها في هذه المرحلة أيام اعتقلت فيها الشرطة الاسرائيلية عشرات الشبان وسجنتهم بسبب رفع العلم الفلسطيني في شوارع حيفا. وأذكر ايام زيارات المعتقلين بهذه التهمة في السجون الاسرائيلية وأذكر لقاءاتي كرئيس للاتحاد القطري للطلاب العرب في الجامعات مع مدير بيت الشرق فيصل الحسيني الذي سجن عدة مرات بتهمة إنتمائه الى منظمة التحرير الفلسطينية. واشاهد في السنوات الاخيرة أولادي وأولاد الناس يرفعون العلم الفلسطيني اليوم بحرية وبفخر ودون خوف واعرف ان لولا نضالنا السياسي والثمن الذي دفعناه لكان هذا العلم ممنوعا.
لا يقتصر الحراك السياسي لمجتمعنا الفلسطيني على التمثيل البرلماني ولكنه يجب ان يشمل النضال البرلماني لاهميته في إتخاذ القرار السياسي على حياة كل أسير وكل لاجئ وكل فلاح تصادر أرضه. الحراك السياسي للجماهير العربية اعاد 21 الف دونم من أراضي الجليل أغلقتها الحكومة الاسرائيلية قبل يوم الارض عام 1976. الحراك السياسي هو الذي أجبر الحكومة على ان تعترف بعشرات القرى غير المعترف بها مثل عرب النعيم والخوالد وعين حوض. أذكر المرة الاولى التي زرت فيها عين حوض وكانت قرية غير معترف بها يهددها الهدم اليومي ووصلنا اليها لندافع عن منازلها في وجه اوامر الهدم. وازورها في هذه الايام وأدخل من شارعها الرئيسي المعبد وأتجول بين مطاعمها ومنازلها يغمرني شعور بالفخر انني ساهمت ولو قليلا في الاعتراف بهذه القرية وفي تحصيل حق أطفالها في العيش الأمن في دولة مارست الهدم وما زالت تمارسه في العراقيب. حين ازور عائلة الشيخ صياح الطوري "ابو عزيز" في العراقيب وأسمع قصص الهدم المتواصلة والمعاناة اليومية أشعر بمسؤولية إنقاذ هذه العائلة وآلاف العائلات العربية في النقب التي تعاني يوميا من سياسة الهدم والتجهيل والتشريد. نعم نجحنا في تحصيل الإعتراف وبفضل نضالنا نجحنا في انتزاع الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني ولكننا لم ننتصر على العنصرية والاحتلال نهائيا وعلينا تحمل مسؤوليتنا التاريخية لنضمن حياة كريمة لشعبنا.
أتجنب الخوض في تفاصيل النقاش الإنتخابي للكنيست وأتجنب الدخول في تفاصيل تركيبة القوائم او "القائمة المشتركة" وما يهمني فعلا ان نتحرك سياسيا وإقتصاديا وثقافيا لنبني مستقبلا أفضل لشعبنا المشرد والواقع تحت الإحتلال ويعاني من الإستيطان ولشعبنا داخل اسرائيل والذي يعاني من التمييز والتهميش والعنصرية. قدرتنا السياسية مهمة ومصيرية لنا ولعائلاتنا ولباقي أجزاء شعبنا. هذه هي معركتنا الحقيقية في هذه الإنتخابات ومهمة إعادة تنظيم مجتمعنا الفلسطيني يجب ان تبدأ مباشرة بعد الإنتخابات القريبة.